كريتر نت – متابعات
تتسارع الأحداث بشكل لافت في ما يخص طلبات الاستحواذ على مانشستر يونايتد الذي أبدى ملاكه (عائلة غليزر) انفتاحهم على فكرة بيع النادي. وحسب صحيفة “تلغراف”، فإن مستثمرين سعوديين يستعدون لتقديم عرض من أجل شراء مانشستر يونايتد، ليدخلوا بذلك في منافسة مع التحالف القطري الراغب في الاستحواذ على النادي. وسيقدم الملياردير البريطاني جيم راتكليف أيضا عرضا لشراء الفريق. كذلك أجرت شركات خاصة في العاصمة السعودية الرياض استفسارات رسمية، ويبدو أنها مستعدة لإتمام أكبر صفقة في تاريخ الرياضة.
وأفادت صحيفة “تلغراف” الإنجليزية أن مستثمرين سعوديين قد يقدمون عرضا لشراء نادي مانشستر يونايتد لكرة القدم الذي تم طرحه للبيع في نهاية نوفمبر من قبل مالكيه الأميركيين (عائلة غليزر). وكتبت الصحيفة أن “عدة مجموعات خاصة في الرياض استفسرت رسميا” مع البنك الأميركي رين المسؤول عن عملية البيع من قبل غليزر. وتابعت “يبقى أن نرى ما إذا كانت المملكة العربية السعودية ستقدم بالفعل عرضا أم لا” و”لكن الوسطاء الذين يعملون نيابة عن عدة مجموعات في البلاد قد وقعوا للوصول إلى المستندات المتعلقة بالبيع”.
وفي حين أن الملياردير البريطاني جيم راتكليف، مالك مجموعة البتروكيماويات “إنيوس” وناديي نيس الفرنسي ولوزان السويسري، هو الوحيد الذي أعلن عن رغبته بالشراء، تؤكد “تلغراف” أن عائلة غليزر قد “تلقت العديد من العروض التفصيلية” وجهتها بالتحديد قطر. وتأمل العائلة المالكة في إتمام الصفقة قبل نهاية أبريل المقبل. وفي حين تفضل بيع جميع أسهم النادي، إلا أنها لا تستبعد البيع الجزئي أو حتى أقلية الأسهم.
وبعدما تملك صندوق الاستثمارات العامة السعودي نادي نيوكاسل في أكتوبر 2021 مقابل ما يزيد قليلا عن 350 مليون يورو، من الضروري في حالة الاستحواذ على نادي “الشياطين الحمر” أن يتم الإثبات للاتحاد الأوروبي لكرة القدم أن الناديين يديرهما كيانان منفصلان، إذا كانوا يريدون المنافسة بحرية في المسابقات الأوروبية.
ولا يشذّ الأمر بالنسبة إلى عرض دولة قطر التي تملك نادي باريس سان جرمان الفرنسي. وأكد مصدر مطلع على القضية أن مقدمي العرض القطري لمانشستر يونايتد لا علاقة لهم بشركة قطر للاستثمارات الرياضية مالكة النادي الباريسي ولا بشركتها الأم، صندوق الثروة السيادي.
وحُدد تاريخ الجمعة كموعد نهائي لتقديم العروض، لكن الصحيفة البريطانية ذكرت أنه ككيان مدرج في بورصة نيويورك، فإن مانشستر يونايتد وممثليه ملزمون قانونا بالنظر في أي عرض يصل بعد هذا التاريخ. وبإمكان يونايتد الذي تتجاوز قيمته السوقية 4 مليارات يورو أن يحطم الرقم القياسي لأكبر عملية بيع لأحد الأندية الرياضية. وبيع تشيلسي في مايو مقابل 4.8 مليار يورو لمستثمرين أميركيين، لكن المبلغ شمل 2 مليار يورو في وعود الاستثمار.
استثمار جديد
وكان لدى الملاك الجدد المحتملين لمان يونايتد مهلة للكشف عن اهتمامهم بشراء أحد أكبر الأندية في العالم، وسط تقارير صحافية بريطانية عن عرض قطري لشراء “الشياطين الحمر”، ما قد يثير موجة صدمات في أروقة الكرة الأوروبية، في حال نجاحه. وفتحت عائلة غليزر الباب أمام استثمار جديد في العملاق الإنجليزي في نوفمبر الماضي، إما في شكل حصة أقلية أو استحواذ كامل.
ورغم أنها لا تحظى بشعبية كبيرة بين المشجعين مُنذ أرهقت النادي بديون ضخمة بعد عملية استحواذ بقيمة 790 مليون جنيه إسترليني (961 مليون دولار) في العام 2005، فإن عائلة غليزر مستعدة للانسحاب بأرباح هائلة.
وحسب تقارير إعلامية، فإن المالكين يسعون للحصول على ستة مليارات جنيه إسترليني لفك ارتباطهم ببطل أوروبا ثلاث مرات، وهو ما سيحطم الرقم القياسي لسعر نادي كرة قدم الذي سجّله تشيلسي العام الماضي. ودفع كونسورتيوم بقيادة تود بويلي مليارين و500 ألف جنيه إسترليني لشراء الـ”بلوز” مع وعد بقيمة 1.75 مليار جنيه إسترليني إضافية في استثمارات مستقبلية بالبنية التحتية واللاعبين.
وحتى الآن، وحده الملياردير البريطاني راتكليف تقدّم رسميا وعلنا كشارٍ محتمل ليونايتد. لكن التقارير التي تتحدث عن عرض مدعوم من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لا تزال قائمة.
ولقد سيطر نادي باريس سان جرمان على كرة القدم الفرنسية منذ أن استحوذت عليه شركة قطر للاستثمارات الرياضية التابعة لصندوق الثروة السيادي للدولة في العام 2011، وجذب بعض أكبر نجوم اللعبة مثل الأرجنتيني ليونيل ميسي وكيليان مبابي والبرازيلي نيمار إلى ملعب “بارك دي برانس”.
وبعد أشهر فقط من استضافة بطولة كأس العالم 2022، فإن عرضا قطريا ناجحا سيمنح الدولة الخليجية مكانة في الدوري الإنجليزي الممتاز الأكثر مشاهدة في العالم. وقد تتيح ملكية يونايتد أيضا لقطر فرصة المفاخرة بين جارتيها الخليجيتين الإمارات والسعودية اللتين تملكان حصصا في الـ”بريميرليغ”.
وقد حوّل استثمار أبوظبي في مانشستر سيتي الفريق إلى قوة مهيمنة في الدوري، حيث فاز بستة ألقاب في آخر 11 موسما، فيما يحلّق نيوكاسل عاليا في المركز الرابع وبلغ نهائي كأس الرابطة للمرة الأولى منذ 47 عاما، بعد 16 شهرا فقط من دخوله إلى كنف صندوق الثروة السيادية السعودي. لكن لا سيتي ولا نيوكاسل يحمل فخر يونايتد الظافر بعشرين لقبا في الدوري وقاعدة جماهيرية عالمية ضخمة.
وستكون أمام العرض القطري سلسلة من العقبات التنظيمية التي يجب إزالتها، فقد دعت منظمة العفو الدولية رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز إلى تشديد قواعد الملكية لضمان “امتثالها لحقوق الإنسان وليست فرصة لمزيد من الغسيل الرياضي”.
لكن السابقة التي حُدّدت في إعطاء الضوء الأخضر لاستثمار الإمارات والسعودية تجعل من غير المرجح أن يمنع الدوري الإنجليزي الممتاز عملية استحواذ. وقد تكون قواعد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا) التي تمنع فريقين من أن يكونا خاضعين “بشكل مباشر أو غير مباشر” من قبل الكيان نفسه من التنافس في دوري أبطال أوروبا، أكثر إزعاجا.
ويؤكد مصدر مطلع على ملف الاستحواذ على أن مقدّميه ليسوا على صلة بمالكي سان جرمان. ويقول المصدر إن “أهم شيء هو أن العارض المحتمل ليس شركة قطر للاستثمار الرياضي أو جهاز قطر للاستثمار، إنه صندوق مختلف تماما”. وستواجه محاولة التمييز بين الصناديق التي تتخذ من قطر مقرا لها، شكوكا من الأندية المنافسة. ورغم ذلك، وجد ناديا لايبزيغ الألماني وسالزبورغ النمساوي طريقة للالتفاف على قواعد “ويفا” وتمكّنا من المشاركة في المسابقة نفسها، بمعزل عن ملكية شركة “ريد بول” لهما.
وعاش يونايتد حالة ركود منذ مغادرة المدرّب التاريخي السابق للنادي الأسكتلندي السير أليكس فيرغيسون لملعب “أولد ترافورد”، مع حصده آخر لقب للدوري قبل عقد من الزمن. ولم يفز “الشياطين الحمر” بأي لقب منذ ست سنوات، وفشلوا في التأهل إلى دوري أبطال أوروبا هذا الموسم.
وقد يبشّر الموعد النهائي لتقديم الملفات يوم الجمعة ببداية حقبة جديدة ناجحة في النادي مدعومة بثروة قطر من النفط والغاز. ورغم ذلك، يبقى أن نرى كيف سيكون رد فعل مشجعي النادي الإنجليزي العريق إذا ما حصل العرض القطري على الضوء الأخضر.
مبالغ باهظة
بعرضه للبيع منذ نوفمبر الماضي سيكون مانشستر يونايتد الإنجليزي هدفا لعطاء بقيمة 5.1 مليار يورو من كونسورتيوم قطري، وهو دليل مرة أخرى على أن الأندية الرياضية أصبحت تُشتَرى بأسعار باهظة وباهظة جدا.
ووفقا لتصنيف قامت به المجلة الاقتصادية الأميركية “فوربس” في مايو الماضي، شهدت الأندية الأوروبية الكبرى مؤخرا زيادة كبيرة في قيمتها، حيث تقدر قيمة ريال مدريد الإسباني ومواطنه برشلونة بـ5.1 مليار دولار (4.8 مليار يورو) و5 مليارات دولار (4.7 مليار يورو) على التوالي، بزيادة قدرها 7 و5 في المئة مقارنة بعام 2021، يليهما مانشستر يونايتد بتقييم 4.5 مليار دولار (4.2 مليار يورو)، بارتفاع بنسبة 10 في المئة خلال عام واحد.
◙ مانشستر يونايتد عاش حالة ركود منذ مغادرة المدرّب التاريخي السابق للنادي الأسكتلندي السير أليكس فيرغيسون
ولوحظ ارتفاع القيمة السوقية للأندية خلال عمليات البيع الأخيرة لبعضها وأبرزها تشيلسي الإنجليزي الذي اشتراه كونسورتيوم أميركي بقيادة تود بوهلي، وهو رجل أعمال يبلغ من العمر 48 عاما، وهو أيضا شريك في فريق لوس أنجلس دودجرز للبيسبول، مقابل 4.25 مليار جنيه إسترليني (4.8 مليار يورو)، وبالتالي أصبح الفريق اللندني أغلى نادٍ في التاريخ في الرابع والعشرين مايو الماضي.
وتم إرغام المالك السابق لتشيلسي الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش على البيع بعد غزو بلاده لأوكرانيا، وذلك بعد 19 عاما من شرائه مقابل 170 مليون يورو.
ولا يقتصر هذا التضخم على الدوري الإنجليزي الممتاز، ففي الحادي والثلاثين أغسطس الماضي تم بيع نادي أي.سي ميلان الإيطالي مقابل 1.2 مليار يورو للصندوق الأميركي “ريدبيرد” من قبل “إليوت مانجمنت”، وهو صندوق أميركي آخر، وتم شراء أولمبيك ليون في الثامن عشر ديسمبر الماضي مقابل 800 مليون يورو من طرف “إيغل فوتبول”، وهي شركة استثمارات لرجل الأعمال الأميركي جون تيكستور الذي يملك أيضا أسهما في أندية مولينبيك البلجيكي وبوتافوغو البرازيلي وكريستال بالاس الإنجليزي.
ولفترة طويلة، كانت الفرق الأميركية لكرة السلة والبيسبول وكرة القدم الأميركية هي الأغلى. ففي عام 2012، تم شراء فريق لوس أنجلس دودجرز للبيسبول مقابل ملياري دولار من قبل كونسورتيوم من المستثمرين بقيادة أيقونة الدوري الأميركي للمحترفين ماجيك جونسون، بدعم من شركة غوغنهايم بارتنرز المالية العملاقة.
وكان النادي مملوكا سابقا من فرانك ماكورت المالك الحالي لنادي أولمبيك مرسيليا الفرنسي الذي استثمر 430 مليون دولار “فقط” لشراء دودجرز في عام 2004.
أسعار خيالية
ثم استمر الارتفاع في أسعار الشراء بطريقة محسوبة، وخاصة الاستحواذ على هيوستن روكتس لكرة السلة مقابل 2.2 مليار دولار في عام 2017 أو على نيويورك ميتس للبيسبول مقابل 2.4 مليار دولار في عام 2020.
وشهد عام 2022، كما هو الحال في أوروبا، نقطة تحول في الرياضة الأميركية، مع مبالغ شراء باهظة بشكل ملحوظ. ويعتبر ارتفاع عائدات حقوق البث التلفزيوني أحد الأسباب التي تفسر الأسعار الباهظة للشراء، حيث تفاوض اتحاد كرة القدم الأميركية على سبيل المثال على عقد مع أمازون وعدة قنوات بقيمة 110 مليارات دولار للمواسم الأحد عشر القادمة.
◙ عائلة غليزر الأميركية المالكة الحالية لمان يونايتد فتحت الباب أمام استثمار جديد في العملاق الإنجليزي
وفي الثامن يونيو استحوذت عائلة روب والتون مالك سلسلة الأسواق الممتازة “والمارت سوبر ماركت” على فريق دنفر برونكوس مقابل 4.65 مليار دولار أميركي. وفي عام 1984 دفع المالك السابق بات بولن 78 مليون دولار فقط للاستحواذ على برونكوس.
ولم يدخل والتون وابنته كاري بينر وصهره غريغ بينر في ملكية كولورادو بمفردهم، حيث انضم إليهم سائق الفورمولا واحد البريطاني لويس هاميلتون ورئيس مجلس إدارة ستاربكس ميلودي هوبسون. وفي الحادي والعشرين ديسمبر الماضي تغير ملاك فينيكس صنز لكرة السلة حيث دفع رجل الأعمال الشاب ماث إشبيا (42 عاما) 4 مليارات دولار للاستحواذ عليه.
وبعد ثمانية عشر عاما من شرائه من قبل رجل الأعمال الأميركي مالكولم غليزر مقابل 1.1 مليار يورو، يمكن لمانشستر يونايتد أن يتجاوز الرقم القياسي الذي سجله تشيلسي. ويأمل ورثة المالك الأميركي الذين استلموا النادي منذ وفاته عام 2014، في الحصول على مبلغ يقارب 6 مليارات يورو. وربما لم ينته الأمر، فقد يغير اسمان كبيران آخران في كرة القدم الإنجليزية ليفربول وتوتنهام ملاكهما قريبا.