منى المحروقي
مثّل الظهور المفاجئ للرئيس السابق لحزب الوطن والزعيم السابق لما كان يعرف بـ”الجماعة الليبية المقاتلة” المقربة من تنظيم القاعدة عبدالحكيم بلحاج على قناة موالية للقائد العام للجيش المشير خليفة حفتر والتي تبث من مدينة بنغازي إعلانا لولادة تحالف بين حفتر و”المقاتلة” المنخرطة في تحالف غير معلن مع رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة.
ولا يوجد نشاط واضح للجماعة الليبية المقاتلة لكن يشار في ليبيا إلى المجموعات الأكثر تطرفا من الإخوان بـ”المقاتلة” التي تتهم بتشكيل جماعات مسلحة انبثقت عنها تنظيمات متشددة مثل القاعدة وداعش في بنغازي ودرنة.
وفي حين ظل خصوم حفتر من الإخوان و”المقاتلة” لسنوات ينكرون وجود الإرهاب في درنة وبنغازي ويصفون المجموعات المتطرفة هناك بـ”الثوار”، وصف بلحاج في مقابلة على تلفزيون المسار الحرب في بنغازي ودرنة وأيضا سرت (حررتها قوات من طرابلس ومصراتة من تنظيم داعش) بأنها “حرب مقدسة”.
وأضاف “ثورة الكرامة التي اندلعت ضد الجماعات التكفيرية في بنغازي هي حرب مقدسة”، لافتا إلى أنه لم يطلب منه التدخل في الأحداث التي شهدتها المدينة ضد الجماعات التكفيرية.
◙ بلحاج اعتبر تكليف فتحي باشاغا برئاسة حكومة جديدة ليس مجرد ورقة يمنحها مجلس النواب دون التأكد من القدرة على الإنجاز
واعتبر بلحاج أن “هناك مؤسسة عسكرية نظامية في كل من برقة وطرابلس وخير دليل على ذلك هو وجود اللجنة العسكرية 5 + 5”.
ووصل عبدالحكيم بلحاج في أبريل الماضي إلى طرابلس بعد سنوات من مغادرته ليبيا حيث اختار الإقامة في تركيا بعد ترتيبات أمنية أفضت إلى خسارة المجموعات المسلحة المحسوبة على “المقاتلة” لمواقعها في طرابلس عقب وصول حكومة فايز السراج إلى السلطة في 2016. وبينما كان مراقبون يرجحون إمكانية إشعاله حربا في طرابلس يبدو أنه قد نجح في التقريب بين حفتر والدبيبة.
وأشار بلحاج المقرب من تركيا إلى تواصله المستمر مع السياسيين والعسكريين في المشهد الليبي من ضمنهم خليفة حفتر، حيث لفت إلى “تواصله معه مرات عدة وفي أكثر من مناسبة”، معتبرا أن من حق حفتر تقديم رؤاه وأفكاره.
وظهرت خلال الأشهر الماضية علامات تقارب بين حفتر والدبيبة كان أبرزها تعيين فرحات بن قدارة المقرب من قائد الجيش رئيسا لمؤسسة النفط.
واعتبر بلحاج أن حل الأزمة الراهنة يتمثل في إجراء انتخابات برلمانية فقط تقضي على جسمي مجلسي الأعلى للدولة والنواب كمرحلة أولى.
ورغم تصريحه بتراجع الحماس تجاه حكومة الدبيبة إلى النصف، إلا أن مقترح إجراء انتخابات تشريعية فقط يعكس تماهيا مع مبادرة كان قد أطلقها الدبيبة.
ويسحب مقترح إجراء انتخابات تشريعية فقط البساط من تحت رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، اللذين يماطلان منذ سنوات في إصدار القاعدة الدستورية، حيث بالإمكان إجراء الانتخابات التشريعية بناء على القانون رقم 4 لسنة 2012 والصادر عن المجلس الوطني الانتقالي، دون الحاجة إلى اعتماد قانون جديد أو قاعدة دستورية.
وفي حين يبدو أن التقارب الحالي يندرج في سياق التسويات الإقليمية خاصة التقارب بين تركيا والإمارات، إلا أنه من غير المستبعد أن يكون ظهور بلحاج إعلانا لاتفاق على إجراء انتخابات تشريعية فقط يتم بموجبها التخلص من مجلسي النواب والأعلى للدولة، مع حفاظ بقية اللاعبين على مواقعهم خاصة حفتر والدبيبة.
◙ مقترح إجراء انتخابات تشريعية فقط يسحب البساط من تحت عقيلة صالح وخالد المشري
وتتواتر الأنباء منذ وصول الدبيبة إلى السلطة بشأن سعيه لتنظيم انتخابات تشريعية فقط تأتي ببرلمان جديد يعيد تكليفه بتشكيل الحكومة، في حين لا يستبعد ليبيون أن يتم انتخاب رئيس للبلاد عن طريق البرلمان بمهمة شرفية.
وتنص مسودة مشروع الدستور الحالي للبلاد على أن النظام السياسي لليبيا رئاسي ما يعني أن الخطوة لن تتم إلا بتنقيح مشروع الدستور.
واعتبر بلحاج تكليف فتحي باشاغا برئاسة حكومة جديدة “ليس مجرد ورقة يمنحها مجلس النواب دون التأكد من القدرة على الإنجاز”.
وأشار خلال حوار مع برنامج “شأن عام” المذاع على قناة “المسار” إلى تواصله مع “مجموعات في طرابلس لحثّها على الانخراط في مؤسسات الدولة”، موضحا أنه يمارس عملا سياسيا ولا علاقة له بـ”إشعال حرب أو الدفع باتجاه انتقام”.
وأكد أن دعوته إلى إجراء الانتخابات جاءت كمطلب للقضاء على “ثنائيات الانقسام بوجود حكومتين وجيشين” في ليبيا، مشيرا إلى مراقبته للمشاورات بين مجلسي النواب والدولة لتطبيق ما جرى الاتفاق عليه في اجتماعات بوزنيقة والقاهرة.
وأشار رئيس حزب الوطن السابق إلى أن دولا عربية أدرجت اسمه على قوائمها للإرهاب بناء على قوائم مقدمة من مجلس النواب، مستغربا وضع اسمه على هذه القوائم في ضوء “مرور ليبيا بمرحلة انقسام وكل مجموعة لديها أجندة خاصة بها”.
وعبّر عن أمله في أن يتاح المجال لبناء حزبي صحيح حتى “ننافس كغيرنا ونعود إلى ممارسة العمل السياسي” لافتا إلى مشاركته في “كل الحوارات السياسية بصفته رئيسا لحزب الوطن” معتبرا أن عدم مشاركته في حكومة الوفاق السابقة “كان خطأ يقرّ به”.
وأكد بلحاج رفضه للتدخلات الأجنبية الهادفة إلى تقوية أطراف سياسية على حساب السيادة الوطنية التي اعتبرها إحدى ركائز الدولة، وأوضح أنه لا مبرر لأيّ تواجد عسكري أجنبي في ليبيا.
المصدر العرب اللندنية