كريتر نت – متابعات
أحدثت اتهامات رئيس نادي الزمالك المصري مرتضى منصور بحق مسؤولي نادي وفاق سطيف الجزائري أزمة رياضية وصل مداها إلى الاتحاد الدولي، بعد أن أخفقت الهيئات المسؤولة عن إدارة اللعبة بالقاهرة في ترويض الرجل ومحاسبته على مخالفاته التي فاقت التقاليد الرياضية، ودخوله في صراعات مع أطراف عديدة داخل المنظومة الكروية وخارجها.
وأثار انتقال لاعب وفاق سطيف السابق أحمد قندوسي إلى نادي الأهلي المصري أزمة بين الوفاق والزمالك، حيث خرج رئيس نادي الزمالك بتصريحات مثيرة للجدل مباشرة بعد إمضاء قندوسي في نادي الأهلي، إذ قال إن عبدالحكيم سرار اتصل به أولا وعرض عليه اللاعب.
وأعلن سرار رئيس مجلس إدارة نادي وفاق سطيف ملاحقة منصور قضائيا، وتقديم شكواه إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم، على خلفية تصريحات لرئيس الزمالك اتهم فيها سرار بـ”السمسرة”، والبحث عن عمولة مالية بطرق غير مشروعة، نظير انتقال لاعب وفاق سطيف قندوسي إلى الزمالك.
انتقال لاعب وفاق سطيف الجزائري السابق أحمد قندوسي إلى نادي الأهلي المصري أثار أزمة بين الوفاق والزمالك
ونجح فريق الأهلي المصري، الغريم التاريخي للزمالك، في الحصول على خدمات قندوسي بعد أن كان الزمالك على بعد خطوات من التعاقد معه، ما أثار حفيظة منصور، والذي تعرض إلى انتقادات حادة من أنصار ناديه في مصر عقب إخفاقه في إنهاء الصفقة وانتقاله إلى غريمه (الأهلي) وهو ما اعتبره جمهور الزمالك ضربة موجعة للفريق الذي يعاني من كبوة كروية مؤخرا.
وتمسك رئيس وفاق سطيف بمقاضاة رئيس الزمالك أمام القضاء المصري، واللجوء إلى الفيفا، بتهمة السب والقذف، وتوجيه منصور اتهامات له وصفت بـ”الخطيرة”، طالت شخصه، حيث أسبغ عليه صفات من نوعية “الفتى” و”السمسار”، ومحاولة تلطيخ صورته أمام الرأي العام، وهز علاقة وفاق سطيف مع رؤساء الأندية العربية، والإيحاء بأن مسؤولي النادي الجزائري لا يتعاملون بنزاهة مع صفقات اللاعبين.
وأدلى منصور بتصريحات ضد مجلس إدارة وفاق سطيف، وأذاع رسائل صوتية مسجلة من سرار يطلب فيها الأخير التفاوض مع ناديه بعيدا عن السماسرة، مطالبا منصور بأنه إذا أراد شراء اللاعب قندوسي فليدخل في تفاوض مباشر، بعيدا عن وسطاء، وزعم منصور أن سرار أرسل له “سماسرة سوريين”، قام بطردهم.
وانقلب الوسط الرياضي في مصر ضد منصور بعد وصول مناوشاته إلى الجزائر، وما قد يسببه ذلك من أزمة سياسية بين البلدين تذكر بأزمة نشبت بين رياضيين مصريين وجزائريين عام 2010 إثر مباراة بين منتخبي البلدين وقتها، وتصاعدت حدتها وكادت تخرج عن مسارها الكروي والرياضي عندما أرخت بظلال قاتمة على العلاقات المشتركة، حتى تم احتواؤها بصعوبة.
ويدخل ما قام به منصور في باب إعادة إثارة الاحتقان الجماهيري والوقيعة بين أنصار الزمالك ووفاق سطيف، وتصدير صورة سلبية عن الرياضة في مصر، وسط الجزائريين والعرب عموما، لكونه اعتاد الخروج عن النص والتجاوز بلا حساب.
واتخذت إدارة الأهلي المصري قرارا دبلوماسيا حاولت من خلاله معالجة سقطة رئيس الزمالك في حق وفاق سطيف بعدما قررت ترك اللاعب قندوسي مع منتخب بلاده المشارك في بطولة كأس أمم أفريقيا للمحليين وعدم مطالبته بالانضمام لبعثة الأهلي في المغرب للمشاركة في بطولة كأس العالم للأندية، وهو الموقف الذي أثنى عليه جزائريون وقارنوه بعشوائية الزمالك.
وأعلن سرار استقباله اتصالات هاتفية من مسؤولي الأهلي عقب تصريحات منصور، حيث أكد له محمود الخطيب رئيس الأهلي وقوفه الشخصي بجانبه لمواجهة التهم التي طالت شخصه، رغم أنه (أي الخطيب) تعرض لاتهامات خطيرة من رئيس الزمالك أيضا، على خلفية صفقة قندوسي، من بينها مزاعم بشأن تلقي إدارة الأهلي أموالا من جماعة الإخوان المصنفة إرهابية في مصر.
وسارع الاتحاد المصري لكرة القدم برئاسة جمال علام إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من صورة الرياضة في بلده بإصدار قرار قضى بوقف التعامل مع منصور، وإحالة جميع تجاوزاته إلى لجنة الانضباط.
ورفض رئيس الزمالك الخضوع للتحقيق معه أمام لجنة الانضباط الكروية، وأدلى بتصريحات مسيئة في حق أعضائها وسخر منهم بعبارات مسيئة، ما دفع اللجنة إلى تقديم استقالة جماعية لكونها تعمل في أجواء رياضية غير صحية، واستمرار الإساءات التي تصدر ضدها وطالت المنتمين إلى كل أطراف المنظومة الرياضية. وأعلن الحكم الإنجليزي السابق كلاتنبرغ المسؤول عن لجنة الحكام في مصر استقالته قبل أيام، بعد تعرضه لانتقادات شديدة من منصور، والذي ادعى أن الحكم السابق أقام علاقة جنسية مع رجل مثلي في القاهرة، وهي اتهامات تناولتها صحف إنجليزية بشكل أساء وفضح العشوائية في الرياضة المصرية.
وعلى وقع الأزمات المتتالية التي افتعلها رئيس الزمالك للمنظومة الكروية، سارعت وزارة الرياضة بتوجيه رسائل بأنها سوف تتدخل لمساندة اتحاد الكرة ولجنة القيم، لتطبيق اللوائح والقوانين وتحصين قرارات اتحاد الكرة إذا كان غير قادر على تنفيذها، وألمح أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة بإمكانية تقديم استقالته. وقال الإعلامي المصري خيري رمضان مقدم برنامج حديث القاهرة على فضائية “القاهرة والناس”، إنه تلقى اتصالا هاتفيا مع وزير الرياضة بعد قيامه بشن هجوم حاد على رئيس الزمالك واتهام مسؤولي الكرة بالتخاذل، مؤكدا أن الوزير أبلغه بتقديم استقالته إذا لم يستطع الوقوف ضد التجاوزات التي ظهرت مؤخرا، في إشارة غير مباشرة لرئيس نادي الزمالك.
ولا يزال مسؤولو الكرة يحاولون إصلاح الصورة السلبية التي كرسها منصور عن اللاعبين المصريين بعد أن فضح بعضهم أمام المنظمة الدولية لمكافحة المنشطات، بأن الدوري يضم لاعبين يتعاطون المواد المخدرة، وخص بالذكر لاعبين في الزمالك، وهما: عبدالله جمعة وأحمد فتوح، قبل أن يخرج هو نفسه لتبرئتهما لاحقا.
وأمام حالة الفوضى التي ضربت الرياضة في مصر على وقع المشكلات المتشعبة والمعارك التي يخوضها مع أطراف عديدة (اتحاد الكرة والحكام ووزارة الرياضة ولجنة الانضباط ومسؤولي الأندية المنافسة) لم تعد أي جهة لديها القدرة على التركيز والتخطيط لتطوير اللعبة وانتشالها من أزماتها ووضع الرياضة المصرية على الطريق الصحيح، لانشغال الجميع بمناوشات منصور ووصولها إلى الجزائر.