كريتر نت – متابعات
بانضمام الكتلة الديمقراطية إلى محادثات الاتفاق الإطاري في السودان بعد رفضها المشاركة، تتوسع دائرة المنخرطين في مفاوضات الحل السياسي، ما يذلل العقبات أمام التوصل إلى اتفاق نهائي تعود معه السلطة إلى المدنيين.
وتستعد قوى سياسية سودانية للمشاركة في ورش عمل ومبادرات تنظمها بعض الأطراف الإقليمية الأيام المقبلة، جميعها تدور في فلك الوصول إلى توافق بين القوى المدنية لتحريك جمود الاتفاق الإطاري، في وقت أعلنت فيه الكتلة الديمقراطية في قوى الحرية والتغيير التوافق على غالبية القضايا الخلافية بشأن الاتفاق.
وعقد نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان محمد حمدان دقلو “حميدتي” اجتماعا مع وفد للكتلة الديمقراطية، أعلن بموجبه عن التوصل إلى تفاهمات جديدة تشير إلى انضمام قوى فاعلة بالكتلة إلى الاتفاق الإطاري لتحويله إلى اتفاق نهائي.
وقال القيادي في الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية سليمان صندل عقب الاجتماع الذي استمر ست ساعات، مساء الأحد، “تم التوصل إلى توافق بنسبة 95 في المئة من قضايا الاتفاق الإطاري، واستكمال المشاورات حول ما تبقى، وليس هناك منطق أو مبرر لإهدار هذا القدر من الاتفاق بين الأطراف”.
وجاء الاجتماع قبل مغادرة وفد الكتلة الديمقراطية إلى القاهرة للمشاركة في الدعوة التي وجهتها مصر للقوى السياسية لتسهيل إقامة حوار سوداني – سوداني، الأربعاء المقبل.
وحركت زيارة رئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل للخرطوم، مطلع يناير، جانبا من المياه السياسية الراكدة، خاصة أن القاهرة واصلت الحوار مع قوى سياسية مختلفة عبر دوائر دبلوماسية الأيام الماضية، وإذا استمرت مقاطعة المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير دعوة الحوار في القاهرة ستبدو كأنها لا تؤيد الحل.
وأعقب التحرك المصري زيارة قام بها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد للسودان أخيرا، التقى خلالها رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان وأعضاء المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير في القصر الجمهوري بالخرطوم.
ودخلت أيضا دولة جنوب السودان على خط الأزمة بدعوتها إلى عقد ورشة عمل أخرى تناقش قضايا السلام في جوبا منتصف الشهر المقبل.
وقال مصدر مطلع بالكتلة الديمقراطية لـ”العرب” إن الكتلة ماضية في استجابتها لدعوة مصر لتسهيل الحوار السوداني – السوداني، وما جاء في اجتماع حميدتي وقيادات الحركات المسلحة المنضوية في الكتلة لم يأت بجديد مع التوافق على قدر كبير من التفاهم حول القضايا العالقة، والأزمة تكمن في عدم قبول القوى السياسية المنضوية تحت لواء الكتلة الديمقراطية والاكتفاء بحركتين مسلحتين، هما العدل والمساواة بزعامة جبريل إبراهيم، وتحرير السودان بزعامة مني أركو ميناوي.
وذكر الدبلوماسي بالخارجية السودانية سابقا السفير علي يوسف لـ”العرب” أن التحركات النشطة حاليا في السودان هدفها التوافق بين القوى المدنية لنجاح الاتفاق الإطاري، وهو ما يعد انعكاسا لتحركات خارجية وضغوطا ووساطات عديدة.
المبادرة المصرية فرصة ليلتقي جميع الفرقاء واللاعبين السياسيين في مناخ هادئ عبر حوار مباشر يصب في صالح السودانيين
وأكد أن المبادرة المصرية فرصة ليلتقي جميع الفرقاء واللاعبين السياسيين في مناخ هادئ عبر حوار مباشر يصب في صالح السودانيين، وأن تحركات القاهرة الراهنة تحظى بدعم أميركي كشفه وزير الخارجية إنتوني بلينكن خلال زيارته لمصر، وما يدعم فرص القاهرة هو عدم وجود عداء بين الآلية الثلاثية التي رعت الاتفاق الإطاري والقاهرة، وتتشكل الآلية من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وهيئة إيغاد.
وشدد يوسف على أن دخول إثيوبيا على خط الوساطة لا يتعارض مع جهود مصر، وهناك فرصة لتساعد تدخلات دول الجوار في تقريب وجهات النظر، فالاتفاق الإطاري أكبر من مجرد تفاهمات سياسية بين القوى السودانية، حيث تطرق إلى قضايا مهمة وليس من الوارد التساهل مع الخلافات البسيطة، لأنها قد تكون خطيرة.
وتبذل القاهرة جهودا لإقناع قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي بجدية دورها السياسي للوصول إلى حل وفقا لمبادئ الاتفاق الإطاري وتوسيع قاعدة القوى المدنية.
وتؤمن دوائر مصرية بأن عدم مشاركة المجلس المركزي في اجتماعات القاهرة التي من المتوقع أن تنطلق في الأول من فبراير الجاري، لن يكون نهاية المطاف، والمقرر أن تصل الوفود تباعا وتستمر في القاهرة لمدة ثمانية أيام، قابلة للزيادة.
وأشارت الدوائر ذاتها لـ”العرب” إلى أن السفير المصري في الخرطوم هاني صلاح أجرى اتصالات عديدة وإيجابية مع قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي، وقد يصبح أحد المحرضين على التفاعل مع القوى السياسية في هذه المرحلة، استجابة لمطالب سابقة للقوى المدنية بأن تكون الوساطة المصرية في إطار سياسي وليس أمنيا.
وأوضح المحلل السياسي السوداني خالد الفكي أن دول الجوار لديها مخاوف مشروعة من انفلات الأوضاع في السودان، في ظل عدم القدرة على تشكيل حكومة تساعد على تأمين الأمن القومي لتلك الدول، وعلى رأسها مصر وإثيوبيا، لكن التقاطعات في مصالح البلدين بجانب المصالح العليا للسودان تضع عراقيل أمام جهود تحقيق التوافق.
وذكر في تصريح لـ”العرب” أن نجاح أي وساطة من دول الجوار يقتضي ألا تخرج عن دائرة التفاهمات التي توصلت إليها الآلية الثلاثية، واللجنة الرباعية وتتشكل من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات.
ولدى البعض من السودانيين قناعة بأن الصراع الداخلي انتقل ليكون صراعا إقليميا، وكل طرف يوظف القوى السياسية القريبة منه لإيجاد تأثير يحافظ على حضوره ضمن أوراق الحل النهائية، وهو ما يضع المزيد من العراقيل أمام التسوية مع وجود استقطاب سياسي حاد يغلف علاقات تلك الدول.
ويمكن القياس على ذلك بمواقف قوى سودانية من ورش العمل ومنصات الحوار المزمع انطلاقها الأيام المقبلة، فالمجلس المركزي بقوى الحرية والتغيير أعلن مقاطعته دعوة القاهرة وأبدى استعدادا للمشاركة في ورشة العمل التي تنظمها الآلية الثلاثية، وتتطرق إلى القضايا الخلافية في الاتفاق الإطاري بجانب جهود السلام.
وذلك على عكس الكتلة الديمقراطية التي ستشارك في اجتماع القاهرة وترفض المشاركة في ورشة الآلية الثلاثية وتخاصم الأساس الذي قامت عليه (الاتفاق الإطاري)، ولا ترى الحركات المسلحة الموقعة عليه ضرورة لعقد ورشة عمل في جوبا، وقالت من الأفضل انتظار ما سوف يسفر عنه اجتماع الخرطوم.