كريتر نت – متابعات
زاد الاتحاد العام التونسي للشغل من حدة خطابه في مواجهة الرئيس قيس سعيد وانتقل به من المطلبية النقابية إلى التهديد السياسي، وهو ما عكسه تصريح خطير للأمين العام المساعد للاتحاد سامي الطاهري خيّر فيه الرئيس سعيد بين قبول “خارطة طريق” تعدها المنظمة مع بعض المنظمات الأخرى وبين التصعيد الذي يعني الدفع نحو المزيد من الإضرابات في وضع اقتصادي صعب.
ودخل اتحاد الشغل العام الجديد من يومه الأول بالإضرابات وبخطاب الوعيد والتهديد في مسعى لتحصيل التفاتة من الرئيس سعيد الذي يرفض أيّ حوار تحت الضغط، في وقت يتساءل فيه مراقبون عمّن خول للاتحاد أن يفرض خارطة طريق جديدة على رئيس منتخب من الشعب وبنسبة عالية.
وقال الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل في كلمته خلال مؤتمر للمنظمة النقابية في محافظة جندوبة شمال غرب البلاد الخميس إن المنظمة العمالية لن تقف مكتوفة الأيدي وستلعب دورها لتجنيب البلاد ما يصفه بـ”الفوضى والإفلاس والانفجار الاجتماعي”.
وأكد الطاهري أن الاتحاد سيضطرّ لاتخاذ خطوات تصعيدية في حال لم يتفاعل رئيس الدولة مع المبادرة دون تحديد هذه الخطوات لكن من المتوقع اللجوء إلى ورقة الشارع وشن إضرابات في عدد من القطاعات.
وانتقد الطاهري الوضع السياسي الحالي قائلا “إنه المتسبب الرئيسي في تأزم الأوضاع الاقتصادية بالبلاد بعد انحراف مسار 25 يوليو 2021، مشيرا إلى أن الرئيس “لم يستعمل أهدافه بل بالعكس عادت التضييقات والقرارات المرتجلة” وذلك في أقوى خطاب ضد سياسات الرئيس.
ويقول مراقبون ونشطاء سياسيون إن الاتحاد يعمل على استغلال نتائج الانتخابات التشريعية في دورها الأول كونها إشارة إلى تراجع شعبية الرئيس سعيد من أجل ممارسة ضغوط متنوعة تعيده إلى الواجهة وتمكّنه من لعب دور سياسي كما كان يحصل في سنوات ماضية، وهو ما يرفضه قيس سعيد، ويتمسك بأن يبقى الاتحاد في مربعه الطبيعي القائم على التفاوض مع الحكومة في ما يخص أوضاع الموظفين والعمال في القطاع الحكومي.
وقال الناشط السياسي نبيل الرابحي إن “اتحاد الشغل لا يمكن له أن يكون ضد إرادة من انتخبوا الرئيس سعيد”.
وأوضح الرابحي في تصريح لـ”العرب” أن “تصرّف الاتحاد مثل تصرّف أحزاب المعارضة، وهو يعتقد أن نسبة المشاركة الضعيفة في الانتخابات ستعيد سيناريو الحوار الوطني الذي أشرف عليه في 2013، وطموحه للعودة إلى مربع الحوار ليكون هو المحور”.
وأضاف الرابحي “اتحاد الشغل عبر التاريخ يعتبر نفسه شريكا في السلطة، ويرى الآن أن قيس سعيد في أضعف الحالات سياسيا ليلعب دور المنقذ، ولكن سعيد لن يقبل هذا الدور ولا يريد الأجسام الوسيطة في السياسة”.
واستطرد قائلا “لا يحقّ للاتحاد أن يخيّر الرئيس سعيد بين قبول خارطة الطريق التي يقترحها أو التصعيد”.
وكان الاتحاد، إضافة إلى عمادة المحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، قد أطلق الشهر الماضي مبادرة للحوار للخروج من الأزمة الحالية خاصة بعد عزوف التونسيين عن المشاركة في الانتخابات التشريعية الماضية.
وإلى حد الآن ما تزال المبادرة فضفاضة، وجرى التسويق السياسي لها على أنها مبادرة “لإنقاذ” تونس، بالرغم من أنها تشترط موافقة الرئيس سعيد عليها بقطع النظر عما إذا كان يرفضها من حيث المبدأ أو لديه اعتراض على بعض بنودها، كما أنها ترفض أيّ دور للأحزاب في المرحلة المقبلة، ما يحصر الحل فقط في يد الاتحاد دون سواه.
وقدم عميد المحامين التونسيين حاتم المزيو الخميس في حوار مع إذاعة “شمس أف أم” الخاصة بعض تفاصيل مبادرة الحوار التي يتحدث عنها الاتحاد، مشددا على أنها ستقصي الأحزاب السياسية بسبب غياب ثقة الشعب بها ولدورها في الوصول إلى الوضع الحالي.
وقال المزيو إن المبادرة “لا تزال في طور المشاورات الأولى وإن هنالك ضرورة ملحة على أن تكون شاملة وعميقة وألا تقتصر فقط على الجانب السياسي”.
وشدد على أن المبادرة تسعى “للانطلاق في إصلاح شامل اقتصادي واجتماعي وسياسي، على أن يتم تقديمها وعرضها على رئيس الجمهورية قيس سعيد باعتباره صاحب شرعية انتخابية”، مطالبا الرئيس سعيد بالتفاعل إيجابيا معها.
ويرى الناشط السياسي حاتم المليكي أن “ما يخوّل للاتحاد التدخل هو الأزمة العميقة التي تعيشها تونس، فضلا عن دوره الطبيعي والوطني على المستوى الاجتماعي والنقابي”.
وقال في تصريح لـ”العرب”، “كل العناصر الموضوعية متوفرة حتى يتدخل اتحاد الشغل، لأن الرئيس قيس سعيد رافض لأيّ حوار أو تمشّ يفضي إلى الخروج من الأزمة”.
وتابع المليكي “ما يحدث في تونس يهدد مصالح المواطنين ولهذا الاتحاد سيلعب دوره كمنظمة اجتماعية”.