كريتر نت – متابعات
تعكس زيارة منسق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي الأميركي بريت ماكغورك إلى الجزائر بعد نحو أسبوع من إعلان إلغاء مناورات مع روسيا على الحدود المغربية، أن القلق الأميركي من اندفاع الجزائر نحو موسكو لم ينته.
وتأتي زيارة المسؤول الأميركي قبل أسابيع من زيارة سيجريها الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إلى روسيا حيث من المتوقع أن يعقد صفقات لشراء الأسلحة، خاصة بعد الإعلان عن مضاعفة ميزانية الجيش إلى 20 مليار دولار.
وفي حين اكتفت تصريحات ماكغورك بالحديث عن الرغبة في تطوير التعاون بين البلدين، يرجح مراقبون أن يكون قد حذر السلطات الجزائرية من عقد صفقات تسليح مع روسيا ينظر إليها الأميركيون كدعم لموسكو في الحرب مع أوكرانيا.
وقال بريت ماكغورك، عقب لقائه تبون بقصر المرادية إن “بلاده تريد تعاونا قويا مع الجزائر، وإننا نطمح أكثر للعمل سويا، لأن الشراكة بين بلدينا قوية جدا.. تحدثنا عن الأوضاع في أوروبا وشمال أفريقيا ونعمل قدما من أجل توطيد هذه الشراكة في المنطقة إذ لاحظنا تطورات كبيرة”.
ولفت إلى أن اللقاء مع الرئيس عبدالمجيد تبون، كان “مثمرا وبناء جدا”، دون أن يقدم طبيعة المشاورات التي جرت بينهما، ولا النتائج المتوصل إليها بينهما، خاصة وأن اللقاء جاء في مناخ يطبعه التباين في مواقف دوائر القرار الأميركية بشأن التعاطي مع الجزائر في عدد من الملفات، والتي كان آخرها وضعية الحريات الدينية.
وأفاد بيان للرئاسة الجزائرية على صفحتها في فيسوك، بأن “الرئيس عبدالمجيد تبون استقبل منسق شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمجلس الأمن القومي الأميركي بريت ماكغورك، والمساعدة الرئيسية لنائبة كاتب الدولة للشؤون الخارجية يائيل لومبرت”، وبدوره لم يقدم توضيحات أخرى، سوى حضور قيادات من المؤسسة العسكرية الجزائرية على غرار قائد الأركان الفريق أول سعيد شنقريحة، ومدير الأمن الخارجي الجنرال جبار مهنا.
وذكر بيان لوزارة الدفاع الجزائرية أن “قائد أركان الجيش استقبل المسؤولين الأميركيين، بحضور ألوية وعمداء من أركان الجيش ووزارة الدفاع وأعضاء الوفد العسكري الأميركي، وتم تناول حالة التعاون الثنائي بين البلدين وسبل تعزيزه أكثر، كما بحث الجانبان السياق الأمني على الصعيدين الإقليمي والدولي وتبادلا التحليلات ووجهات النظر حول المسائل ذات الاهتمام المشترك”.
ويعد هذا اللقاء الثاني من نوعه، حيث سبق لقائد أركان الجيش الجزائري أن استقبل في شهر سبتمبر الماضي سفيرة الولايات المتحدة بالجزائر إليزابيت مور أوبين، في لقاء وصف بـ”النادر” و”الغريب”، وأطلقت بشأنه العديد من التأويلات السياسية، في حين اكتفت وزارة الدفاع الجزائرية بالقول إن “اللقاء كان فرصة للجانبين لتباحث القضايا ذات الاهتمام المشترك والتعاون الثنائي بين البلدين”.
ومنذ إعلان عدد من النواب الأميركيين في الكونغرس عن رفع عريضة إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن يطلبون فيها “إدراج الجزائر في خانة الدول المعادية للمصالح الأميركية، والتي يتوجب معاقبتها بسبب علاقاتها مع روسيا، وإبرام صفقات تسليح ضخمة مع موسكو، وفرت لها عائدات مالية يمكن أن تواجه بها حزمة العقوبات المطبقة ضدها”.
زيارة بريت ماكغورك تأتي قبل أسابيع من زيارة سيجريها الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إلى روسيا حيث من المتوقع أن يعقد صفقات لشراء الأسلحة
غير أن الحكومة الأميركية لم تتفاعل مع المسألة بشكل إيجابي وفوري، حيث غلب على خطابها مصطلحات التعاون والشراكة في الطاقة والاقتصاد والأمن، ولئن أعطت تصريحات السفيرة الأميركية بالحزائر الانطباع بأن واشنطن لا تتسرع في اتخاذ أي خطوات عدائية فإنها لا تتجاهل مطالب الكونغرس، بدعوى تكامل مهام ودور المؤسسات.
وجاء التقرير الأميركي حول الحريات الدينية في الجزائر صادما للجزائريين ساعات قبل اللقاء الذي جرى في الرئاسة الجزائرية بين تبون ومنسق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي الأميركي.
وكان وزير الخارجية الأميركي قد أصدر هذا الأسبوع تقريرا وضع فيه الجزائر على قائمة المراقبة للدول التي تمارس انتهاكات جسيمة للحريات الدينية، وذلك إلى جانب كل من جمهورية أفريقيا الوسطى وجزر القمر وفيتنام.
كما وضع التقرير كلا من بورما والصين وكوبا وإريتريا وإيران ونيكاراغوا وكوريا الشمالية وباكستان وروسيا والمملكة العربية السعودية وطاجيكستان وتركمانستان في لائحة المراقبة الخاصة لـ”مشاركتها في الانتهاكات الجسيمة للحرية الدينية أو التسامح معها”.
وبعيدا عن الدلالات السياسية للخطوة الأميركية، فإن التقرير الأمريكي يرتبط بتعاطي الحكومة الرسمية مع ممارسة بعض الأديان والمذاهب الدينية خارج الأطر الرسمية للدولة، ولذلك تعمد إلى غلق مقارها وملاحقة أصحابها، كما حدث مع أنصار الأحمدية والشيعة، ودور العبادة المسيحية غير المرخص لها خاصة في منطقة القبائل.