كريتر نت – متابعات
أعادت المباراة المرتقبة بين إيران والولايات المتحدة الثلاثاء في قطر ضمن كأس العالم لكرة القدم، إلى الأذهان حضور السياسة في الميادين خلال مباريات سابقة شهدتها بطولات كأس العالم.
كما أعادت المباراة إلى الأذهان ذكريات مونديال العام 1998 بمشاهد الاحترام المتبادل بين لاعبي هذين البلدين المتعاديين بالسياسة.
عقود من الخصومة المتبادلة بين العدوّين الجيوسياسيين اللدودين هي الخلفية لما يبدو أنها ستكون مناسبة رياضية ساخنة على استاد الثمامة في العاصمة القطرية الدوحة.
وفي سياق البطولة رياضيا، تبدو الحسابات بسيطة. فوز أي من الفريقين يضمن له مكانا في الدور الثاني، بينما الهزيمة تعني الإقصاء. لكن المعنى الأبعد للتنافس في المجموعة الثانية يبدو أقل وضوحا. حيث تسعى كل دولة لتحقيق انتصار سياسي معنوي خلال المباراة.
وفي ما يلي، بعض أبرز اللحظات التي شهدت حضور السياسة في ميدان الرياضة خلال بطولات كأس العالم السابقة.
مباراة إيطاليا وفرنسا في العام 1938:
عقود من الخصومة المتبادلة بين العدوّين الجيوسياسيين اللدودين هي الخلفية لما يبدو أنها ستكون مناسبة رياضية ساخنة على استاد الثمامة في الدوحة
في سياق جيوسياسي متوتر للغاية وفي ظل الفاشية التي خيّمت على أوروبا، استضافت فرنسا النسخة الثالثة من كأس العالم.
في الثاني عشر من يونيو واجهت إيطاليا في ربع النهائي على ملعب كولومب (فازت إيطاليا 3 – 1).
ارتدى الإيطاليون قميصا أسود شبيها بقميص ميليشيات نظام موسوليني، ووجّهوا تحية فاشية إلى 60 ألف متفرج. ردّ الجمهور حينها بصافرات الاستهجان أثناء النشيد الإيطالي.
وفي نظر الـ”دوتشي” (لقب موسوليني)، كانت كرة القدم وسيلة لإظهار تفوّق الأيديولوجية الفاشية. وذهب الـ”ناتسيونالي” بعيدا في المنافسة حتى ظفر بلقبه التاريخي الثاني تواليا.
مواجهة الألمانيتين في العام 1974:
في الثاني والعشرين من يونيو تواجه الأشقاء الأعداء من ألمانيا الغربية والشرقية الاتحادية في هامبورغ، غربا، على ملعب “فولكس بارك” الذي غصّ بالجماهير.
وفي خضم الحرب الباردة، جسّدت تلك المباراة التوتّر بين الطرفين. لكن ذلك لم يكن يعني ضغوطا مرتقبة، إذ بدأ الطرفان مسارا تطبيعيا للعلاقات، ووقعا معاهدة اعتراف متبادل في العام 1972.
وانتهت المباراة المصنّفة في دائرة الخطر من دون أي عوائق. انتصرت ألمانيا الشرقية رغم كل الصعاب، بهدف سجله يورغن شبارفاسر في ربع الساعة الأخير، وبقي في الذاكرة إلى الأبد.
لكن رغم ذلك، بقيت ألمانيا الغربية في المنافسات وظفرت بالمسابقة التي استضافتها، محققة ثاني ألقابها المونديالية.
مباراة الأرجنيتن وإنجلترا في العام 1986:
في الثاني والعشرين من يونيو تواجهت الأرجنتين وإنجلترا في ربع نهائي مونديال المكسيكو، بعد أربع سنوات من حرب جزر فوكلاند التي خلفت 649 قتيلا أرجنتينيا و255 بريطانيا.
وكانت الأجواء متوترة للغاية بين المنتخبين اللذين قطعت دولتاهما العلاقات الدبلوماسية في العام 1982.
وفي كل مباراة من مباريات المسابقة، رفع المشجعون الأرجنتينيون لافتات تقول “جزر فوكلاند أرجنتينية” وأنشدوا أغاني قومية تدعو إلى “قتل الإنجليز”.
وعلى هامش ربع النهائي، اندلعت اشتباكات بين ألتراس المنتخبين، ما أسفر عن العشرات من الإصابات التي تراوحت بين طفيفة وخطيرة.
وفازت الأرجنتين بالمباراة، بفضل عبقرية دييغو مارادونا إلى حد كبير، الذي سجّل هدفين أسطوريين “يد الله” ثم “هدف القرن”.
◙ من ذكريات مونديال العام 1998
وأقرّ الأسطورة الأرجنتيني الراحل بعد ذلك “لقد كانت مباراة نهائية بالنسبة إلينا. لم يكن الأمر يتعلق بالفوز بمباراة، بل بإقصاء الإنجليز”.
مباراة إيران والولايات المتحدة في العام 1998:
خلال مشاركتها الثانية في كأس العالم، وجدت إيران نفسها في العام 1998 ضمن مجموعة عدوّها اللدود، الولايات المتحدة.
وانقطعت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ عملية احتجاز رهائن في السفارة الأميركية بطهران في أعقاب انتصار الثورة الإسلامية في العام 1979.
وأقيمت تلك المباراة في مدينة ليون الفرنسية في الحادي والعشرين من يونيو، وهو ما مثّل فرصة للتهدئة.
وبعد أداء النشيدين الوطنيين، تصافح اللاعبون الأميركيون مع خصومهم وقدموا لهم تذكارات، فردّ الإيرانيون التحية بباقات ورود بيضاء، قبل أن يلتقط المنتخبان صورة جماعية.
وفاز الإيرانيون بالمباراة حينها (2 – 1) مسجّلين أوّل انتصاراتهم المونديالية.
وقبل مواجهة الثلاثاء، سعى مدرّب المنتخب الأميركي غريغ بيرهالتر جاهدا إلى التأكيد على أن لا أبعاد سياسية للمباراة المصيرية لبلاده، لكنّ محللين يقولون إن المواجهة بين المنتخبين لا يمكن إلا أن تحمل طابعا سياسيا، المواجهة المنتظرة إعادة لمباراة كأس العالم 1998 بين الخصمين الجيوسياسيين.
مباراة سويسرا وصربيا في العام 2018:
في الثاني العشرين من يونيو في كالينينغراد واجهت صربيا سويسرا التي تضمّ في صفوفها العديد من اللاعبين من أصول كوسوفية.
وكوسوفو إقليم سابق في صربيا يسكنه بشكل رئيسي الألبان. وبعد عشر سنوات من الصراع الذي كان آخر حرب أدت إلى انفجار يوغوسلافيا السابقة، أعلنت كوسوفو استقلالها في العام 2008، وهو ما لم تعترف به صربيا، لتسوء العلاقات بين بلغراد وبريشتينا.
وسجّل غرانيت تشاكا المولود في سويسرا لعائلة كوسوفية، وجيردان شاكيري المولود في كوسوفو، هدفين، ما منح سويسرا فوزا على صربيا 2 – 1.
واحتفل اللاعبان بهدفيهما من خلال التوجه نحو المشجعين الصرب، ووضع يديهما على صدريهما بشكل معاكس، راسمين شارة “النسر المزدوج” الأسود اللون، رمز ألبانيا الذي يتوسط علمها الأحمر، ما أثار سخط الصحافة الصربية التي نددت “باستفزاز مخز”.
وعاقب الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) اللاعبين في وقت لاحق بتغريمهما مبلغ 8660 يورو لكل منهما.