كريتر نت – متابعات
وجد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى عمّان فرصة للاستنجاد بروسيا بهدف الضغط على إيران ودفعها إلى مراجعة وجودها المكثف في جنوب سوريا، وذلك ضمن مخاوفه من أن يدفع الأردن ثمن أيّ تصعيد بينها وبين إسرائيل.
وأكد الملك عبدالله الثاني أهمية تثبيت الاستقرار في سوريا، وخاصة في المناطق الجنوبية، مشددا على “أهمية تفعيل جهود التوصل إلى حلّ سياسي للأزمة السورية، بما يحفظ وحدة سوريا أرضًا وشعبًا، ويضمن عودةً طوعية وآمنة للاجئين”.
ويقول مراقبون إن العاهل الأردني صارح المسؤول الروسي بمخاوف بلاده خاصة أن إيران وجدت في انشغال روسيا في الحرب ضد أوكرانيا فرصة لزيادة وجودها العسكري والاستخباري، كما فتحت الأبواب لزيادة أعداد الميليشيات الحليفة لها في هذه المنطقة، وهو أمر لن تقبل به إسرائيل وقد تضطر للرد مثلما يجري حاليا في دمشق ومحيطها ضد أهداف إيرانية.
ويتخوف الأردن من خروج الوضع عن السيطرة، وأن تتسع دائرة المواجهة إلى أراضيه خاصة ما تعلق بتسلل الميليشيات الموالية لإيران التي يعاني الأردن حاليا منها في موضوع تهريب المخدرات، والذي يأخذ جانبا هاما من جهوده لضبط الحدود ومطاردة المهربين والسلع.
وما يثير قلق الأردنيين من أيّ تصعيد جديد هو الخوف من موجة جديدة للاجئين في الوقت الذي يعجز البلد حاليا عن تحمل أعباء اللاجئين السوريين الموجودين على أراضيه في ضوء الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعشيها ومحدودية المساعدات التي يحصل عليها لقاء ذلك.
وأظهرت أرقام نشرتها مفوضية شؤون اللاجئين في 30 سبتمبر الماضي أن أعداد اللاجئين السوريين في المملكة الهاشمية بسجلاتها هو 670 ألفا و364 لاجئا، لكن عمّان تُعلن باستمرار عن استضافتها نحو 1.3 مليون سوري.
ويعتقد مراقبون أن الأردن سيطالب وزير الخارجية الروسي بأن تكون الحدود السورية من جهة الأردن تحت رقابة الجيش الروسي دون سواه، فهو الوحيد القادر على دفع الإيرانيين إلى التراجع وقطع الطريق على أيّ مغامرة لجر إسرائيل إلى مواجهة مفتوحة.
ويراهن الأردنيون على أن إسرائيل لا تعارض أيّ دور روسي على الحدود، وأنها لن تنزعج لو شاهدت الجيش الروسي كله على حدودها. كما أنهم يعرفون أن موسكو ساعية إلى تهدئة الجبهات في سوريا إلى حين الانتهاء من حرب أوكرانيا خاصة بعد تقارير عن سحبها قوات وعتاد من سوريا ونقلها إلى الجبهات في أوكرانيا.
وليس مستبعدا أن تتنزل زيارة لافروف إلى عمان ضمن مساعي موسكو لضبط الأوضاع الميدانية، بدءا من ممارسة الضغوط على الحليف الإيراني وحثه على كبح الميليشيات الحليفة ومنعها من تنفيذ أيّ عمليات تقود إلى تصعيد أوسع، مرورا بطمأنة الأردن، وصولا إلى إقناع إسرائيل بأن إيران لن تقوم بأيّ مغامرة، وأن روسيا هي الضامن.
وحافظت قنوات التواصل الروسية – الإسرائيلية على فاعليتها متحدية جدل التصريحات بشأن أوكرانيا، خاصة في ظل تمسك إسرائيل بعدم إرسال أسلحة إلى كييف بالرغم من الإحراج الذي واجهته وإلحاح الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي على ضرورة خروجها من حالة الحياد.
لكن المراقبين يرون أن الأردن لا يطمئنّ لأيّ تحاليل أو تطمينات عن التزام إيراني بالتهدئة، وهو ما يجعل زيارة لافروف مهمة بالنسبة إليه لمعرفة مدى رغبة موسكو في الضغط على طهران وإجبارها على مراعاة التوازنات في محيط سوريا.
وسبق للعاهل الأردني أن قال إن بلاده تواجه المزيد من المشاكل مع الميليشيات على حدودها مع سوريا، وتتمثل بتهريب المخدرات والأسلحة وعودة تنظيم “داعش”، بعد تراجع الاهتمام الروسي بمجريات الوضع في سوريا بسبب الانشغال بالحرب الأوكرانية.
وأكد الملك عبدالله في مقابلة سابقة مع قناة “سي إن بي سي” أن المملكة الهاشمية تنظر إلى الوجود الروسي في سوريا كعنصر إيجابي ومصدر استقرار، إلا أنه منذ بدء الصراع في أوكرانيا تراجع حجم هذا الوجود.
وأكد العاهل الأردني أن الوجود الروسي في جنوب سوريا كان مصدراً للتهدئة، مشيراً إلى أن الفراغ الذي ستتركه روسيا هناك ستملأه إيران ووكلاؤها.
وفي زيارة له إلى الحدود مع سوريا، وجه الملك عبدالله الثاني دعوة إلى القوات المسلحة الأردنية حثها فيها على تشديد تعاملها مع المهربين، قائلا نريد “العين الحمراء”، في موقف اعتبر حينها على أنه تأكيد لحالة القلق التي يعيشها الأردن بسبب التحدي الأمني الذي فرضه عليه الوجود المكثف لميليشيات تقودها إيران وتتحكم فيها ولا تأثير لنظام الرئيس السوري بشار الأسد عليها.
واتخذت عمليات التهريب من جنوب سوريا إلى الأردن نسقا تصاعديا منذ العام الماضي، وأصبح المهربون أكثر جرأة، حيث لا يتورعون عن استخدام السلاح ضد القوات الأردنية، ما أدى إلى مقتل ضابط أردني وإصابة آخرين في إحدى الاشتباكات في يناير الماضي.
وبحسب بيان للقصر الملكي، أحبطت القوات المسلحة الأردنية منذ مطلع العام 2022 تهريب 16 مليون حبة مخدرة و17348 كف حشيش عبر الحدود، فيما قُتل 29 مهربا بعد تطبيق قواعد اشتباك مشددة.