محمد الحميدي
.. من غرائب التاريخ البشريّ ومبتدعات الأمم في العصور السالفة ما كان يعرف بقانون “سكسونيا ” وهو قانون ابتدعته حاكمة مقاطعة سكسونيا، إحدى المقاطعات الألمانية القديمة في العصور الوسطى.
وبموجب هذا القانون فإنّ المجرم يُعاقب بقطع رقبته إن كان من طبقة “الرّعاع”ـ ـ أما إن كان المجرم من طبقة النبلاء فعقابه هو قطع رقبة ظلّه!
وهكذا فإنّ السّارق لو كان من الكادحين، والمغلوب على أمرهم يُزجّ بالسّجن ويُعاقب نتيجة لقيامه بالسّرقة، أمّا سادة القوم لو سرق أحدهم فلا يُصاب بأيّ أذى لأنّ ظلّه هو من يُحاكم ويُزجّ بمحاكمة صوريّة وراء القضبان!..
لذلك نقول ما أعظم الفرق بين شعوب كان يحكمها قانون سكسونيا لكنّها استيقظت وناضلت للوصول إلى العدالة، وبين شعوب تجتّر التاريخ المظلم وترضى بحكم الجور عليها وعلى أجيال ستأتي بعدها..لتجسد ماهو العن من ذالك الواقع السكسوني
.
قوانين سكسونيا اليوم تتجلى بواقع جعل من بعض القادة و زعامات المرحلة وبشمرجته وجنجويده فوق العدالة، وفوق الشبهات.
سكسونياًّ اليوم ذاك الواقع الذي يسجن سارقاً دفعه العوز والجوع إلى السّرقة ويترك كبار اللصوص وناهبي الاراضي والقتلة من امراء الحرب ,ومن لف بحبلهم, دون حسيب أو رقيب وهم ينهبون مؤسسات الدولة واراضيها ويسطون ويبسطون على ممتلكات الاخرين في برها وبحرها.
سكسونيا اليوم ذلك القانون الذي يبيح الوظيفه العامة وفقا للولاء والقرابة والمنطقة وليس وفقا للكفأة وشروط شغل الوظيفة .
سكسونيا اليوم جعلنا نعيش اكثر من واقع بوجود اكثر من دولة واكثر من حكومة واكثر من جماعة وكل منهما تتعايش مع الاخر على حساب الوطن والمواطن.
سكسونيا اليوم ذلك القانون الذي عطل التشريعات وابتدع اعراف خاصة به فجلب العاهات وازاح الكفاءة وخلق منظومة متكاملة من الفساد, تمارس الاضطهاد والتعسف الوظيفي ضد الوطنيين الشرفاء باسم القانون والوطنيه
السكسونيون اليوم في بلادي يبنون إمبراطورياتهم الماليّة وعروشهم المخمليّة، ويستخفّون بكرامات النّاس، وآمالهم، وأحلامهم، وينسجون لهم من خيوط الخداع وطناً من سراب؟.
في دولتنا السكسونية يحكم أمراء الحرب، المقامرون، تجّار المال والدّم، المتنافخون الفارغون، ويُهمش فيها المفكرون والمبدعون.
سكسونيا اليوم تُسجن الأحرار، وتُعتقل الحريّة، وتُشترى الصحافة، وتُباع المواقف، ويُصبح الحكم مناطقيا، وتداول السلطة خياليّا.
سكسونيا عند الاخرين تاريخ وفي بلادنا واقع ..