كريتر نت – متابعات
أعادت تصريحات أدلى بها الأميرال المتقاعد كمال العكروت الجدل مجددا بشأن الاتهامات الموجهة إلى حركة النهضة باختراق المؤسسات السيادية، وخاصة المؤسستين الأمنية والعسكرية، في وقت لا تفوّت فيه الحركة أي فرصة لتأكيد أنها لم تسع إلى اختراق هذه المؤسسات وأن الحديث لا يعدو أن يكون ضمن حملة يشنها خصومها باستمرار.
وقالت أوساط سياسية تونسية إن شكوكا واتهامات كثيرة استهدفت حركة النهضة في موضوع الاختراق والسعي لبناء أجهزة موازية، لكن حديث الأميرال المتقاعد العكروت يمكن أن يعيد خلط الأوراق؛ فالرجل لا يصدر تعاليق ولا يتحدث عن فرضيات وإنما يتحدث عن وقائع عاشها، إذ كان في منصب مدير عام المخابرات خلال فترة حكم الترويكا (تحالف حركة النهضة مع حزبين من وسط اليسار)، وكلامه يمكن أن يكون شهادة مهمة على تلك الفترة التي شهدت صعودا كبيرا للجماعات الإسلامية المتشددة، وتنفيذ اغتياليْن سياسيين بارزيْن استهدف أحدهما وجها يساريا واستهدف الآخر وجها قوميّا، وكلاهما معارض لحكم الإسلاميين.
◙ العكروت تحدث عن ضغوط على المؤسسة العسكرية للسماح بارتداء الخمار وفتْح المساجد في الثكنات التونسية
وتحدث العكروت، الذي شغل منصب مستشار أول مكلف بالأمن القومي لدى الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، عن ممارسة ضغوط على المؤسسة العسكرية من أجل القبول بأسلمتها من خلال القبول بارتداء مجنّدات الخمار وفتْح مساجد في الثكنات، وهو ما اعتبره أمرا يتنافى مع طبيعة المؤسسة التي تتطلب زيّا موحّدا، خاصة أنها ترفض أي محاولات للاختراق من بوابة اللباس أو غيره، لافتا إلى أن هذه المظاهر تدخل ضمن الحريات الشخصية التي يمكن أن تُمارَس خارج المؤسسة العسكرية وليس داخلها.
وشدّد في حوار مع إذاعة محلية الإثنين على أنّ ”للمؤسسة العسكرية طقوسا واللباس واضح منذ البداية”.
وأكّد العكروت أنّه، خلال توليه منصب مدير عام المخابرات، سعى جاهدا إلى النأي بالمؤسّسة العسكريّة عن التجاذبات السياسية، وهو ما تسبّب في عزله من مهامه. وقال “أردنا أن تكون المؤسّسة العسكريّة بعيدة عن التجاذبات السياسية، لذلك وقع طردي”.
وأضاف “توقعت قرار إقالتي، تحركاتي أقلقتهم، تنقلت إلى الشعانبي والقصرين (في الوسط الغربي التونسي، وهي المنطقة التي شهدت هجمات نوعية استهدفت الجيش التونسي) لطمأنة الجنود. كنت في الطريق إلى قفصة (جنوب غربي البلاد) حين جاءني اتصال لإعلامي بالقرار. التقيت بوزير الدفاع الذي أعلمني بأن المرزوقي (الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي) قام بتغييري وينوي إرسالي إلى طرابلس في ليبيا”، مشددا على أنه تمسك بأن يتم إرساله إلى أبوظبي.
وفي حديثه عن تولي حركة النهضة للحُكم، أفاد العكروت بأنّ رئيس الحركة راشد الغنوشي أتى بأفكار أيديولوجية هدامة “لدولة مدنية بُنيت على أسس حرية المرأة والاستقلال وأراد أن يقلبها كلها وهو كان يعيش في إنجلترا”.
◙ الراحل الباجي قايد السبسي حقّق نجاحا دبلوماسيا لتونس بعد أن كانت منهارة إثر فترة حكم المنصف المرزوقي
وأكّد العكروت أنّ الغنوشي ساهم في الإضرار بالبلاد ضررا كبيرا، وخاصة حين تولى رئاسة البرلمان، مشددا على أنّ رئيس حركة النهضة حتى لو قام بمراجعات فلن يمكنه أن يرتاح له.
وفي أول رد من حركة النهضة قال وزير الخارجية الأسبق رفيق عبدالسلام إن العكروت “مجرد عسكري مغمور كان ملحقا أمنيًا في أبوظبي وقد عينه المرحوم (الرئيس الباجي قايد السبسي) مستشارا أمنيًا في قرطاج بعد بعض الخدمات التي أداها في (حركة) نداء تونس، وهو لا يمتلك الحد الأدنى من مقومات القيادة وشروط الزعامة؛ فلا هو قاتل في حرب ولا سطع نجمه في سلم”.
وشنت حسابات على مواقع التواصل معروفة بولائها لحركة النهضة حملة كبيرة على العكروت متهمة دوائر ظل مرتبطة بالدولة العميقة بتحريكه في هذا التوقيت للهجوم على النهضة وإعداده كوجه مألوف في حال تمت الانتخابات الرئاسية في موعد قريب.
واعتبر العكروت أنّ الراحل الباجي قايد السبسي حقّق نجاحا دبلوماسيا لتونس، بعد أن كانت منهارة إثر فترة حكم المنصف المرزوقي، وفق تعبيره، وقال “الباجي أرجع الاعتبار لتونس”.
ولعب العكروت دورا هاما في عملية إنشاء مجلس الأمن القومي وهيكلة مصالح الاستعلامات، خلال فترة حكم قايد السبسي. وقال في حوار سابق مع “العرب” إنه “بعد الانتخابات الرئاسية في 2014 وبعد تعييني مستشارا أول لدى المرحوم قايد السبسي دعيت لإعادة هيكلة مجلس الأمن القومي وتوّج هذا العمل بإصدار مرسومين، وهما المرسوم الحكومي عدد 2017 – 70 بتاريخ 19 يناير 2017، المتعلّق بإنشاء مجلس الأمن القومي من خلال إعداد هندسة متكاملة لذلك”.
وأضاف أن المرسوم الحكومي الثاني “جاء تحت عدد 2017 – 71 وبنفس التاريخ، وهو يتعلق بإنشاء المركز الوطني للاستعلامات. وهذا المركز وإن كان تحت إشراف رئيس الحكومة فإنه يعمل لفائدة مجلس الأمن القومي وكذلك رئاسة الحكومة، ويعيّن رئيسه رئيس الجمهورية وهو عضو في مجلس الأمن القومي، ولكن مع الأسف لم يتم تفعيل هذا المركز حتى اليوم”.