كريتر نت – العرب
تشهد الحديدة نشاطا عسكريا مكثفا للحوثيين الذين يستعدون للقيام باستعراض بري وجوي وبحري في المدينة، في رسالة لا تخلو من تحدّ للمجتمع الدولي، وابتزاز للقوى الراعية لمفاوضات السلام.
وأثار قيام الحوثيين بإرسال تعزيزات عسكرية ضخمة إلى مدينة الحديدة المطلة على البحر الأحمر مخاوف أممية من تصعيد منتظر قد ينهي ما تبقى من مفاعيل اتفاق ستوكهولم، ويهدد فرص تمديد الهدنة التي يعمل عليها المبعوثان الأممي هانس غروندبرغ والأميركي تيم ليندركينغ.
وتزامنت التحركات العسكرية للحوثيين في الحديدة مع تعثر المفاوضات التي تحتضنها العاصمة الأردنية عمّان برعاية أممية وأميركية، حيث أعلنت الحكومة اليمنية عن تعليق مشاركتها على خلفية تنفيذ الحوثيين لهجوم عنيف على قوات الجيش في محافظة تعز جنوب غربي البلاد أوقع قتلى وجرحى.
وذكرت مصادر من داخل الحديدة الواقعة غرب اليمن أن الحوثيين يستعدون لإقامة عرض عسكري بري بغطاء جوي بالتزامن مع عرض بحري ينوون تنفيذه خلال الأيام القليلة المقبلة في رسالة لا تخلو من تحدّ للمجتمع الدولي.
“أونمها” تعرب عن قلقها البالغ من التواجد العسكري الكبير في مدينة الحديدة
وكشف الناشط الحقوقي مجاهد القب عن تحركات مسلحة خطيرة للحوثيين في الحديدة، وقال في منشور على حسابه في فيسبوك إن ميليشيا الحوثي تواصل استقدام مسلحيها على متن حافلات من العاصمة صنعاء وذمار وحجة وغيرها من المناطق التي تسيطر عليها إلى المدينة.
وأضاف القب أن أعداد الذين تم حشدهم إلى مدينة الحديدة خلال الأيام الماضية تصل إلى الآلاف، حيث تصل يوميا حافلات تضج بالمسلحين، بالإضافة إلى شاحنات محملة بالدبابات والمدرعات.
وأعربت بعثة الأمم المتحدة لدعم ومراقبة وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة “أونمها” مساء الثلاثاء عن قلقها البالغ من التواجد العسكري الكبير في مدينة الحديدة.
وقالت “أونمها” إنها “لاحظت بقلق بالغ التواجد العسكري الكبير في مدينة الحديدة (تخضع لسيطرة الحوثيين) خلال الأيام الماضية”. وأضافت في بيان أنه “يجب أن تبقى الحديدة (يوجد فيها أهم موانئ اليمن) خالية من المظاهر العسكرية، كما تم الاتفاق عليه في ستوكهولم” عام 2018.
وحثت البعثة الأممية “القيادة الحوثية على احترام بنود اتفاق الحديدة والامتناع عن الأعمال التي قد تسهم في التصعيد، وذلك لصالح جميع اليمنيين”.
ويعد هذا أول نشاط عسكري يعلن عنه في مدينة الحديدة منذ بدء الهدنة الراهنة في الثاني من أبريل الماضي.
وتخضع مدينة الحديدة لسيطرة الحوثيين، بينما تسيطر القوات المشتركة الموالية للحكومة الشرعية على بعض أجزاء المحافظة، ويتبادل الطرفان بشكل متكرر الاتهامات بشأن ارتكاب خروقات لاتفاق وقف إطلاق النار.
وكانت هذه المدينة مسرحا لمواجهات عنيفة بين قوات موالية للحكومة والحوثيين قبل أن يجري التوصل في ديسمبر 2018 في مدينة ستوكهولم إلى اتفاق برعاية أممية لتطبيع الوضع هناك.
وتضمن الاتفاق صفقة لنزع السلاح من مدينة الحديدة، بالإضافة إلى آلية لتبادل الأسرى، وتفاهم لتهدئة القتال في محافظة تعز وفتح طرقاتها، وتم تشكيل بعثة “أونمها” لمراقبة مدى التزام الطرفين ببنود الاتفاق الذي ظل إلى حد اليوم مجرد حبر على ورق.
ويرى متابعون أن التحركات المستجدة للحوثيين في الحديدة تندرج في سياق ابتزاز السلطة اليمنية ولاسيما القوى الراعية لمفاوضات السلام لدفعها إلى القبول بحزمة المطالب الجديدة التي يعرضونها وفي مقدمتها رفع جميع القيود عن موانئ الحديدة، وعن الرحلات الجوية عبر مطار صنعاء الدولي، إلى جانب التزام الحكومة المعترف بها دوليا بدفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتهم.
وبدأت الأسبوع الماضي جولة جديدة من المفاوضات في العاصمة عمّان بين الحوثيين والحكومة برعاية مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، وبحثت هذه المفاوضات سبل تمديد الهدنة الحالية وتوسيعها لمدة ستة أشهر بدل شهرين، لكن هذه الجولة اصطدمت بموقف متشدد من الحوثيين بالتوازي مع تحرك عسكري في تعز شكل سابقة منذ انطلاق الهدنة، ودفع الحكومة إلى تعليق مشاركتها إلى إشعار آخر.
تحرك مفاجئ
ويقول المتابعون إن الحوثيين يعتقدون أنهم في موقع تفاوضي أفضل، لاسيما مع انشغال مجلس القيادة الرئاسي بترتيب أوضاعه في الجنوب، وهذا الدافع جعل الحوثيين يملون شروطهم دون تنفيذ أي من الالتزامات على عاتقهم وفي مقدمتها فك الحصار عن مدينة تعز.
ويشير المتابعون إلى أن التصعيد الخطير للحوثيين في تعز، ثم الدفع بتعزيزات عسكرية ضخمة نحو الحديدة يندرج في سياق عملية لي ذراع، وهذا يضع المجتمع الدولي ولاسيما الولايات المتحدة أمام اختبار صعب، بين الخضوع مجددا لمطالب الحوثيين ومحاولة إجبار الحكومة الشرعية للقبول بها، وبين التحرك ووضع حد لسياسة الحوثيين.
ويتشكك هؤلاء في أن تجنح الإدارة الأميركية إلى الخيار الثاني بالنظر إلى مواقف سابقة كانت فيها هذه الإدارة منحازة بشكل غير مباشر إلى الحوثيين، وتتعاطى باحتشام عند توجيه أي انتقادات لسلوكاتهم المعرقلة لعملية السلام.
الحوثيين يستعدون لإقامة عرض عسكري بري بغطاء جوي بالتزامن مع عرض بحري ينوون تنفيذه خلال الأيام القليلة المقبلة
وعبّر السفير الأميركي لدى اليمن ستيفن فاجن الأربعاء عن قلقه إزاء الهجوم الذي شنه الحوثيون على مدينة ذباب بمحافظة تعز.
وقال فاجن في تغريدة نشرتها السفارة الأميركية على حسابها بموقع تويتر “إنني قلق من هجوم الحوثيين على مدينة ذباب في انتهاك مباشر للهدنة”.
ودعا السفير الأميركي جميع الأطراف إلى مواصلة المشاركة الكاملة في لجنة التنسيق العسكري “لتجنب مزيد من التصعيد”.
من جانبها أعربت السفارة الفرنسية عن قلقها البالغ من هجوم الحوثيين على منفذ الضباب، مشيرة إلى أن “هذا العمل لا يتماشى مع جهود السلام وتطلعات السكان المحليين في تعز”. ودعت فرنسا الأطراف إلى المشاركة بحسن نية وبناءة في جهود الوساطة بما في ذلك لجنة التنسيق العسكري.
وبدت ردود فعل واشطن كما باريس مجرد رفع عتب على ضوء انتقادات المسؤولين في الحكومة الشرعية، لعدم وجود رد فعل دولي على الانتهاك الخطير للحوثيين في تعز.
وأعلنت الحكومة اليمنية الاثنين الماضي عن مقتل 10 جنود وإصابة سبعة آخرين في هجوم عنيف شنه الحوثيون لساعات على منطقة الضباب غرب تعز، واصفة الهجوم بـ”التصعيد الخطير”.
وتسيطر القوات الحكومية على مدينة تعز، فيما يسيطر الحوثيون على أطرافها ويفرضون عليها حصاراً منذ سنوات.