كريتر نت – متابعات
يشكل تمديد الهدنة فرصة للمجلس القيادي الرئاسي لإعادة ترتيب الأوضاع في مناطق سيطرته وإجراء عملية إعادة هيكلة واسعة لاسيما في المؤسسات التي تعاني من إخلالات، على غرار المؤسسة القضائية، متجنبا في الآن ذاته المؤسسات المختلف عليها بين مكوناته.
وسرع مجلس القيادة الرئاسي في اليمن من وتيرة إعادة هيكلة مؤسسات الدولة وسد الثغرات التي تعاني منها عبر حزمة تعيينات جديدة طالت هذه المرة مؤسسة القضاء وهياكلها.
وتقول أوساط سياسية يمنية إن التغييرات الجديدة التي طالت مجلس القضاء الأعلى والمحكمة العليا وهيئة التفتيش القضائي، كانت منتظرة في ظل الشلل الذي أصاب المؤسسة القضائية خلال الفترة الأخيرة نتيجة الإضرابات والخلافات بين أعضاء الهياكل.
وتشير الأوساط إلى أن المجلس الرئاسي ارتآى أن يبدأ جهود الإصلاحات في المؤسسات التي حولها إجماع بين مكوناته، في المقابل يؤجل المجلس النظر في وضع المؤسسات التي يوجد خلاف بشأنها ولاسيما المؤسستين الأمنية والعسكرية.
وتلفت الأوساط إلى أن المجلس الرئاسي يسعى لاستغلال الهامش الذي تتيحه الهدنة الجديدة لإعادة ترتيب وضع المؤسسات ومعالجة مكامن الخلل التي أثرت على أداء المؤسسات لاسيما تلك التي لها علاقة مباشرة بالمواطنين.
وأصدر مجلس القيادة الرئاسي الخميس عدة قرارات، من بينها تعيين محسن يحيى طالب أبوبكر رئيسا لمجلس القضاء الأعلى بدلا من علي ناصر سالم، الذي شغل المنصب منذ أغسطس 2012.
وينتمي رئيس مجلس القضاء الجديد إلى محافظة لحج جنوب اليمن، وسبق أن شغل عدة مناصب قضائية في عدد من محافظات جنوب ووسط البلد.
وشملت القرارات أيضا تعيين القاضي علي أحمد ناصر الأعوش رئيسا للمحكمة العليا، بدلا من القاضي حمود الهتار، وتعيين القاضي قاهر مصطفى علي إبراهيم نائبا عاما للجمهورية، بدلا من الدكتور أحمد الموساوي.
وينتمي الأعوش إلى محافظة مأرب شمال اليمن، وكان تولى منصب النائب العام للجمهورية اليمنية وهو محسوب على حزب المؤتمر الشعبي العام، وأثارت إقالته حينها ضجة في الأوساط القضائية على خلفية اتهامات لحزب الإصلاح الإخواني بالوقوف خلف إقالته.
كما شملت القرارات “تعيين علي عطبوش عوض أمينا عاما لمجلس القضاء، بدلا من القاضي هزاع اليوسفي، وناظم حسين باوزير رئيسا لهيئة التفتيش القضائي، بدلا من القاضي شفيق الزوقري”.
وتم تعيين “صباح أحمد صالح العلواني وعبدالكريم سعد شرف النعماني ومحمد علي أبكر كديش أعضاء في مجلس القضاء الأعلى”.
وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي عقد اجتماعا مع أعضاء المجلس لمناقشة إصلاح السلطة القضائية، وأكد دور رجال العدالة في إنصاف المواطنين، ورفع المظالم ورد الحقوق إلى أصحابها بما يعزز الثقة الشعبية بمؤسسات الدولة، وحقها الأصيل في احتكار القوة، وإنفاذ القانون وتعزيز استقلاليتها وحماية النظام العام.
وتأتي التعديلات في مجلس القضاء الأعلى عقب ضغوط شعبية وقضائية لمطالبة مجلس القيادة الرئاسي بإصلاح السلطة القضائية، التي تعاني العديد من الإخلالات بسبب المحاصصة الحزبية التي اتسمت بها المرحلة السابقة.
ووفق عاملين في السلك القضائي، شهد مجلس القضاء الأعلى انقسامات كبيرة خلال السنوات الأخيرة، على خلفية الخلاف بين رئيس المجلس المقال علي ناصر سالم وباقي أعضاء المجلس، فضلا عن التباينات السياسية بين الحكومة الشرعية من جهة، والمجلس الانتقالي الجنوبي من جهة أخرى.
وأشار العاملون إلى “الإضرابات التي ينفذها نادي القضاة الجنوبي بين الحين والآخر، ويضم عددا كبيرا من القضاة المنتمين إلى المحافظات الجنوبية، احتجاجا على استمرار رئيس مجلس القضاء السابق علي ناصر سالم، ورئيس المحكمة العليا في الجمهورية حمود الهتار في منصبهما“.
وفيما بدا محاولة لترضية الشخصيات المقالة قرر مجلس القيادة الرئاسي تعيين علي ناصر سالم رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق وحمود الهتار الرئيس السابق للمحكمة العليا وعلي عوض ناصر وأحمد عمر بامطرف أعضاء في مجلس الشورى.
وكان المجلس الرئاسي أعلن في الفترة الأخيرة عن حزمة من التعديلات شملت وزراء في حكومة معين عبدالملك، ومحافظين (في سوقطرى وحضرموت)، وسط ترجيحات بأن تمتد التغييرات لتطال بعض الوزارات الأخرى مثل الخارجية والداخلية، وأيضا المؤسسات الاقتصادية والمالية على غرار الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وهيئة مكافحة الفساد.
في المقابل فإن بحث وضع مؤسسة الجيش يبدو مؤجلا إلى حين في غياب توافق حولها بين مكونات المجلس، لكونها تمس بمكاسب أطراف سياسية مثل حزب الإصلاح في الشمال والمجلس الانتقالي في الجنوب.