راشد بن خزام
تأتي زيارة الرئيس الاميركي جون بايدن للسعودية في وقت حرج جدا وحساس، على المنطقة اولا، ثم على حلفاء اميركا الذين باتوا اقل ثقة بادارتها من السابق.
لكن بايدن يريد اعادة التوازن الى العلاقة بمجملها، وبخاصة مع السعودية التي تمثل محور الثقل العالمي حاليا بقوتها الاقتصادية والسياسية.
لنعد قليلا الى الوراء، ففي العام ١٩٧٤اعلن الرئيس الأميركي نيكسون بلسان وزير خارجيته هنري كيسنجر أن “العلاقة بين السعودية واميركا قائمة على النفط فقط ولن تستمر طويلا، والمواضيع التي تناقش دوما هي في إطار التعاون التقني في ما يتعلق بالتنمية الصناعية والتعاون العلمي والمساعدة التكنولوجية في الطاقة والزراعة..”.
كان لهذا التصريح اثره في تقوية العلاقات لردح من الزمن، لكن الجانب السعودي شكل لوبيا متينا داخل اميركا لدحض هذه التصريحات غير الواقعيه لأن العلاقة مع اميركا ليست علاقة نفطية فقط بل شراكة إستراتيجية في التجارة والصناعة والتعليم .
استطاعت السعودية ان تحقق ذلك لمصلحتها اولا حتى وصل التبادل التجاري الى اكثر من 623 مليار ريال، بحسب تصريحات وزارة التجارة في المملكة،
وهذا رقم عالمي اضافة الى وجود مئات الشركات الاميركية في السعودية وكذلك ابتعاث اكثر من 500 الف طالب وطالبة الى الجامعات الاميركية .. كل ماحدث ويحدث يدحض قطعا كل التأويلات السابقة والجديدة عن توقف العلاقات وان كانت تمر بين الفينة والاخرى بتباين يرتفع تارة ويهبط أخرى..بيد أنها في الآونة الاخيرة وصلت الى نوع من “الطلاق السياسي” والجفاء النوعي.
لكن السعودية تعاملت مع تلك المرحلة بذكاء سياسي وتوازن عالمي خلق رد فعل لدى القيادة الاميركية للتراجع عن جفائها وقد وجدت ان المملكة قوية في عزيمتها على المضي قدما تجاه مايخدم مصالحها غير آبهه بالقطيعة او الجفاء الذي خلقته السياسية الاميركية.
فكانت الاسواق العالمية والتنوع في شراء الأسلحة خطا مفتوحا للسعوديين مع كل دول العالم وليس مع اميركا وحدها .. عادت الادارة الاميركية لمراجعة بعض حساباتها وهذا فن وليس وهنا كما يراه البعض، فليس خطأ ان تصحح ادارة بايدن مايمكن ان نسميه جفاء طال أمده لم ينتج منه سوى مزيد من البعد عن حلفائها .. لكن خسارة دولة بحجم السعودية ستكون ضربة قاصمة لكل الاميركين على المديين القريب والبعيد، وهو مادعا بايدن الى زيارة المملكة للتخفيف من وطأة الجفاء السياسي. وستكون محادثاته، بحسب ماطرحته السعودية في ملفها عن ايران وتحركاتها النووية وسلوكها في المنطقة وكذلك ملف الطاقة والتجارة.
هكذا تدير السعودية سياستها الخارجية من منطلق قاعدة قوية وصلبة مع الجميع. اليوم تعود المملكة كما هي في السابق قوة استراتيجية تفرض نفسها على الساحة العالمية من اجل أمن المنطقة وسلامتها اولا وتوحيد الصف العربي والتصدي للتحديات التي تواجهها.
اهلا ببايدن في بيتنا.. فقد طال الجفاء لوقت مضى خسرنا فيه سوية الكثير مما يمكن لنا ان نحققه على ارض الواقع معاً.
نقلاً عن النهار العربي