وضاح الأحمدي
نتابع الهجمة الإعلامية الممنهجة التي يتعرض لها وزير النقل الدكتور عبدالسلام حُميد، عبر وسائل الإعلام المختلفة، بما فيها الإعلام الاجتماعي ( السوشيال ميديا) وندرك تماما أن الغرض منها هو تشويه الوزير حُميد من جهة والمجلس الانتقالي الجنوبي من جهة ثانية بعد أن فوت الاخير الفرصة على خصومه السياسيين من حيث اختيار ممثليه في الحكومة وفقا للكفاءة العلمية والعملية، ما دفعهم إلى افتعال مناكفات سياسية لتحقيق مكاسب مخطط لها مسبقا.
تأتي الحملة المسعورة على الوزير حميد، لعدة أسباب أهمها محاولة عرقلة جهوده الرامية إلى استعادة حيوية ونشاط وزارة النقل في مختلف قطاعاتها بعد الركود الكبير الذي أصابها خصوصا في فترة ما بعد الحرب القائمة، وتحديدا فترة الوزير “الاعجوبة” صالح الجبواني، وما ساد المرحلة من تجريف مجنون لكفاءات الوزارة وقطاعاتها المختلفة، كذا وفساد مالي واداري لم تشهده الوزارة منذ إنشائها، وتقف خلفها مجموعة متجذرة من فاسدي المال العام التي تذهب ايرادات الوزارة إلى خزائنها وبالعملة الصعبة، الى جانب آخرين يهمهم أن يبقى وضع الوزارة كما هو عليه بعد الحرب سواء كان ذلك يشكل لهم مردودا ماليا مباشرا أو من خلال الاستفادة من تراجع خدمات الوزارة لصالح شركاتهم الخاصة في قطاعات النقل الجوي أو البحري أو البري، أو من المتشفين سياسيا بالوزير أو الانتقالي.
لقد عمد الوزير حميد منذ أن دلف مكتبه بديوان عام الوزارة، على الاستفادة من الخبرات المؤهلة واستعادة هيبة القانون في كافة مؤسسات النقل من خلال إلزام الجميع بالعمل وفقا للوائح الداخلية للوزارة وقطاعاتها الأخرى رغم أن الكثير من آليات العمل القائمة لحظتها كانت تصب في مصلحة الوزير ومكتبه، ولعل أبرزها إلغاءه القرار الوزاري رقم 16 للعام 2018، وهو القرار الجائر الذي أصدره الوزير الجبواني في مخالفة صريحة للقانون ولوائح عمل الوزارة، والذي من خلاله منح مكتبه أحقية الاشراف على الموانىء البرية بدلا عن الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري التي تمتلك هذا الحق الاصيل وفقا لقانون إنشاؤها.
بدأ الوزير حميد بتنفيذ خطته القائمة على ضرورة إيجاد نقل وطني متطور وآمن وخدمات تلبي طموحات الجميع خصوصا في ظل التقدم المذهل لقطاعات النقل في مختلف دول العالم بما فيها دول الجوار لبلادنا، واستغل تجاربه السابقة في قطاعات الدولة الخدمية آخرها شركة النفط بعدن، كما وعلاقاته الواسعة سواء مع الجهات ذات العلاقة بالوزارة أو مع صناع القرار في البلاد وذلك من أجل تمهيد الطريق أمام الجهود الرامية إلى انتشال وزارة النقل من وضعها الحضيضي واستعادة ألقها المفقود على طريق التطوير المأمول للوزارة الاستراتيجية، لكنه انصدم بتركة فساد مهولة خصوصا في الجوانب المالية والإدارية، الأمر الذي دفعه إلى البدء بالإصلاح والتغيير اعتمادا على الكفاءات المؤهلة والقادرة على إحداث التغيير الإيجابي في الوزارة بغية الحصول على إدارات مسئولة تساهم في تنفيذ الخطة وانجاحها، وهو الأمر ذاته الذي وضع الوزير حُميد في فوهة بندقية الفساد وجعل منه مادة إعلامية دسمة مدفوعة الأجر المسبق.
لقد استطاع الوزير حميد في فترة قياسية وفي ظل ظروف بالغة التعقيد من معالجة الكثير من القضايا العالقة في وزارة النقل والجهات ذات العلاقة بها، واهمها في القطاع الجوي والبري، ومشاكل داخلية أخرى كان لها تأثيرا كبيرا على تردي وضع الوزارة وتراجع خدماتها للناس، ولسنا هنا بصدد ذكرها بقدر ما نحاول إبراز السبب الرئيس خلف الحملة الكيدية المكثفة التي يتعرض لها، وذلك بناءً على معرفتنا العميقة بما يدور في أروقة وزارة النقل.
جميعنا مع النقد ولا يوجد احد فوق النقد بما فيهم الوزير حميد، وفقا لقواعد النقد البناء والترفع عن سفاسف الأمور، لكن ما يثير الدهشة هو ذلك التعمد على إدارة النقد والخلاف على أساس مناطقي قذر قد يقود المجتمع الجنوبي ـ خصوصا ـ الى تشظي غير مسبوق ويعزز من انقساماته القديمة التي ما لبثت أن تلتحم بغية الحصول على زوبعة وتحقيق مكسب سياسي أو حزبي ضيق لا يزيد الطين الا بلة في وضع بات فيه الجميع ملزم بمساندة اي جهود من شأنها الارتقاء بمهام القطاع العام وإعادة الاعتبار له وإن بأبسط الإنجازات.
يظل الدكتور عبدالسلام حُميد واحدا من أبرز الكفاءات التي حظيت بها الحكومة الحالية ومشهود له بالنزاهة والمثابرة العملية وتعصبه للقانون والكفاءة بعيدا عن الانتماء السياسي أو المناطقي، ولا أظن أن أحدا جالسه أو عمل الى جانبه سيثبت عكس ذلك، فهو المهموم بالحلم الأكبر حلم الدولة القائمة على النظام والقانون وفقا لقاعدة الرجل المناسب في المكان المناسب.