كريتر نت – متابعات
تَوّج ريال مدريد نفسه الملك المطلق لدوري أبطال أوروبا بعدما أحرز اللقب للمرة الرابعة عشرة في تاريخه، وذلك بفوزه على ليفربول في المباراة النهائية. وبعدما جعل من زين الدين زيدان المدرب الأكثر تتويجا تواليا باللقب، أهدى الريال مدربه الجديد القديم الإيطالي كارلو أنشيلوتي إنجاز أن يكون أول مدرب يحرز اللقب أربع مرات في تاريخ المسابقة بنسختيها السابقة والحالية.
وعزّز ريال مدريد الإسباني بعد تتويجه القياسي الرابع عشر بلقب دوري أبطال أوروبا في كرة القدم، بفوزه على ليفربول الإنجليزي 1-0، مكانته باعتباره النادي الأكثر نجاحا في أوروبا، متميزا بفترات هيمنة تنوّع أبطالها بين دي ستيفانو وزيدان مرورا بالنجوم الخارقين “غالاكتيكوس”.
انضمّ ألفريدو دي ستيفانو الأرجنتيني الأصول إلى ريال مدريد عام 1953 في عهد الرئيس التاريخي سانتياغو برنابيو. عاش نادي العاصمة أول عصر ذهبي أوروبي له. في النهائي الأول ضمن كأس الأندية الأوروبية البطلة (دوري أبطال أوروبا راهنا) ضد رينس الفرنسي في باريس في 13 يونيو 1956، تخلف الميرينغي 0-2.
لكن بقيادة دي ستيفانو، قَلَبَ الملكي الطاولة على ريمون كوبا ورفاقه وخرج فائزا 4-3، ليحرز أول ألقابه الخمسة المتتالية. بعد قدوم ريمون كوبا في أغسطس 1956، ثم المجري فيرينتس بوشكاش في 1958، هيمن الثلاثي الهجومي على القارة العجوز لعدة مواسم، وساهم بصناعة تشكيلة أسطورية جعلت من ريال مدريد “فريق القرن العشرين” بحسب الاتحاد الدولي (فيفا).
بعد رينس في 1956، أضاف ريال إلى لائحة ضحاياه في المباريات النهائية حتى 1960 كلا من فيورنتينا وميلان الإيطاليين، رينس مجددا وأينتراخت فرانكفورت بعد رحيل كوبا في 1959، ما أفسح المجال لدي ستيفانو (3 أهداف) وبوشكاش (4) بإلحاق هزيمة تاريخية بالفريق الألماني 7-3! أكمل ريال عصره الذهبي الأول بلقب سادس عام 1966، عندما كان العلامة المشتركة جناحه الأيسر فرانسيسكو خنتو (المتوفي في يناير 2022)، صاحب الرقم القياسي بعدد مرات إحراز اللقب (6).
نهضة لافتة
بعد صيام 32 عاما وعدة خيبات في النهائي (1962 و1964 و1981)، عاد ريال مدريد إلى الواجهة مع راؤول، البرازيلي روبرتو كارلوس والفرنسي كريستيان كارمبو ليحرز عام 1998 لقب دوري أبطال أوروبا بتسميته الجديدة بقيادة المدرب الألماني يوب هاينكس، على حساب يوفنتوس الإيطالي ونجمه الفرنسي زين الدين زيدان (1-0). بلقبه السابع، استهل “البيت الأبيض” حقبة جديدة قبل قدوم الغالاكتيكوس. بعدما كان لاعبا في التشكيلة الخاسرة في نهائي 1981 ضد ليفربول الإنجليزي، لعب فيسنتي دل بوسكي دور المدرب الناجح وقاده إلى لقب 2000 ضد مواطنه فالنسيا (3-0) قبل قدوم رئيس جديد.
مثّل وصول فلورنتينو بيريس بداية حقبة اللاعبين القادمين من “مجرّة” مختلفة (غالاكتيكوس). نجوم كبار جاؤوا بصفقات خيالية، فأصبح ريال مدريد علامة تجارية عالمية نتيجة انتقالات رنّانة: البرتغالي لويس فيغو مقابل 58 مليون يورو عام 2000، زيدان مقابل 77 مليون يورو في 2001، البرازيلي رونالدو مقابل 43 مليون يورو في 2002 والإنجليزي ديفيد بيكهام مقابل 35 مليون يورو في 2003. نجوم لم يضيفوا سوى لقب قاري وحيد في غلاسكو عام 2002 ضد باير ليفركوزن الألماني، عندما سجّل زيدان من كرة رائعة على الطائر.
نجح الإيطالي كارلو أنشيلوتي، المدرب الحالي لريال، في مروره الأوّل على رأس ريال وقاده إلى “لا ديسيما” (اللقب العاشر)، بعد نهائي مشوّق ضد جاره أتلتيكو مدريد 4-1 بعد التمديد عام 2014. وكان مساعده آنذاك زيدان في بداية مشواره التدريبي.
استلم المهمة الأساسية في 2016، وأكمل المشوار مع النجوم البرتغالي كريستيانو رونالدو، الويلزي غاريث بايل والفرنسي كريم بنزيمة.
من محاولته الأولى، قاد زيزو ريال إلى نهائي 2016 وتغلّب مجددا على أتلتيكو بركلات الترجيح. لقب جديد في الموسم التالي ضد فريقه السابق يوفنتوس (4-1)، ثم الثلاثية أمام ليفربول (3-1) في 2018، ليصبح زيدان أول مدرب في التاريخ يحرز اللقب ثلاث مرات تواليا.
اعتلاء القمة
ريال مدريد بقي وفيا للمسابقة الأولى، فقاده أنشيلوتي إلى لقبه الرابع عشر في 2022، مع المخضرم بنزيمة هدّاف المسابقة
كادت العلاقة بين ريال مدريد والكأس ذات الأذنين الكبيرتين تتوقف العام الماضي. كان الرئيس فلورنتينو بيريس أحد المروجين لبطولة السوبر ليغ المغلقة بين الأندية الثرية، قبل إحباطها إثر اعتراض جماهيري-سياسي. لكن ريال بقي وفيا للمسابقة الأولى، فقاده أنشيلوتي إلى لقبه الرابع عشر في 2022، مع المخضرم بنزيمة (15 هدفا قبل النهائي) هدّاف المسابقة. “كارلو لا يغضب أبدا” هي الجملة التي وصف بها الأسطورة الإيطالية باولو مالديني مواطنه ومدربه السابق كارلو أنشيلوتي والتي تلخص شخصية الرجل الذي أصبح أول مدرب في التاريخ يحقق لقب دوري أبطال أوروبا لكرة القدم أربع مرات، بعد فوز ريال مدريد السبت على ليفربول الإنجليزي في ضواحي العاصمة الفرنسية باريس.
لا زال أسلوبه، وإن لم يكن مبهرا، يؤتي ثماره دائما: في نهاية أبريل الماضي، أصبح “إل ميستر” أول مدرب في التاريخ يحرز ألقاب البطولات الأوروبية الخمس الكبرى بعد قيادته الملكي إلى لقب الدوري الاسباني. اجتاحت صورة الرجل القادم من بلدة ريجولو في محافظة إيميليا-رومانيا شمال إيطاليا خلال احتفالات فريقه وهو يرتدي النظارات الداكنة والسيغار في فمه إلى جانب اللاعبين مواقع التواصل الاجتماعي.
قال حينها مبتسما “اللاعبون هم أصدقائي” وها قد ردّوا الجميل مجددا في ملعب “ستاد دو فرانس” في النهائي القاري. مع هذا التتويج الأوروبي الجديد، بات الإيطالي البالغ 62 عاما المدرب الوحيد الذي أحرز لقب المسابقة القارية الأسمى أربع مرات (في 2003 و2007 مع ميلان، 2014 و2022 مع ريال مدريد)، متفوقا على الفرنسي زين الدين زيدان والإنجليزي بوب بايزلي (ثلاثة لكل منهما مع ريال مدريد وليفربول تواليا). قال بعد الفوز على ليفربول “أنا رجل قياسي. كنت محظوظا للعودة إلى هنا العام الماضي وأن أخوض موسما رائعا”.
ومع ذلك، شهدت مسيرة أنشيلوتي بعض المطبات في السنوات الأخيرة، في نابولي (2018-2019) ثم إيفرتون الإنجليزي (2019-2021)، وهما ناديان أقل شأنا من تلك التي اعتاد عليها الايطالي، بعد فشله النسبي إذا صح القول على رأس الجهاز الفني لبايرن ميونخ الذي أحرز معه لقب الدوري الألماني في عام 2017. غالبا ما وصفه مالديني، قائد ميلان السابق، بأنه “دب كبير لطيف” غير قادر على إراقة الدماء “لا يمكن أن يحدث ذلك إلا عندما يأكل، لأنه بمجرد أن يحمل شوكة، يتطلب الأمر جيشا لإيقافه!”.