سعاد اليعلا صحافية
يدرس مجلس الشورى السعودي “توصية جديدة”، على مشروع نظام المعاملات المدنية تحظر التمييز في مقدار التعويض في الجناية على النفس بين المرأة والرجل والمسلم وغير المسلم.
وأشار عضو الشورى فيصل آل فاضل أحد مقدمي التوصية مع لطيفة الشعلان وعطا السبيتي، إلى أن القضاء في السعودية يميز في تقدير الدية عن النفس وما دونها بين الرجل والمرأة وبين المسلم وغير المسلم، على خلاف الدول العربية والإسلامية ودول العالم.
وتبلغ الدية في السعودية في حال القتل الخطأ للرجل 300 ألف ريال سعودي (أي ما يقارب 80 ألف دولار)، بينما تبلغ في حال قتل المرأة بالخطأ 150 ألف ريال سعودي (أي ما يقارب 40 ألف دولار).
أما قيمة الدية في حال القتل العمد للرجل فتبلغ 400 ألف ريال سعودي (أي ما يقارب 100 ألف دولار)، بينما تبلغ الدية في حال قتل المرأة بالعمد 200 ألف ريال سعودي (أي ما يقارب 50 ألف دولار).
بالنسبة إلى الرجل الذمي أو غير المسلم، تبلغ ديته نصف دية الرجل المسلم، أي ما يعادل دية المرأة المسلمة، وبالنسبة إلى المرأة غير المسلمة فتكون ديتها نصف دية المرأة المسلمة.
وجاءت توصية الأعضاء بإضافة فقرة جديدة على المادة 138 من مشروع نظام المعاملات المدنية لتكون بالنص التالي “يحظر التمييز في مقدار التعويض في الجناية على النفس وما دونها على أساس الجنس أو الدين أو أي شكل من أشكال التمييز الأخرى”.
دم المرأة ليس أرخص من الرجل
وأشار الأعضاء في مصوغات توصيتهم إلى أن الوارد في القرآن في ما يتعلق بالدية آية واحدة مطلقة لم تخص الرجال بشيء منها عن النساء، وهي قوله تعالى “وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة”.
واعتبر الأعضاء أن “الزعم بأن دم المرأة أرخص وحقها أهون زعم كاذب مخالف لظاهر الكتاب، وأن الرجل يُقتل بالمرأة كما تُقتل المرأة بالرجل، فدم المرأة ودم الرجل سواء فما الذي يجعل دية المرأة دون دية الرجل”.
الاتفاقات الدولية
ومن بين المسوغات التي استندت عليها التوصية، تحليل الوضع الراهن واستجلاء المشكلات ذات الصلة بمجال تطبيق النظام، ومن هذه المشكلات الاجتهادات في القضاء التي تؤدي إلى التفرقة في تقدير الدية عن النفس وما دونها بين الرجل والمرأة وبين المسلم وغيره.
وبحسب رأي مقدميها، تسهم التوصية في “تمكين المرأة وتعزيز حقوق الإنسان، وقيم التسامح، والاعتدال وجودة الحياة، كما تنسجم مع الاتفاقات والمواثيق الدولية التي انضمت لها السعودية، إضافة إلى تحسين مركز السعودية عامة والقضاء خاصة على المستوى الدولي والمؤشرات الأممية ذات العلاقة”.
الميراث على النصف
إلا أن الباحث الشرعي الشيخ عبد الله المهنا لفت إلى أن “البعض اتخذ من مسألة دية المرأة ذريعة لتشويه الدين والهجوم على أحكامه فاعتبروا أن القول إنها نصف دية الرجل في النفس، وفي ما دون النفس انتقاص من قيمة المرأة وكرامتها”، فإنه اعتبر ذلك خللاً في الفهم.
وأضاف “النظر إلى هذا الموضوع لا يستقيم إلا بالنظر إلى الأعباء المالية المكلف بها الرجل وتلك التي أعفيت منها المرأة، فالرجل هو الذي يدفع المهر وهو الذي يعول الأسرة… ولا ينظر للموضوع من زاوية الكرامة الإنسانية، فالمرأة مكرمة أماً وأختاً وزوجة”.
وأشار إلى أن السنة النبوية أوضحت ما لم يفهم في الآيات الكريمة، ففي حديثين شريفين “ثبت اختلاف دية المرأة عن الرجل، لكنهما متساويان تماماً في الاعتبار الإنساني وليس لأي منهما ميزة على الآخر، إلا أن رأى جمهور الفقهاء أن دية المرأة في النفس هي النصف من قيمة دية الرجل، بسبب أن لها نصف ميراث الرجل وشهادة امرأتين بشهادة رجل وهذا إنما هو في دية الخطأ”.
لا حجة دينية في التمييز
من جهته يرى المحامي عبد الله محمد جميل في بحثه “المرأة كالرجل في الدية”، أن دية المرأة في العمد وفي الخطأ في النفس وما دون النفس كدية الرجل سواء بسواء، “ولما كان الأصل أن المرأة تساوي الرجل في القصاص فمن باب أولى أن تساوي المرأة والرجل في الدية أيضاً”.
وأن أطراف المرأة كأطراف الرجل يجري فيها القصاص فإذا قطع الرجل يد المرأة عمداً قطعت يده قصاصاً، وإذا كسر سناً لها كسرت السن التي تقابلها في فمه قصاصاً، وهكذا، وهذا رأي جمهور الفقهاء وهو الرأي الراجح والأولى بالتطبيق والاتباع.
وفند المحامي حجة مراعاة المصلحة الذي يستند إليها القائلون بالتنصيف باعتبار أن فقد الرجل باعتباره العائل ليس مثل فقد المرأة، وقال “هذا الأمر ليس له اعتبار في الشريعة بدليل أن دية الطفل الصغير مثل الكبير والفرَّاش مثل البروفوسير”.
المصدر : أندبندنت عربية