كريتر نت – العرب
كشفت تقارير إعلامية وأخرى استخبارية عن نشر الحوثيين شبكات تابعةً لهم في المناطق المحررة بهدف نشر الفوضى وزعزعة الأمن بالتزامن مع عودة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية إلى عدن، وهو ما يعني أن الحوثيين يتّبعون استراتيجية أساسها شعار: ما لا ينسف سياسيّا ينسف أمنيّا.
وحذر خبراء ومراقبون يمنيون من تنفيذ الحوثيين عمليات تخريب واغتيالات في المحافظات المحررة ومحاولة نسْب مسؤولية هذه العمليات إلى تنظيمي القاعدة وداعش كما حدث في مرات سابقة، بعد إعلان الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة الشرعية عن نتائج تحقيقات في عمليات اغتيال بسيارات مفخخة استهدفت شخصيات سياسية وأمنية وتقف خلفها عناصر تابعة للجماعة الحوثية.
وبالتوازي مع عودة المجلس الرئاسي والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا إلى عدن، في أعقاب مشاورات الرياض التي رعاها مجلس التعاون الخليجي، شرعت وسائل إعلام حوثية في الحديث عن انتشار عناصر القاعدة وداعش في المناطق الخاضعة لسيطرة الشرعية وامتلاك تنظيم القاعدة طائرات مسيرة، في مؤشر على تهيئة الجماعة المدعومة من إيران لتنفيذ عمليات تحت رداء الجماعات الإرهابية المسلحة.
مشير المشرعي: لا يوجد فرق بين عمليات الجهاديين وعمليات الحوثي
واستغرب مراقبون توقيت بيانين صدرا عن القاعدة وداعش وعبّرا عن رفضهما لمخرجات مشاورات الرياض والمجلس الرئاسي وتوعدا بتنفيذ هجمات إرهابية في المحافظات الخاضعة لسيطرة الشرعية، في تأكيد على حقيقة الاختراق الحوثي لهذين التنظيمين اللذين باتا يداران وفق أجندة استخبارية تخدم أهداف الحوثيين ومصالحهم.
واعتبر الباحث السياسي اليمني ياسر اليافعي في تصريح لـ”العرب” أن “عودة النشاط العسكري والإعلامي لتنظيميْ القاعدة وداعش في هذه المرحلة أمر متوقع، لأن هذين التنظيمين منذ ظهورهما في اليمن يتم استخدامهما من قبل قوى سياسية مختلفة عند كل مرحلة تمر فيها البلاد بمنعطف سياسي هام وتاريخي”.
ولفت اليافعي إلى أن ما حدث خلال المشاورات اليمنية – اليمنية وإعلان قيادة جديدة توافقية لليمن أزعجا أطرافا كثيرة، منها الحوثي الذي سارع إلى الإفراج عن معتقلين تابعين لتنظيم القاعدة من سجونه وأرسلهم إلى المحافظات الجنوبية لإثارة الفوضى، بالتزامن مع ذلك هرب عدد من مقاتلي القاعدة الخطيرين من سجن المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت، وهذا يؤكد -وفقا لليافعي- أن هذه التحركات منظمة ومدروسة ولها أهداف سياسية وتأتي بالتنسيق بين جماعة الحوثي وبعض الأطراف التي كانت محسوبة على الشرعية وترى أنها خسرت موقعها بالتسوية السياسية الجديدة.
وأضاف “لذلك تسعى هذه الأطراف مجتمعة إلى إثارة الفوضى في مناطق الجنوب -ولاسيما عدن- بهدف إظهارها غير آمنة وغير مستقرة حتى لا تعود المؤسسات الدولية إليها وتظل تعيش حالة من الفوضى وانعدام الخدمات، وكل ذلك يصب في مصلحة الحوثي”.
والأحد استهدف مسلحون مجهولون -يُعتقد أنهم تابعون لجماعات إرهابية مسلحة- خط أنبوب الغاز المسال في منطقة النشيمة في محافظة شبوة جنوب شرق اليمن.
واتهمت مصادرٌ محليةٌ عناصرَ متشددةً -تنتمي إلى منطقة يكثر فيها الموالون للحوثي- بتفجير أنبوب الغاز، بعد أيام قليلة من هروب عشرة متهمين بالانتماء إلى القاعدة من سجن في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت.
وكانت مصادر يمنية قد كشفت في وقت سابق عن قيام الحوثيين بإطلاق سراح العشرات من مقاتلي القاعدة من سجونهم في صنعاء بشكل مفاجئ عقب عودة المجلس الرئاسي اليمني إلى العاصمة المؤقتة عدن، وأشارت المصادر إلى أن من بين الذين أطلق سراحهم عناصر متورطة في عمليات جسيمة استهدفت جنود الأمن المركزي عام 2012.
وفي تصريح لـ”العرب” يتعلق بصدور بيانات القاعدة وداعش ضد المجلس الرئاسي في هذا التوقيت وما إذا كانت حقيقية أم يقف خلفها الحوثي؟ قال الباحث اليمني المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية مشير المشرعي إن القاعدة أصدرت بيانا تم نشره وتداوله في المواقع التابعة للتنظيم.
وعن حقيقة الأخبار التي بثتها وسائل إعلام حوثية حول امتلاك القاعدة لطائرات مسيرة، أكد المشرعي أن طائرات القاعدة المسيرة التي ظهرت في الإصدار الأخير هي طائرات تصوير لا يتجاوز سعرها 100 دولار، لكن تم تعديلها لتستطيع حمل قذيفة يتم إسقاطها، واستدرك “لكن الملفت أن هذه الطائرات تم منع إدخالها إلى اليمن وميليشيا الحوثي هي المتحكم الوحيد فيها وتستعملها في عملياتها ويتم إيصالها إلى الحوثيين عن طريق التهريب”.
وبخصوص انتشار القاعدة في أبين خلال هذا التوقيت أوضح أنه “لا يوجد انتشار كبير للتنظيم في أبين حسب ما يراد تصويره، وهناك انتشار محدود في مناطق جبلية وعرة انسحب إليها مقاتلو التنظيم بعد عمليات نفذتها قوات الحزام الأمني”.
وعن كيفية التمييز بين عمليات القاعدة وداعش وبين تلك التي يقف خلفها الحوثيون أشار المشرعي إلى أنه “لا يوجد فرق بين عمليات التنظيمات الجهادية وبين عمليات الحوثي من حيث التكتيك والأسلوب المتبع؛ فجميعها متشابهة بشكل كبير. لكن الفرق يكمن في تبني التنظيمات للعمليات ونشرها عبر حساباتها الرسمية، بينما لا يعلن الحوثي عن تبني العمليات التي يقوم بها كما هو الحال في عملية اغتيال العميد ثابت جواس قائد محور العند بسيارة مفخخة”.
وأضاف “لم يتبنّ تنظيم القاعدة ولا داعش العملية على الرغم من أنها تتوخى أسلوب التنظيمات الإرهابية في الاستهداف عن طريق سيارات مفخخة تم تفجيرها عن بعد أثناء مرور موكب جواس، لكن أصابع الاتهام تشير إلى أن الحوثي هو المنفذ والمستفيد الأكبر من تلك العملية التي جاءت للانتقام لمصرع زعيمهم المؤسس حسين الحوثي على يد العميد جواس”.
وأكد الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية على أنه تم اختراق تنظيميْ القاعدة وداعش من قبل الحوثيين، مشيرا إلى أنه يتم تحريكهما لصالح الحوثيين الذين يظهرون أنفسهم أمام المجتمع الدولي على أنهم يحاربون الإرهاب، واستشهد المشرعي بما حصل في منطقة قيفة كدليل على هذا الاختراق الحوثي، حيث انسحب تنظيم القاعدة من المنطقة باتفاق مع الحوثي.