قصة قصيرة / للاستاذ منصور عبيد حسين :
يفتح النافذة كلما صحا بين الحين والاخر… وعلى لسانه استعجال الزمن ..متى تشرق الشمس ? ولكن ظهر هذا اليوم يعود محمد باكيا… كانت دموعه غزيرة وحارة !! ..احتضنته امه ، سألته ولكنه لم يجب نادت والده .. وضع يده على راسه فجرت يده بين شعره…. حمله ليضعه على الفراش ،مسح دموعه ، تجمع اخوانه على شكل نصف دائرة ابعدت الام احدهم وجلست الى جانب محمد… فقال الاب : لماذا تبكي ? رد محمد ; لم يعطوني بدلة… .صاح الاب بعد اسبوع من التدريب صباحا وبعد العصر وعودتك كانك خرجت من تحت الارض… لايعطونك بدلة ..غدا ساذهب معك وساخرج لك بدلة من اعينهم… في الصباح كان الاب ممسكا بيد ابنه ،الذي يدرس في الصف الخامس ، خطواته تهز الارض والشرار يتطاير من عينيه المحملة ببقايا سهر… دخل على المدير دون سلام ولسانه يقول : لماذا لم تعطوا ابني بدلة ? طلب منه المدير ان يجلس ليوضح له الامر وبعد شد وجذب… اجلسه الوكيل وبعض المدرسين… قال له المدير : كما تعلم انه قد تم اختيار مدرستنا هذا العام لتقديم عرض طلابي بمناسبة عيد الوحدة… .دربنا اكثر من ثلاثمائة طالب من الصف الخامس الى التاسع وطلب منا مقاس الطلاب من قبل ادارة التربية لرفعه الى الوزارة… مد المدير يده الى درج مكتبه واخرج ملف وضعه امامه وهو يقول : هذا الملف يحوي كشوفات باسماء الطلاب ومقاساتهم ..ويوم امس تفاجئنا بمكتب التربية يحضر لنا شدات من القمصان والسراويل ، تصدق اخي كلها مقاس واحد واطول طالب في الصف التاسع البدلة اكبرمنه… نهض المدير ومد يده الى الاب وهو يقول: تعال لترى بعينك… في المكتب الثاني رفع المدير واحد من القمصان وواحد من السراويل امام الاب وهو يقول: انظر هل هذا مقاس ابنك الذي لايتجاوز طوله المتر .. طاطا الاب راسه خجلا ..فقال المدير: والان ساريك علم الجمهورية ثلاث قطع من النايلون الذي هو اردى من نايلون هذه البدلات… مدة امام الاب… .تخيل مترين من النايلون كم تكلف أخرج الفاتورة من جيبه، مدها للاب.. اتسعت عيني الاب فقال المدير : سبعون الفا صح… هز الاب راسه ،فاضاف المدير الا يكفيهم انهم سرقوا نصف التغذية المقررة لطلاب… ..انه الفساد الذي ينخر جسد الوحدة…كما نخر الفار سد مارب.. !!
( مايو 2005 )