كريتر نت – العرب
أعلن مجلس التعاون الخليجي عن مفاوضات يعتزم رعايتها بين الفرقاء اليمنيين في الفترة الممتدة بين التاسع والعشرين من مارس الجاري والسابع من أبريل المقبل، وسط ترجيحات بمقاطعة الحوثيين لها في ظل موقفهم من مكان انعقادها.
وتقول أوساط سياسية يمنية إنه من المستبعد أن يشارك المتمردون الحوثيون في المشاورات، التي ستُجرى في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي بالعاصمة السعودية الرياض نهاية الشهر الجاري.
وتوضح الأوساط أن الحوثيين يعتبرون السعودية طرفا رئيسيا في الصراع الدائر منذ العام 2014، والذي اتخذ منحى دراماتيكيا حينما عمد المتمردون الموالون لإيران إلى السيطرة على العاصمة صنعاء، الأمر الذي فرض تدخلا عربيا بقيادة المملكة في العام 2015 دعما للسلطة الشرعية.
وأعلن مجلس التعاون الخليجي مساء الخميس، أنه سيستضيف في العاصمة الرياض مشاورات للأطراف اليمنية في التاسع والعشرين من مارس الجاري، بهدف وقف إطلاق النار في بلادهم، مشددا على أن المفاوضات ستُجرى بمن حضر.
وقال أمين عام التعاون الخليجي نايف الحجرف، في مؤتمر صحافي بمقر الأمانة العامة للمجلس في الرياض “سنستضيف مشاورات يمنية – يمنية (يقصد الحكومة والحوثيين) اعتبارا من التاسع والعشرين من مارس الجاري إلى السابع من أبريل القادم”.
المتمردون الحوثيون يشترطون أرضا محايدة للمشاركة في الحوار، الذي يدعو إليه مجلس التعاون الخليجي
وأضاف أن “هذه المشاورات تهدف إلى وقف إطلاق النار في اليمن، وإدارة الشأن الأمني وفتح الممرات الإنسانية”، داعيا جميع أطراف الصراع اليمني دون استثناء إلى المشاركة في هذه المفاوضات والدخول بمفاوضات سلام برعاية الأمم المتحدة وبدعم خليجي.
وشدد الحجرف “نحث كافة الأطراف اليمنية على وقف إطلاق النار وبدء محادثات سلام”، مؤكدا أن حل الأزمة في أيدي اليمنيين أنفسهم وسيكون فقط سياسيا، مبينا أن دعوات المشاورات اليمنية سترسل للجميع ودون استثناء وستعقد بمن يحضر.
وكان المتمردون الحوثيون اشترطوا في وقت سابق “أرضا محايدة” للمشاركة في الحوار الذي يدعو إليه مجلس التعاون الخليجي. وقال مسؤول في “المجلس السياسي الأعلى” لجماعة الحوثيين، أبرز سلطة سياسية لدى المتمردين، إن جماعته ترفض الذهاب إلى الرياض للتحاور.
وأضاف المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن هويته “سنرحّب بالدعوة إلى التحاور في أرض غير أرض دول العدوان”، في إشارة إلى السعودية والدول المشاركة في التحالف العربي الذي تقوده المملكة في اليمن. وتابع “نحن دائما وأبدا، أيدينا ممدودة للسلام والسلام المشرف لجميع اليمنيين”.
وتقول الأوساط السياسية إنه من غير المرجح أن يغير المتمردون موقفهم لجهة مكان انعقاد المحادثات، حيث يرون بأنه لا يمكن للرياض أن تكون طرفا في الصراع وحاضنا في الوقت ذاته لمحادثات السلام، وسبق وأن أبدى الحوثيون في أواخر يناير الماضي استعدادهم للجلوس على طاولة المفاوضات مع الحكومة في دولة محايدة، مقترحين سلطنة عمان.
وتتبنى عمان سياسة محايدة تجاه الصراع اليمني، وقد لعبت دورا محوريا في العديد من المحطات التي هدفت إلى تحقيق اختراقات على صعيد الأزمة، وسعت إلى تقريب وجهات النظر ونقل رسائل غربية إلى الحوثيين وتيسير المباحثات غير المباشرة بين المتمردين والأطراف الفاعلة في الملف اليمني.
وتعتقد الأوساط أن السعودية ومن خلال دعوة مجلس التعاون الخليجي تقدم الفرصة الأخيرة للحوثيين للجنوح إلى السلام، لكن المتمردين لا يبدو أنهم في وارد التقاطها، ليس فقط لموقفهم من الرياض بل وأيضا في ارتباط بموقف طهران، التي تتخذ من الأزمة ورقة لمقايضة السعودية والمجتمع الدولي.
وترى الأوساط أن إصرار المملكة على تجاهل مقترح “الأرض المحايدة” يشكل إحراجا كبيرا للمتمردين، في ظل الظروف الراهنة ولاسيما بعد تعثر حملتهم العسكرية في مأرب، وخسارتهم لموطئ قدم في الجنوب على أيدي قوات العمالقة الجنوبية.
وإلى جانب ذلك يتعرض الحوثيون لضغوط دولية متصاعدة وآخرها القرار الأممي بحظر السلاح عن الحوثيين، والقرار الأوروبي، بإدراجهم على اللائحة السوداء.
مجلس التعاون الخليجي يعلن استضافته مشاورات للأطراف اليمنية بهدف وقف إطلاق النار
والمأزق الأخطر بالنسبة إلى المتمردين هو حالة الغليان الشعبي التي تشهدها مناطق سيطرتهم والتي باتت تنذر بانفجار شعبي. وقد تعالت في الفترة الأخيرة أصوات من داخل صنعاء، تنتقد الأوضاع التي آلت إليها العاصمة في ظل الأزمة المعيشية الخانقة، وهو تحول خطير تتابعه الجماعة بقلق، حيث إنه لم يكن في السابق من يجرؤ على توجيه أي انتقادات خشية بطش عناصرها.
ويقول مراقبون إن رفض المتمردين المشاركة في المفاوضات المقبلة، سيزيد من إضعاف موقفهم سواء كان في الداخل اليمني وأيضا لدى المجتمع الدولي، في المقابل فإن تدارك الموقف المتحفظ لن تسمح به إيران، كما أنه من غير الوارد أن يقبله الجناح المتشدد داخل الجماعة حيث سيعدّ تنازلا.
ويشير المراقبون إلى أنه في حال لم يشارك الحوثيون في المشاورات المرتقبة فإنه في الغالب ستتحول الأجندة إلى بحث إعادة هيكلة السلطة الشرعية، تمهيدا لمرحلة جديدة من المواجهة مع المتمردين.
ودعا الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي إلى وجوب وضع آلية مشاورات يمنية – يمنية خلال المفاوضات المرتقبة لتوحيد الجبهة الداخلية وتنفيذ اتفاق الرياض، واستئناف المشاورات السياسية برعاية الأمم المتحدة حتى تحقيق السلام.
ويهدد استمرار الأزمة الملايين من اليمنيين الذين يواجهون شبح الجوع، وقد أعربت الأمم المتحدة عن خيبة أملها بعدما جمع مؤتمر للجهات المانحة لليمن عُقد الأربعاء أقل من ثلث المبلغ المطلوب الذي تقول المنظمة إنه ضروري لتجنيب البلاد كارثة إنسانية.
وكانت الأمم المتحدة دعت خلال المؤتمر إلى جمع 4.27 مليار دولار من أجل مساعدة 17.3 مليون شخص في اليمن، إلا أن مجموع ما تعهّدت به الجهات المانحة في نهاية المؤتمر اقتصر على 1.3 مليار دولار.