كريتر نت – صحف
تناولت الصحف العالمية الصادرة صباح الأربعاء، آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا التي دخلت أسبوعها الرابع، إذ تطرقت لتقارير تصف الصين بأنها ”تخاطر“ بخسارة الغرب لحساب روسيا في حال قدمت بكين أي شكل من أشكال الدعم لموسكو.
كما سلطت الضوء على ”مقاومة أوكرانية شرسة“ في كييف وميكولايف، أعاقت التقدم الروسي.
وتحدثت صحف أخرى عن ”حرب أهلية سورية“ جديدة تلوح في الأفق في الأراضي الأوكرانية. يأتي ذلك في وقت حذر فيه بعض المراقبين من الوضع القانوني للمرتزقة والمتطوعين للقتال في الحرب.
مخاطرة صينية
اعتبرت صحيفة ”فاينانشال تايمز“ البريطانية، أن الصين تخاطر بخسارة الغرب لحساب روسيا إذا دعمت موسكو بأي شكل من الأشكال، موضحة أن بكين مطالبة بمضاعفة جهودها للضغط على موسكو من أجل وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في أوكرانيا، من خلال استخدام نفوذها ”كشريك إستراتيجي“ لروسيا.
وانتقدت الصحيفة، تناول اجتماع كبير الدبلوماسيين الصينيين، يانغ غيتشي، ومستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، في وسائل الإعلام الصينية التي تجاهلت صراحة الغزو الروسي ولم تذكر أوكرانيا إلا بشكل عابر.
ورأت أن علاقة بكين باتت على المحك مع واشنطن وبروكسل بسبب موقفها تجاه موسكو، لكنها أكدت أنه إذا تمكنت بكين من إقناع موسكو بالانضمام إلى مفاوضات وقف إطلاق النار بحسن نية، فقد يُنظر إليها دوليًّا على أنها ”المنقذ“.
وقالت الصحيفة في تحليل لها، إن ”هناك تكاليف على صداقة الصين اللامحدودة مع روسيا“، موضحة أن رفضها وصف العدوان الروسي بأنه ”غزو“، أو انتقاد موسكو علناً، قد يجعلها شريكة في الحرب والقتل، وقد تزداد المخاطر بالنسبة للصين إذا ساعدت روسيا على تفادي العقوبات الغربية.
وتحت عنوان ”مخاطر أخرى قادمة لبكين“، نقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين تأكيدهم أن موسكو طلبت من بكين معدات عسكرية لدعم غزوها لأوكرانيا، إذ نفت الصين هذه المزاعم ووصفتها بـ“التضليل الخبيث“.
وأضافت ”مهما كانت الحقيقة، فإن احتمال حدوث تصعيد في حدة الخلاف بين واشنطن وبكين واضح“. وتابعت ”الصين ليست مكتفية ذاتيًّا تقريبًا في الطاقة أو الغذاء. إنها تدرك جيدًا نقاط الضعف الكامنة في طرق إمدادها عبر البحار الآسيوية التي تهيمن عليها البحرية الأمريكية. وإن احتمال فرض حصار بحري، مهما كان بعيدًا، يقابله قدرة الولايات المتحدة على تجميد جزء كبير من احتياطيات الصين الأجنبية الموجودة في سندات الخزانة الأمريكية“.
ورأت أن مصلحة الصين الكبري تكمن في ممارسة الضغط على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ومضاعفة جهودها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار.
واختتمت ”فاينانشال تايمز“ تحليلها بالقول ”قد تشارك الصين موقف روسيا من العالم الغربي، لكنها لا تريد أن تكون على (الجانب الخاطئ من التاريخ). وبمعنى ملموس، يجب أن يكون الهدف الرئيس لبكين هو تجنب جرّها إلى الحرب من قِبل روسيا، والعمل على منع التصعيد.“
مقاومة شرسة
ميدانيًّا، ذكرت مجلة ”الإيكونوميست“ البريطانية، أن الضربات الصاروخية داخل العاصمة الأوكرانية، كييف، من قبل القوات الروسية تشير إلى ”مرحلة جديدة من الحرب“ المستمرة منذ ثلاثة أسابيع، لكن مواطنيها ما زالوا يتحدون ويقاومون بشراسة.
وقالت المجلة في تحليل لها ”من الشمال الغربي إلى الشمال الشرقي من العاصمة، تقاتل القوات الأوكرانية والمدنيون بكل ما يملكون لصد القوات الروسية التي هدمت بلدات وضواحي صغيرة بأكملها.. وبشكل حاسم، نجح الأوكرانيون إلى حد كبير في إبقاء المدفعية الروسية خارج نطاق وسط المدينة“.
ونقلت عن محللين قولهم، إن معركة كييف ”تخاطر بالتحول إلى علاقة صراع طويل الأمد“، مشيرين إلى ”خطط روسية أولية“ لتدمير المباني الحكومية المهمة متبوعًا بتقدم خاطئ ثم مسيرة مظفرة إلى العاصمة، ثم إسقاطها في نهاية المطاف.
ويري المحللون، وفقًا للمجلة، أن التكتيك الروسي هو ”استنزاف قدرة الأوكرانيين من خلال الترهيب والإرهاق“.
وأشارت ”الإيكونوميست“، إلى أن كييف نجحت حتى الآن بشكل كبير في الحد من الهجمات الصاروخية الروسية المتكررة وإحباط خطط قطع رأس الحكومة، لأن نظام الدفاع الجوي الذي يحيط بالمدينة يعمل بشكل جيد، معتبرة أن ”القوات الروسية لا تزال تعمل وفق المذاهب السوفيتية القديمة بطيئة التكيف مع الظروف الجديدة“.
وفي ”ملحمة أوكرانية“ أخرى، ذكرت صحيفة ”واشنطن بوست“ أنه على الرغم من القصف العنيف، أحبطت القوات الأوكرانية في مدينة ميكولايف بشكل ملحوظ التقدم الروسي، معتبرة أنها ضربة كبيرة لخطط الكرملين الواضحة لشن هجوم على أوديسا، شريان الحياة الاقتصادي لأوكرانيا كواحد من أكبر موانئ البحر الأسود.
وعلى الرغم من بقاء السفن الحربية الروسية قبالة سواحل أوديسا، نقلت الصحيفة عن مسؤولين محليين قولهم إن ”الروس ربما يؤخرون أي هجوم برمائي حتى يتمكنوا من الحصول على مزيد من الدعم البري من قواتهم في الشرق“.
وقالت إن مدينة ميكولايف، أصبحت عقبة حاسمة أمام القوات الروسية، إذ صرّح حاكم المدينة، فيتالي كيم، للصحيفة بأن بعض القوات الروسية قد تعرضت للهزيمة، مشيرًا إلى أنها موجودة حاليًّا في بلدة خيرسون، على بعد نحو 40 ميلًا إلى الجنوب الشرقي.
وأضافت ”يؤكد موقف المقاومة الأوكرانية في ميكولايف قدرتها علي الحد من تقدم الروس في أجزاء من البلاد، ما يجعل هذه الحرب أشبه بمعركة أكبر مما توقع الكثيرون. وبالرغم من أن روسيا تمتلك المزيد من القوة البشرية والقوة النارية، لكنها تعثرت بسبب ما وصفه المسؤولون الأمريكيون بإستراتيجية عسكرية ضعيفة وقضايا أساسية تتعلق باللوجستيات والإمدادات“.
أوكرانيا.. و“حرب أهلية سورية“
من ناحية أخرى، ذكرت مجلة ”فورين بوليسي“ الأمريكية، أن ”إعلان روسيا عن احتمال الاستعانة بمرتزقة سوريين للقتال إلى جانب قواتها في أوكرانيا، قد أثار تكهنات بعودة ممكنة للحرب الأهلية السورية – جزئيًّا – في أوكرانيا“.
وذكرت المجلة في تحليل لها ”ورد أن بعض السوريين موجودون بالفعل داخل روسيا، ويستعدون لدخول أوكرانيا. وهناك منطق معين لهذا النشر، حيث جندت روسيا بعض السوريين للعمل في وظائف في الأجزاء الانفصالية من منطقة دونباس الأوكرانية في العام الماضي.. والسوريون هم بالفعل مصدر مناسب للعمالة الرخيصة“، وفق تعبيرها.
ونقلت ”فورين بوليسي“ عن محللين سوريين قولهم، إن ”هناك مجموعة أخرى في سوريا موالية لنظام الرئيس، بشار الأسد، مستعدة للقتال من أجل روسيا في أوكرانيا، لكن مقابل السعر المناسب“، مشيرين إلى أن ”الروس لديهم احتياطي ضخم من المتطوعين في سوريا على استعداد لخدمتهم إذا كان بإمكانهم توفير المال“.
وأشارت المجلة – إثر هذا التصريح – إلى أن روسيا تنظر إلى السوريين على أنهم ”احتياطي من المقاتلين المطيعين“ لتغذية الصراع إذا لزم الأمر.
وأوضحت أن السوريين يقاتلون في حرب أهلية متعددة الأوجه منذ أكثر من عقد، وتركت هذه الحرب جيلًا من الشباب الذين يعرفون كيف يقاتلون.
وضربت المجلة مثالين على استخدام المرتزقة السوريين للقتال خارج الديار، بأوامر تركية.
وقالت إن أنقرة كانت أمرت عناصر ”الجيش الوطني السوري، وهو فصيل مسلح يضم عناصر متطرفة تدعمه تركيا، للقتال لصالح أذربيجان ضد أرمينيا في حرب ناغورنو – كاراباخ عام 2020“.
وأضافت أن أنقرة استخدمت أيضًا الفصيل المسلح ذاته وأرسلت عناصره للقتال في ليبيا إلى جانب ميليشيات طرابلس.
في غضون ذلك، رأت المجلة الأمريكية، أن السوريين قد يظهرون على جانبي حرب أوكرانيا أيضًا، حيث أعلن الناجون من الثورة السورية بالفعل عن رغبتهم في القتال من أجل أوكرانيا ضد ”الغزاة الروس“، قائلة: ”يلقي العديد من السوريين في جميع أنحاء البلاد باللوم على روسيا في تدمير بلادهم، وقد يرون في أوكرانيا فرصة لساحة معركة أخرى لمحاربة الروس“.
وتحت عنوان ”الوضع المحفوف بالمخاطر للمقاتلين الأجانب في أوكرانيا“، تساءلت المجلة في تحليل آخر عن مصير هؤلاء المتطوعين الذين وصفتهم روسيا بأنهم ”مرتزقة“، ووضعهم القانوني في حالة أسرهم من قبل موسكو.
وكانت روسيا قد أعلنت في الثالث من الشهر الجاري، أن جميع المتطوعين الأجانب في أوكرانيا يعدون ”مرتزقة“، ولا يمكن اعتبار أي منهم مقاتلًا وفقًا للقانون الإنساني الدولي أو يتمتع بوضع أسرى الحرب وستتم محاكمتهم ”كمجرمين“.
وأكدت المجلة، أن أوكرانيا إذا أرادت تجنيد متطوعين أجانب في جيشها النظامي، وهو ما فعلته أيضًا في عام 2010 مع الأجانب الذين انضموا إلى الميليشيات القومية لمحاربة الانفصاليين الموالين لروسيا، فيجب أن يتمتعوا بحقوقهم الكاملة كجنود بموجب ”اتفاقيات جنيف“.
وأوضحت أنه بموجب القانون الدولي، يتمتع الجنود الأسرى بالحماية الكاملة من الانتقام أو التعذيب أو المعاملة المهينة كرهائن، مشيرة إلى أن المرتزقة لا يتمتعون بنفس الحماية التي يتمتع بها المقاتلون الشرعيون، بما في ذلك الحقوق الممنوحة لأسرى الحرب، وأن الحكومات لها الحرية في معاملتهم على النحو الذي تراه مناسبًا