كريتر نت – العرب
وضعت روسيا عقبة جديدة محتملة أمام مساعي التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران تؤكد مصادر غربية أنه بات وشيكا. ويخدم الاعتراض الروسي موقف دول الخليج الرافضة لاتفاق ضعيف لا يمكن التحقق من الالتزام ببنوده بصورة قطعية وعملية.
ويقوي اعتراض روسيا على الاتفاق النووي الإيراني الذي دخل مرحلة الحسم، موقف دول الخليج، إذ ترى الأخيرة نقاط ضعف أساسية في الاتفاق لا تقيّد بشكل صارم مساعي إيران لامتلاك قنبلة نووية، ما يهدد أمن المنطقة والعالم.
ورغم أن الاعتراض الروسي ينبع من دوافع ذاتية مصلحية بالأساس، إلا أن مراقبين يشيرون إلى أنه ربما كان مقابلا حينيا لحياد دول الخليج بشأن الأزمة الأوكرانية وعدم انخراطها في سياسة المحاور.
ومنذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، اتخذت الدول الخليجية من الحياد أساسا للتعامل مع مجريات الأزمة ورفضت الضغوط التي مورست، خاصة الأميركية منها، من أجل دفعها إلى الاصطفاف وراء طرف ضد آخر.
ولم تدعم الدول الخليجية العقوبات الغربية على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا، كما رفضت المملكة العربية السعودية مطالب أميركية متكررة برفع إنتاج النفط والتزمت باتفاقيات منظمة أوبك+، نائية بنفسها عن الاصطفاف.
وتدعو دول الخليج إلى المسار الدبلوماسي لتسوية الأزمة الخليجية، كما أجرى عدد من القادة الخليجيين اتصالات في سبيل تهدئة الأزمة وإيجاد مخرج دبلوماسي يوقف الحرب.
الأمير محمد بن سلمان: السعودية لا نرغب في رؤية اتفاق نووي ضعيف مع إيران
وتريد دول الخليج اتفاقا نوويا مع إيران يراعي مخاوفها الأمنية ويأخذ في الحسبان أمن المنطقة بالكامل، الذي تهدده طهران عبر دعمها للميليشيات الموالية لها في كل من العراق وسوريا واليمن.
ولا تعارض الدول الخليجية التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران يقيّد بالكامل، وبطريقة يمكن التحقق منها، وصول طهران إلى إنتاج قنبلة نووية، وتعتبر أن غير ذلك سيمثل خطرا على أمنها وأمن العالم.
وتشارك إسرائيل العدوة اللدودة لإيران، دول الخليج مخاوفها. وهدد المسؤولون الإسرائيليون مرارا بتوجيه ضربة عسكرية لإيران، معتبرين الاتفاق النووي الذي تعمل الدول الغربية على إبرامه مع طهران لا يلزمهم.
وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مقابلة مطولة مع صحيفة “أتلانتيك” الأميركية نشرت الخميس الماضي وتداولتها بالكامل وسائل إعلام سعودية، في إجابة على سؤال حول ما إذا كان “يفضل وجود الاتفاق النووي أم لا يفضله”، “أعتقد أن أي بلد في العالم لديه قنابل نووية يعد خطيرا، سواء إيران أو أي دولة أخرى، لذا نحن لا نود أن نرى ذلك، وأيضا نحن لا نرغب في رؤية اتفاق نووي ضعيف، لأنه سيؤدي في النهاية إلى ذات النتيجة”.
وتعتبر السعودية وإيران أكبر قوتين متنافستين في المنطقة، وثمة توتر كبير بين الطرفين في ظل خلافات حادة متعددة، خاصة الحرب في اليمن وهجمات الثاني من يناير 2016 على سفارة الرياض لدى طهران والقنصلية السعودية في مشهد.
وازداد التوتر بين البلدين في 2019 بضربة جوية على منشآت نفطية سعودية. وقد دمر الهجوم جزءا من طاقة إنتاج النفط في السعودية، واتهمت الرياض إيران بالتورط في الهجوم.
ولا توجد علاقات دبلوماسية رسمية بين طهران والرياض منذ العام 2016، لكن جرى خلال الأشهر الأخيرة تبادل رسائل حول رغبتهما في تسوية الخلافات.
بوتين يعيد خلط أوراق الاتفاق النووي الإيراني
وأجرت السعودية وإيران العام الماضي 4 جولات من المحادثات في بغداد حول تطبيع العلاقات المقطوعة وسبل حل الخلافات، وسط توقعات باستضافة العاصمة العراقية الجولة الخامسة من هذا الحوار قريبا.
وقال ردا على سؤال حول العلاقات مع إيران “إنهم جيراننا، وسيبقون جيراننا للأبد، ليس بإمكاننا التخلص منهم، وليس بإمكانهم التخلص منا، لذا فإنه من الأفضل أن نحل الأمور، وأن نبحث عن سبل لنتمكن من التعايش”.
وتابع ولي العهد السعودي “قد قمنا خلال 4 أشهر بمناقشات، وسمعنا العديد من التصريحات من القادة الإيرانيين، والتي كانت محل ترحيب لدينا في المملكة العربية السعودية، وسوف نستمر في تفاصيل هذه المناقشات، وآمل أن نصل إلى موقف يكون جيدا لكلا البلدين، ويشكل مستقبلا مشرقا للسعودية وإيران”.
وشابت حالة من الغموض محادثات إحياء الاتفاق النووي، بعد مطالب روسيا بضمان من الولايات المتحدة بأن العقوبات التي تواجهها بسبب الصراع في أوكرانيا لن تضر بتجارتها مع إيران.
منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية اتخذت الدول الخليجية من الحياد أساسا للتعامل مع مجريات الأزمة ورفضت الضغوط التي مورست
ووضعت موسكو هذه العراقيل المحتملة السبت في الوقت الذي بدا فيه أن المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن في فيينا، تتجه نحو التوصل إلى اتفاق.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن روسيا تريد ضمانا مكتوبا من الولايات المتحدة بأن التجارة والاستثمار والتعاون العسكري التقني الروسي مع إيران، لن تعرقله العقوبات بأي شكل من الأشكال.
وتأتي مخاوف روسيا من تأثير العقوبات الغربية على تعاملاتها مع إيران، في أعقاب مساعي كبار المسؤولين الإيرانيين لتعميق العلاقات مع موسكو منذ انتخاب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وهو من غلاة المحافظين، العام الماضي.
وسعى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى تبديد الحديث عن مثل هذه العقبات، عندما قال إن العقوبات المفروضة على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا ليست لها علاقة باتفاق نووي محتمل مع إيران.
وخفف اتفاق 2015 العقوبات على إيران مقابل الحد من تخصيبها لليورانيوم، مما يجعل من الصعب عليها تطوير مواد لصنع أسلحة نووية.
وانهار الاتفاق في عام 2018 بعد أن أعلن الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة منه.