كريتر نت – متابعات
ظهر الارتباك على مواقف المسؤولين الفرنسيين تجاه ما يجري في مالي بسبب رفض المجلس العسكري الحاكم بقيادة أسيمي غويتا القبول بدور فرنسا ولجوئه إلى روسيا للاستقواء بدعمها. وبلغ هذا الارتباك حدا خيرت فيه باريس المجلس الحاكم بين الديمقراطية أو الانسحاب من حرب الجهاديين وترك مالي تواجه مشكلة الإرهاب بمفردها.
ويقول مراقبون إن فرنسا بهذه الخطوة لا تعاقب المجلس العسكري لوحده بل تعاقب نفسها بإحداث ثغرة كبيرة في الحرب على الإرهاب، وإعطاء الجهاديين هامشا للتحرك بحرية أفضل بعيدا عن مجال نشاطها.
فلورنس بارلي: لسنا على استعداد لدفع ثمن بلا حدود للبقاء في مالي
وقالت وزيرة القوات المسلحة الفرنسية فلورنس بارلي السبت إن الدول الأوروبية التي تقاتل المتشددين الإسلاميين في مالي ستجد سبيلا لمواصلة مهمتها، لكنّ هناك حدودا للثمن الذي يمكن لفرنسا أن تدفعه للبقاء هناك.
وتعاطت فرنسا مع مواقف غويتا وبقية المسؤولين في المجلس العسكري بأسلوب ردة الفعل بدل التحرك في الظل لإقناعه بالشراكة معها، أو الإبقاء على التزامات بلاده بالحرب على الإرهاب.
وأبلغ المجلس العسكري فرنسا الأربعاء بضرورة الكف عن التدخل في شؤون مستعمرتها السابقة وأن تحتفظ “بالأصداء الاستعمارية” لنفسها.
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان قد قال الجمعة إن الوضع أصبح غير محتمل، وإن الحلفاء الأوروبيين اتفقوا على رسم خطط خلال أسبوعين بشأن كيفية تعديل حملتهم، التي تشمل مالي ومنطقة الساحل الأوسع نطاقا، لتتماشى مع المستجدات.
وقالت بارلي “ظروف تدخلنا، سواء عسكريا أو اقتصاديا أو سياسيا، تزداد صعوبة أكثر وأكثر”.
وأضافت “خلاصة القول، لسنا على استعداد لدفع ثمن بلا حدود للبقاء في مالي”.
لكنها قالت إن وزراء الدول الخمس عشرة المشاركة في القوة الأوروبية الخاصة تجمعهم الآن الرغبة في مواصلة المهمة “ومن ثم علينا أن نحدد شروطها الجديدة”.
وتدهورت علاقات باماكو مع الأوروبيين كما مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا التي فرضت عقوبات دبلوماسية واقتصادية صارمة على مالي.
والمجلس العسكري متهم بالاستعانة بمرتزقة مجموعة فاغنر العسكرية الروسية. كما أعاد النظر في الاتفاقات الدفاعية مع باريس، وطلب مؤخرا من القوات الدنماركية المشاركة في قوة تاكوبا الأوروبية التي تقودها فرنسا مغادرة البلاد، وهو ما اعتبرته العديد من المصادر الفرنسية المطلعة على الملف “إهانة”.
وقال لودريان بعد ظهر الجمعة مع نظيره الهولندي فوبكه هوكسترا “نباشر الآن مشاورات مع شركائنا لتقييم الوضع وتكييف جهازنا مع المعطيات الجديدة”.
لكنه شدد على أن أيّ إعادة ترتيب للجهاز العسكري الفرنسي والأوروبي لمكافحة الجهاديين ستكون “قرارا جماعيا” يتخذ بعد “محادثات ومع شركائنا الأفارقة وشركائنا الأوروبيين”، دون أن يستخدم كلمة انسحاب.
غير أن وزير الخارجية المالي عبدالله ديوب رد أن “مالي أيضا لا تستبعد شيئا بالنسبة إلى هذه المسائل إن لم تكن تأخذ بمصالحنا”، في حديث إلى إذاعة “إر إف إي” وشبكة “فرانس 24” التلفزيونية.
وأضاف أن طلب رحيل القوات الفرنسية “غير مطروح في الوقت الحالي”، لكنه تابع “إذا اعتبر وجود(ها) في وقت ما مخالفا لمصالح مالي، فلن نتردّد في تحمل مسؤولياتنا، لكننا لم نصل إلى هذا الحد”.
وباشرت فرنسا قبل ستة أشهر إعادة ترتيب قواتها العسكرية في مالي فغادرت قواعدها الثلاث في شمال البلاد، وخفضت قواتها التي كان يبلغ عديدها خمسة آلاف عسكري في الساحل الصيف الماضي، بهدف معلن هو الاحتفاظ بما بين 2500 و3000 عنصر بحلول 2023.
في المقابل، وصلت تعزيزات أوروبية ضمن قوة تاكوبا الخاصة التي شكلت بمبادرة من باريس لتقاسم أعباء مكافحة الجهاديين في مالي وإعادة تركيز الجهود على مساندة الجنود الماليين في القتال.