كتب – مرفت الربيعي .
منذ فوز المنتخب اليمني للناشئين وعلى مدار ثلاثة أيام وأنا أحدق في وجوه العابرين واقرأ ما تتناوله أقلام الكتاب والصحافيين وحتى الاكاديمين لا أصدق بأن حدث تاريخي كهذا أحدث فرحة عارمة في نفوس اثقلتها بؤس النزاعات والصراع على مدار سبع سنوات عجاف ووسط أصوات المدافع ورائحة البارود اختفت تفاصيل ايامنا السعيدة وتلاشت رويداً .. رويداً حتى باتت تفتقر لنكهتها الجميلة التي طقت عليها عنفوان الحرب والقهر .
هل كنا حقاً بحاجة إلى هواء ليعلو شهيقنا ونتنفس زفير ما كُتم طيلة أعوام ، أقدام ناشئين تحدث ما عجزت عن فعله عقول السياسين ،ومع هذا الحدث تعالت هتافات الشعب ويبدو لي بأنها صرخات مدوية ، كممتها الأحزاب السياسية وحلفائها ، هتافات تعالت في صنعاء وسمع صداها في عدن ، في شمال وجنوب هذا الوطن ، كان للفرح نصيبه ، تسعون دقيقة أحدثت ما عجز عن فعله الوسطاء في توحيد كلمة هذا الشعب في داخل الوطن وخارجه هتفت افواههم ” نفديك يايمن ” على أختلاف توجهاتهم وقفوا مشجعين وهتفوا للفوز فرحين ، إنجاز عظيم في تاريخ اليمن الممزق وشعبه الحزين سرعان ما أثلج صدره المثقل بالهموم .
جيل ترعرع وسط الدمار ، والفقر المدعق ، تنفس باروداً ، وعزفت أصوات المدافع لحنها المدوي لتمزق سمعه ، وكان لاحلامه نصيباً حتى ولدت ورداً لتشب اشواكاً ، تجردت عارية فمن يلبسها ثوب فرحاً لتغدو للناظرين زاهية .
نشأوا ولم يتلقوا نصيباً من العناية بقدر نصيبهم من المعاناة ومن رحمها تفجرت إبداعاتهم فحققوا ما لم يحققه أحد .
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل سنجدهم مستقبلاً أم سيقلب على مستقبلهم الإهمال ونرى من يتبنى مواهبهم خارجياً ، ليكسوا إنجازنا حزناً وينعدم الفرح .
هل سنرى هذه الوجوه مستقبلاً في هذا الوطن أم لا ؟!
وعلى خلاف ذلك ثمة من يزعم بأن من خرج يهتف مبتهجاً ، فرحاً ، يمثل وينتمي لأحزاباً معينة ،
كفاكم نعيقاً ، ودعونا نبتهج .. ولا تفسدوا فرحتنا ، وما أود قوله بأنه مهما تعالت تلك الشعارات وبرقت ، فلن تحجب الحقيقة وهي اشبه بمنخل غطى عين الشمس ، لن نعزف لحنكم في يوم فرحنا ، ولن يرقص سوطكم جلاداً على اجسادنا ، ولن نخيط ثوب يوم الفرح اسوداً . لنبتهج … ونهتف كيفما شئنا ، ورغبنا .. وكأن الشعب كان يريدها ليجبر آذانهم لسمعها ، ويقتص منهم وهتافاتهم التي ضللت الحقيقة على مدار أعوام .
يا هؤلاء نحن من هتفنا ” نفديك يا يمن” ….هل ستكمموا أفواهنا ؟