كتب – هويدا الفضلي
تحتاج المرأة اليمنية بالمجمل للعمل وهو أمر طبيعي لمواصلة الحياة الكريمة كرفيقها الرجل، وبسبب النزاعات والوضع الصعب المعاش في اليمن تعاني المرأة من عقبات وصعوبات عديدة لم تنته حتى الآن بل وتزداد أكثر وأكثر. وهذا الوضع يجلب المتاعب للشعب اليمني الذي لم يعش في وضع آمن منذ زمن بعيد.
وتعمل المرأة في اليمن في عدد من المجالات، وكان للعمل الشخصي أثر كبير، فالعمل الشخصي الخاص يشمل التجارة المنزلية مثل مشاريع بيع الخبز والمعجنات أو البخور وحياكة الملابس وغيرها وهذا النوع من الاعمال أصبح أساسيا لكثير من النسوة وخصوصاً مع انقطاع الرواتب الحكومية والانهيار الاقتصادي المعاش، ليس هكذا فحسب فاغلب المطاعم اليمنية في اليمن أو خارجها رائدات المطبخ اليمني في المنازل هن من يطبخن الوجبات للمطاعم والمدارس وغيرها.
وأشار تقرير الظل لاتفاقية السيداو للمنظمات غير الحكومية إلى ارتفاع عدد المقترضات في عام 2014م ليصل إلى 120.839 مقترضة ، وحدث في عملية الاقتراض في عام 2018م ارتفاع نسبي للمقترضين مع انخفاض نسبة المقترضات ، حيث إن النساء لا يستطعن الوصول للخدمات المصرفية بسبب نقص المعلومات والوعي بطرق التمويل ومن الصعوبات الثقافية المرتبطة بموافقة ولي الامر في السماح لهن بالاقتراض، كما إن الصراع والحرب جعل الخدمات المالية اكثر تكلفة وغير متاحة. وفي هذا المقال سأسرد ارقام وإحصائيات بشأن وضع المرأة اليمنية ومعاناتها في العمل الخاص مع ذكر أبرز المعالجات والتوصيات.
تعد القوى العاملة في اليمن غالبيتها من الذكور، فنسبة المرأة اليمنية في العمل ضئيل، لكن بعد الحرب أصبحت كثير من النساء يشتغلن في مجال العمل الفردي والغير الرسمي، رغم إن النساء اللواتي يمتلكن شهادات جامعية في سوق العمل عددهن قليل، حيث تشير التقديرات الإحصائية – ما قبل الصراع – إلى أن ما بين 12.5% و25% من القوى القادرة على العمل كانت فعليا عاطلة عن العمل، مع ارتفاع هذه الأرقام بشكل كبير بين الشباب والنساء. وكانت حوالي 42.4% من القوى العاملة تعمل لحسابها الخاص أو في شركات مملوكة للعائلة.
ومن أبرز الصعوبات التي تواجهها المرأة في العمل غلاء المعيشة وهذا بسبب الانهيار الاقتصادي في البلاد وتعاني من عدم توفر داعم لمشروعاتها التي تمتلكها لأنه قد يكون مكلف وتكون هي على وعي بكل ما يتضمن مشروعها الخاص، أيضا تعتبر من التحديات عدم حصولها على فرص التأهيل والتدريب لتكون مؤهلة لفتح مشروع معين رغم رغبتها في ذلك.
حيث كانت تقديرات مشاركة المرأة في سوق العمل الخاص قبل الصراع متباينة؛ وتعد عملية قياس مشاركة المرأة في سوق العمل مهمة صعبة تنطوي على تحديات منهجية، منها مسألة ما إذا كان ينبغي إدراج العمل غير مدفوع الأجر كجلب المياه والعمل في الحقل في النشاط الاقتصادي أم لا.
وقد جاءت اليمن أسفل القائمة في التقرير العالمي عن الفجوة بين الجنسين لكل عام على مدار العقد الماضي، مما يشير إلى التباينات الكبيرة القائمة على النوع الاجتماعي في البلاد. فالمعايير الاجتماعية القبلية والذكورية في اليمن تعد عاملاً رئيسياً يسهم في انخفاض مشاركة الإناث في القوى العاملة، كما تمت مواجهة فكرة العمل مدفوع الأجر للمرأة باعتقادات واسعة الانتشار بأن أدوار المرأة منزلية في المقام الأول، متضمنة الإنجاب ومسؤوليات أسرية واسعة النطاق، فضلاً عن وجود وصمة سلبية منتشرة حول النساء اللائي يعملن خارج المنزل وعند إجراء مسح من قبل منظمة العمل الدولية، قالت معظم النساء إنهن لم يشاركن في قوى العمل لأسباب شخصية، كوجود مسؤوليات أسرية أو رفض الأسر، وليس بسبب نقص الوظائف المتاحة، ووجدت دراسة أجريت عام 2010 أن 76.9%من النساء اليمنيات خارج القوى العاملة غير نشيطات اقتصادياً لانخراطهن في أعمال منزلية.
حيث حصرت القيم الثقافية – التي تحد من تفاعل النساء مع الرجال خارج الأسرة- أنواع العمل التي يمكن أن تؤديها المرأة، فخيارات العمل النسائية كانت مقيدة إلى حد كبير بالوظائف المسماة ب”الأنثوية” كالموظفات المكتبيات والسكرتيرات والمدرسات والممرضات. ويتم الحصول على العديد من الوظائف في اليمن من خلال العلاقات الشخصية، مما يؤدي إلى حرمان النساء المحصورات في دائرتهن الخاصة أو اللواتي لا يمتلكن وساطة للعمل.
كما أثرت ثقافة الفصل بين الجنسين في تعليم الفتيات، خاصة في المناطق الريفية حيث حد الاختلاط في المدرسة نتيجة نقص المعلمات من التحاق الفتيات بالتعليم، ويؤثر بعد مسافة المدارس ونقص مرافق الصرف الصحي للفتيات في المدارس الريفية أيضا في التحاقهن بالمدارس.
بالإضافة إلى ذلك، يُتوقع من الفتيات تأدية أعمال منزلية أكثر من الفتيان، ويقل عدد الفتيات الملتحقات بالمدارس عن عدد الأولاد، إضافة إلى ارتفاع معدل التسرب من المدرسة بين الفتيات.
وأدى انخفاض مستويات محو الأمية بين النساء إلى تقييد فرص عملهن؛ حيث أن 55% فقط من النساء اليمنيات متعلمات، مقارنة بـ 85% من الرجال وفي نفس السياق أدى الزواج المبكر وارتفاع معدلات الخصوبة إلى الحد من الفرص التعليمية للمرأة وقدرتها على الانضمام إلى القوى العاملة، ويمكن لارتفاع معدلات الإنجاب للمرأة اليمنية أن يؤدي إلى ممارسات تمييزية من قبل أرباب العمل الذين يمنعون توظيف النساء بسبب التكاليف المرتبطة بتعيين بدائل جدد. كما أدت خيارات التنقل الضعيفة ومحدودية تواجد مؤسسات رعاية الأطفال إلى تقييد خيارات توظيف النساء.
وببحثي الشخصي على احصائيات بهذا الشأن لإحصاء أجرته منظمة العمل الدولية في 2013-2014، شاركت 6% فقط من النساء في القوى العاملة، بينما كانت 7% فقط من الوظائف تشغلها النساء.، عام 2013، وتم ربط مستويات التعليم العالي بزيادة مشاركة النساء في القوى العاملة، حيث كانت نسبة 62.1% من النساء الحاصلات على تعليم جامعي يشكلن جزءاً من القوى العاملة في اليمن، مقارنة بـ 4.5% فقط من الحاصلات على تعليم ابتدائي أو أقل.
ووفقاً لاستطلاع أجرته منظمة العمل الدولية، فمن بين 293 ألف امرأة تم توظيفهن قبل الصراع، كان حوالي نصفهن يعملن في الزراعة، إما كمنتِجات ألبان وتربية الحيوانات أو كمزارعات، بينما كان ثلثهن يعملن في قطاع الخدمات، وشكلت العاملات في شركات مملوكة للعائلة نسبة الثلث مقارنة مع أقل من العُشر من الرجال.
ومن أبرز التوصيات في هذا الصدد تصميم وتنفيذ برامج وتسهيلات للنساء رائدات الاعمال والمشاريع الصغيرة لتشجيع الاقتراض والاستثمار، والاهتمام بتأهيل النساء بالدورات التدريبية التي تصقل من قدراتهن المهنية وتعزز منها إضافة إلى توعية النساء أنفسهن بأهمية “التجارة المنزلية” والعمل الفردي بتوضيح أهمية ذلك في دعم الاقتصادي الشخصي الخاص.