أنا لا أفكر في الوطن فقط، أنا كلماته التي يتشكل بها أمام الكون ، أنا زفراته التي تئن وعبراته التي تحن، أنا دنياه الممزقة بين مخالب الأبناء وبكاؤه في المرافئ التائهة .
خرجت منه مكبّلا به فصرت مأواه .. حين كنت فيه كان مشكلتي مع الإخوة الخصوم وحين غادرته مجبرا صار مشكلتي مع نفسي …أنا هنا في المهجر الكوري أشعر بالوطن يعاتبني على كل طلّة يبدو فيها الجسد مبتهجا .. كل لحظة جميلة أراها تزهر في هذا البلد الكريم تشعرني بالحرمان والغبن .. يئن صوت جريح في أعماقي …أعيش هنا مع مجموعة من الأساتذة الأجانب ليس فيهم غريب سواي.
كلما عرّفتهم بهويتي قتلتني نظراتهم المشفقة .. كلما سمعوا مني كلاما عاقلا هلّلوا لي وبالغوا كما لو أن بلدي لا يتوقع من اَهلها كلاما عاقلا .. يتيحون لي الفرص الكثيرة للكلام كما لو كانوا يدركون بأني أخزن وطنا مكبوتا لم يتنفس بعد.
يواسيني بعض الأساتذة العرب حين يذكرونني بأن اليمن هويتهم الأولى لكنهم يدمون جراحي حين أضع المقارنة بين ما كان وما صار الحال عليه وكأننا عبء على الحياة حيث صار عدمه خير من بقائه.
هل ترى يا وطني أي حال صرت وصرنا معك وبك ؟؟فهل ستغفر لنا ؟ متى تبسط لنا ذراعيك لنرسوا ونكتبك في ما بقي لنا من الحروف مبتهجا أليفا ؟؟ متى؟؟؟
أ.د.عبدالكريم أسعد قحطان