كتب : علي محسن سنان
في حافة الحردود بمدينة الضالع وعقب الحرب العالمية الثانية ، وفي ظل انتشار وباء ناتج مخلفات الحرب ، وفي ظل حالة من الفقر والعوز بل والجوع الذي شهدته الضالع حينها حيث كان الناس يضطرون ان يبعوا ارضهم مقابل قصعة من القمح او الحبوب.
وكان الناس يموتون بالعشرات هذا ما حدثني عنه العلامة السيد محمد ن محمد الله يرحمه قبل وفاته ، وفي اسرة عريقة ومناضلة ولد الاخ العزيز محمد بن محمد الحاج في العاشر من يونيو ١٩٤٦م
ومنزلهم لا يبعد عنا سوى امتار قلية .
ارتبط اهالي الضالع ببيت الحاج طالب ارتباطا وثيقا وعرف وبالذات ، في رمضان بأن يقام فيه التشفيع في جميع ليالي رمضان وفي ليلة ال٢٧ رمضان تعد وتقام وجبة السحور العامرة للمشفعين وغيرهم ، وهي عادة حرص آل الحاج طالب اقامتها حتى الآن ، ويحضروا اليها من عدن ومنهم محمد بن محمد الحاج والدكتور عبداللطيف محمد الحاج .
وفي هذه البيئة نشأ محمد بن محمد الحاج وترعرع وتعلم اولويات التعليم ، واعتقد ان كان في سياق عمله في وزارة. الانشاءات في ج ي د ش وتحت قيادة الوزير المهندس حيدر العطاس.
وفي بداية السبيعينيات كان ضمن الطاقم العامل لما سمي بالمشروع الصيني اي مشروع انشاء طريق امعين المكلا ، وهو اهم مشروع حيوي واستراتيجي وتنموي يربط محافظات الجنوب ، وفي هذا المشروع اثبت كفاءة وقدرة على الادارة وتحمل المهام لينقل بعد ذلك الى الوزارة.
واتذكر ان عمل في المؤسسة العامة للمحاجر والكسارات التي شغل محمد الحاج منصب المدير العام لها ، والذي ساهمت في مجال التنمية والبناء واقامة المشاريع التنموية والاقتصادية والتعليمية والصحية والطرق وتوسيع وتعميق ميناء عدن وعمل بتفان من اجل توسيع وتطوير وتحديث المحاجر والكسارات من خلال استيراد وتوفير المتطلبات الضرورية لذلك من آليات ومعدات وقدرات كبيرة ، وبدعم ورعاية القيادة السياسية وحققت المؤسسة في عهده نجاحا وتوسعا كبيرا وزيادة كبيرة في الانتاجية والجودة مما اكسبه حب وتقدير القيادة .
اتذكر انه عمل على انشاء وحدة للكسارات في الشافعي بالضالع والتي توقفت لاحقا.
الحاج كان كادرا مجربا ومؤهلا وناجحا ورجل دولة تحصل على العديد من الدورات التأهيلية العليا في مجال عمله في الدول الاوربية وغيرها ومن نجاح الى نجاح وكان حريصا على الملكية العامة وصيانتها ورفع جاهزيتها في ظل شحة الموارد لدى الدولة
وضرورة رفع الانتاج وزيادته لرفد خزينة الدولة وهذا ما كان .
وهنا اتوقف عن العمل والمحاجر والكسارات واغوص في جانب بل جوانب مهمة في حياة الحاج وعايشتها واسهمت فيها .
ولان نادي الصمود كان ملتقى لكل كوادر الضالع المدينة والعسكرية والسياسية كان ابناء المدينة من الكوادر الذين يعملون في عدن حريصون على الزيارات المستمرة في المناسبات والاعياد والعطل وفي الصيف وكان الحاج اكثر من يزورنا وكنت حينها اشغل امين عام نادي الصمود واستنتجت وخلصت ان الحاج كان دائم النقاش الجدي وطرح الملاحظات والتي تتركز على حثنا وتنويرنا للاهتمام بالتعليم الجامعي ودفع الشباب للاتجاه نحو ذلك وتقليص الاتجاه الكامل نحو العسكرة وزراعة القات .
حثنا ونصحنا على ترك القات لما له من اضرار مادية وصحية ومعيشية فالافضل ان نسخر هذا الوقت للعمل والتنزه والرحلات واتذكر ان الاخ العزيز سيف الكابسي رد عليه والله ياحاج اني لا ازور ..الفلاح ولو خزنت براتبي كله ، وهنا ضحك الحاج كثيرا .
وكذلك كان الحاج اول من استفزنا في القيام والاهتمام بانشاء صندوق دعم الطالب الجامعي ورعايته حرصا منه ونظرته نحو المستقبل ، وكان ذلك.
اذا عملنا على انشاء الصندوق بقيادة الاستاذ القدير عبدالله محمد فضيل والذي كان يصرف لكل طالب ٣٠٠ شلن ١٥دينار شهريا ومثل ذلك دفعة قوية للشباب نحو التعليم الجامعي والذي توسع وتطور كثيرا وكثيرا جدا وهنا كان استفزاز الحاج ايجابيا ومثمرا بما تحمله الكلمة من معنى .
وتواصلت زياراته ولقاءاته والتي كانت مليئة بالقفشات والنكات الحلوة والتي تثير الارتياح والسعادة
واتذكر استفزازه لي اين انتم كم الخريجين ؟
وهنا عاهدت نفسي ان اجهز له ملفا يحوي على كل الخريجين من ابناء مدينة الضالع من اول خريج الى نهاية عام ٢٠١٠م يحتوي على الاسم والعمر وبلد التخرج والتخصص ومستوى الشهادة ونوعها
وعملت عليه لسنه كاملة ، وهو من اهم ما اشتغلت عليه ويعود ذلك لنصيحة بل لاستفزاز الحاج .
الحاج ظل مبتسما على الرغم من اﻻمه وتعبه ومعاناته ولم يبوح بها .
الحاج رجل ملتزم بارا بوالديه واهله علم اولاده والذي نعتز نحن بما وصلوا اليه ولما وصل اليه زميلي وجاري وصاحبي الفقيد احمد محمد الحاج (احمد ضيد)
رحمة الله عليه ، وما برز ولمع نجم حبيبنا الغالي نقيب اطباء ج ي ش الدكتور استشاري امراض النساء والولادة عبداللطيف محمد الحاج طالب .
اعذرني ايها الراحل الجار العزيز ان قصرت في حقك ففي رقابنا لكم بيت الحاج طالب دين مستحق حان الوفاء به
اللهم ارحمه واسكنه فسيح جناتك