كتب – جميل الصامت
اطلقت السعودية عبر وزير خارجيتها فيصل بن فرحان يوم امس مبادرة سلام في اليمن وصفت بانها محاولة لاخراج الامم المتحدة من مأزقها ،في اشارة الى تجاوز الحلول الجزئية التي تورط فيها مارتن غرفث للتعامل مع الملف اليمني ولم يفلح في تحقيق اي تقدم .
السعودية اليوم تقول انها اطلقت خارطة طريق للحل الشامل ،في ظل شكوك قائمة عن رضوخها لضغوطات امريكية لتوقيف تمويل الحرب في اليمن .
اللافت هو سرعة التجاوب الدولي مع المبادرة ،واذا ما نظرنا للتوقيت والظروف الدولية مع فشلها في اقناع الادارة الامريكية الجديدة في ابقاء جماعة الحوثي على لائحة الارهاب ،وحالة التنمر الحوثي التي اعقبت ذلك اذ كان تكثيف الهجمات على الاعيان السعودية المتزامنة مع سعي حثيث لاسقاط مارب هو سيد الموقف ، كل ذلك يضعنا امام معطى جديد للملف اليمني الذي ربما يكون الموقف الاخير مؤشر لبداية انسحاب تدريجي من المشهد وترك الشرعية منتصف الطريق تواجه مصيرها .
هكذا تفهم الامور والا ماذا يعني اطلاق مبادرة سلام في ظل عرقلة اتفاق الرياض الذي لاتزال فصوله تمر بمخاض عسير رغم انه خاص باطراف الشرعية .
السعودية ربما قد تكون لعبت دور في زيادة حجم التعقيد للمشهد في اليمن اكثر من حلحلة مالحق بذلك من تازيم ،لتجد نفسها انها امام حالة فشل حقيقي على ارض الواقع في نهاية المطاف عندما ركنت على قوى تقليدية لاستعادة الشرعية وانتزاع الدولة من جماعة غرست في خاصرتها خارج حساباتها ..
بغض النظر عن تفاصيل خارطة الطريق المقدمة ، فالمعادلة تكاد تكون صفرية لاحراز اي تقدم ملموس يقلب الموازين على الاقل ان الحوثي لم يخسر الارض قياسا بفترة سابقة كان مطار صنعاء في مرمى قوات الشرعية لتنعكس الاية وتصبح قلب مارب في مرمى نيران الحوثي ،غير حالات التحريك هنا او هناك .. من باب اسقاط الواجب ليس الا…؟!
يمكن ان تطلق المبادرات في ظل ظروف افضل وحالة تعديل الكفة بشكل ملحوظ كأن تسقط مناطق وازنة وتتقدم قوات الشرعية على تخوم اقليم آزال على الاقل ،وهنا يكون للخرائط،والمبادرات معنى ،بغير ذلك لايعدو ان يكون الامر مجرد منح الطرف الآخر فرص جديدة لمواصلة عدوانه للتمدد لما هو ابعد ،وهذا مايفكر به الحوثي فعلا لانه مغامر لاتعنيه الكلفة بقدر النتائج .
يبدو ان الرياض في طريقها للهروب الى سلام منقوص متعللة بجمود مشاورات المتحاربين ،افضت اليه مباحثات سرية جرت الفترة الماضية مع الطرف الحوثي عبر وسطاء بضغوط اميريكية واضحة ،تشير التوقعات الى ان الرياض تسير بخطى حثيثة لحرق المراحل ،وصولا لمشاورات الحل النهائي باي ثمن،وهو مافسره التحريك الاخير جرت بدون امكانات او خطة معتمدة من قبل التحالف ،غاب عنها الطيران لاول مرة ،واستعيض عنه بالتفاهمات ..
تخشى الشرعية (المرحبة) على الدوام بكل خطوة سعودية ان تترك منتصف الطريق تخوض المعركة بمعزل عن الرياض ،ولذا لن تنهي (الاستجارة) رغم جزء كبير منها رفع عمود خيمته وقصد بلاد اخرى .
ولعل ما اثقل كاهل الشرعية انها بقت رهينة التكتيك (الهضبوي) بزعامة الجنرال علي محسن الاحمر ما افقدها الكثير والكثير وحنطها خلف اسوار التباب التي لم تغادر قاموس الحرب وضعا ومسمى طيلة سني الحرب ..؟!
كل المؤشرات تقول ان السعودية ضاقت ذرعا بحرب اغرقها فيها من ركنت اليهم ووضعت كامل بيضها في سلالهم لمجرد اطمئنانها لاخلاصهم ،لتجد نفسها في النهاية خاسرة بكل الاحوال وعلى مختلف الصعد ،فلاهي اعادت الشرعية الى صنعاء او وفرت على نفسها ويلات الابتزاز …؟!
وبالتالي فخارطة الرياض ماهي الا سبيل للنفوذ والنأي بالنفس في مواجهة الضغوطات المتراكمة اكثر ماهي تلافي خالة الفشل الاممي كما تزعم ..