كريتر نت – الجزائر
تستعد الجزائر لبدء المرحلة الثانية من عملية استرجاع رفات مقاومي الاستعمار الفرنسي، بعد مرور نحو 8 أشهر من المرحلة الأولى التي استعادت خلالها رفات 24 شخصا قتلوا قبل نحو 170 عاما.
وقال رئيس اللجنة العلمية المشرفة على ملف دراسة وتحديد هوية رفات المجاهدين المحتجزة في متحف باريس، رشيد بلحاج، الجمعة، إنّ المرحلة الثانية لاسترجاع بقية الجماجم ستنطلق قريبا.
وأوضح بلحاج، الذي أشرف على عملية التحليل والتعرف على الجماجم التي وصلت للبلاد أنه سيواصل عمله في المرحلة الثانية لاسترجاع بقية الجماجم في المستقبل القريب.
وفي يوليو الماضي، أعادت الجزائر رفات 24 شخصا من قادة المقاومة الشعبية ومعاونيهم إلى أرض الوطن. تعود الرفات لحركة المقاومة التي اندلعت في بداية الاحتلال الفرنسي بين عامي 1838 و1865.
وفي عام 2017، خلال زيارة للجزائر، تعهد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بإعادة رفات الجزائريين الموجودة في متحف الإنسان في باريس، والذي يضم أكثر من 18 ألف جمجمة بشرية، تم التعرف على نحو 500 منها.
استقبلت الجزائر الرفات خلال مراسم احتفال رسمية، بقيادة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وبحضور كبار قادة البلاد، وأطلقت المدفعية 21 طلقة، وبمشاركة من السفن الحربية.
وكان الرئيس الجزائري، عبدالمجيد تبون، قد تعهد باسترجاع جميع رفات الشهداء بمناسبة إحياء ذكرى يوم المجاهد.
وتعود الرفات لقادة قبائل ومقاومة تصدوا لبدايات الاحتلال الفرنسي الغاشم في الفترة ما بين 1838 و1865.
وبدأت القضية مع اكتشاف الباحث الجزائري علي فريد بلقاضي، جماجم رموز المقاومة الجزائرية في في مخازن داخل متحف الإنسان بباريس، في مارس 2011.
ومن بين أكثر من 18 ألف جمجمة بشرية بمتحف الإنسان، تم التعرف على نحو 500، بينهم 36 قائدا من رموز المقاومة الجزائرية قُطعت رؤوسهم بين1850 و1949.
رفات المقاومين تم التعرف عليها من بين أكثر من 18 ألف جمجمة بشرية
وتعد مسألة الجماجم والرفات، واحدة من الملفات التاريخية العالقة بين الجزائر وفرنسا، والتي لم تسمح ببروز علاقات قوية ومتكاملة رغم المصالح المشتركة الكثيرة بين البلدين، في انتظار استكمال المفاوضات المعقدة حول قضايا التفجيرات النووية في الصحراء الجزائرية، واستعمال الفرنسيين حينها لجزائريين كفئران تجارب، والأرشيف التاريخي المحتجز في باريس، والاعتراف والاعتذار عن الحقبة الاستعمارية (1830- 1962)، وما رافقها من جرائم ضد الإنسانية.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أطلق حملته الانتخابية من الجزائر، قد عبّر عن استعداده لـ”فتح صفحة جديدة في علاقات بلاده مع الجزائر بتسوية الملفات التاريخية العالقة”، ووصف الماضي الاستعماري بـ”الهمجي وغير الإنساني”، وهو الرئيس الفرنسي الوحيد الذي أطلق مفردة “الشهداء” على المقاومين والمحاربين الجزائريين.
وكلف البلدانالعام الماضي المؤرخين بنجامان ستورا وعبدالمجيد شيخي للوقوف على حيثيات حرب الجزائر والبحث في ذاكرة الاستعمار الفرنسي.
وسلّم ستورا للرئيس الفرنسي في يناير الماضي تقريره حول الاستعمار وحرب الجزائر (1954 ـ 1962)، تضمن مقترحات لإخراج العلاقة بين البلدين من حالة الشلل التي تسببت بها قضايا ذاكرة الاستعمار العالقة بينهما.
وأوصى ستورا في تقريره المكون من 150 صحيفة بأن “يتمكن الجزائريون الذين قاتلوا إلى جانب فرنسا (الحركي) خلال حرب الاستقلال الجزائرية من التنقل بسهولة بين البلدين”.
والثلاثاء، قرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تسهيل الوصول إلى محتويات الأرشيف السري التي يزيد عمرها عن 50 عاما، خصوصا تلك المتعلقة بالحرب الجزائرية، عملا بما أوصى به المؤرخ بنجامان ستورا.
وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان الثلاثاء إن الرئيس “اتخذ قرار السماح لدوائر المحفوظات بالمضي قدما اعتبارا من الأربعاء ورفع السرية عن وثائق مشمولة بسرية الدفاع الوطني (…) حتى ملفات العام 1970 ضمنا”.
وأوضح البيان أن “من شأن هذا القرار تقصير مهل الانتظار المرتبطة بإجراءات رفع السرية في ما يتعلق خصوصا بحرب الجزائر”.
المصدر : العرب اللندنية