الجزائر : صابر بليدي
أخذت المخاوف من تمدّد تنظيم “نداء الوطن” وتحوله إلى قوة سياسية مدعومة من طرف السلطة في الجزائر، خلفا للأحزاب التقليدية المعروفة بولائها للسلطة، بعدا جديا حتى لدى الأحزاب التي تتأرجح بين الموالاة ومعارضة السلطة، كما هو الشأن بالنسبة إلى حركة مجتمع السلم الإخوانية.
وحذّرت الحركة من مساعي بناء تكتلات سياسية جديدة في ثوب المجتمع المدني، وتحويلها إلى شريك للسلطة وناطقة باسمها في المستويات المركزية والمحلية، في تلميح إلى تكتل “نداء الوطن” الذي أطلق حديثا بإشراف من رئاسة الجمهورية، بدعوى تفعيل دور المجتمع المدني في المشهد العام للبلاد.
وكان المستشار الرئاسي المكلف بملف المجتمع المدني نزيه برمضان، قد أدار لقاء إطلاق تكتل “نداء الوطن”، المكون من العشرات من الجمعيات والمنظمات الأهلية، المنضوية في مسار السلطة الجديدة للبلاد، وعلى رأسها تنظيم “الكشافة الإسلامية”.
وحمل خطاب نزيه برمضان دلالات على إصرار السلطة ووقوفها خلف التنظيم المدني الجديد، وهو ما أعطى الانطباع لدى قوى سياسية على أنه مقدمة لتحويله إلى ذراع سياسية، على شكل حزب الرئيس، كما حدث مع التجمع الوطني الديمقراطي في منتصف تسعينات القرن الماضي، لما أطلقته السلطة حينها ليكون خليفة لحزب جبهة التحرير الوطني.
وأبدت حركة مجتمع السلم، الباحثة عن شراكة سياسية مع السلطة وفق الآليات التقليدية، كما كان الأمر مع “التحالف الرئاسي الثلاثي” الذي كان يدعم الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، وكانت حينها حمس أحد أطرافه، امتعاضا من إمكانية لجوء السلطة الجديدة إلى بدائل جديدة، خاصة وأن الأمر جاء عشية الذهاب إلى انتخابات تشريعية مبكرة.
حمس حذرت من بناء تكتلات سياسية في ثوب المجتمع المدني، وتحويلها إلى شريك للسلطة في تلميح لتكتل “نداء الوطن”
وذكر بيان ختامي للاجتماع الأسبوعي للمكتب الوطني لحمس، أن “الممارسات المتكررة في التسخير السياسي لبعض منظمات المجتمع المدني هي ممارسة مكشوفة تذكرنا بأجواء سابقة معروفة العواقب حيث ستفرز مرة أخرى فقاعات من الزبونية والسلوكيات الطفيلية والانتهازية التي لم تنفع البلد نظيراتها في وقت سابق، والمضرة بالعملية السياسية والمنفرة من الانتخابات والخطيرة على حاضر البلاد ومستقبلها”.
وأضاف “من خصائص المجتمع المدني المفيد التعاون مع محيطه الرسمي وغير الرسمي ضمن وظيفته المجتمعية التشاركية وليس الوظيفة السياسية التمثيلية، ولا يستفيد من الدولة إلا ضمن قوانين مناسبة لحرية التأسيس والمبادرة، وضمن دعم يكون على أساس عقود برامجية شفافة تمنح حسب الفاعلية لصالح المجتمع وليس لأغراض سياسية تفسده وتفسد المجتمع”.
ويراهن الرئيس عبدالمجيد تبون منذ انتخابه على رأس الدولة في ديسمبر 2019، على تفعيل المجتمع المدني ليكون شريكا أساسيا للسلطة، وهو ما استنكرته عدة قوى سياسية بما فيها القريبة من السلطة، واعتبرت أن “وظيفة المجتمع المدني لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون بديلا للحزب السياسي كمؤسسة قائمة”.
ويرى مراقبون أن حركة حمس تشعر بخطر التجاهل من طرف السلطة في الخارطة السياسية المقبلة، خاصة وأن هناك من البدائل الإخوانية ما “يغني” عن حمس، بعد انخراط فصيل آخر في المسار السياسي المستجد، ويتعلق الأمر بحركة البناء الوطني التي ترشح رئيسها عبدالقادر بن قرينة، في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وتبنى منذ فوز تبون بالرئاسة مواقف داعمة للسلطة.
وشدّدت حركة حمس على “أن تجاوز الأزمة المتعددة الأبعاد التي تعيشها الجزائر لا يكون إلا من خلال التقدير الحقيقي لأسبابها وعدم تكرار الأخطاء التي عمقتها، وعلى رأس هذه الأخطاء محاولات صناعة المشهد السياسي والاجتماعي فوقيا وبسياسة الأمر الواقع”، في تلميح إلى رفضها تجاوز الطبقة السياسية، وعلى رأسها التي أبدت مرونة في التعاطي مع السلطة للخروج من المأزق السياسي.
وأكدت على “ضرورة نجاح قانون الانتخابات الذي صادق عليه اجتماع مجلس الوزراء مطلع الأسبوع، في قطع الطريق أمام التلاعب بأصوات الناخبين، وأن يكون مقصده الأعلى حل مشكلة البلاد والدولة وليس مشكلة النظام والأشخاص ومراكز النفوذ، وأن الإرادة السياسية في مؤسسات ومختلف مستويات الدولة هي الضامن الأساسي للانتخابات الحرة والنزيهة”.
المصدر : العرب اللندنية