كريتر نت – العرب
يحذر مسؤولون أكراد وأمميون من تداعيات استمرار تجاهل إيجاد حل جذري لمخيم الهول في شمال شرق سوريا، حيث بات الآلاف من الأطفال هناك يواجهون خطر التحول إلى التطرف.
وتقطعت السبل بحوالي 27 ألف طفل غير سوري في مخيم الهول، بما في ذلك حوالي 19 ألف طفل عراقي و8 آلاف طفل من دول أخرى. وفي 30 يناير حث رئيس الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، فلاديمير فورونكوف، الدول الأصلية لهؤلاء الأطفال على إعادتهم إلى أوطانهم، محذرا من أنهم معرضون لخطر التطرف.
وتسببت جائحة كورونا في تباطؤ عمليات الإعادة التي تراجعت إلى 200 طفل فقط في عام 2020 مقارنة بـ685 طفلا في العام 2019، كما أن دولا كثيرة لا تخفي ترددها في إعادة هؤلاء الأطفال، فيما تخطو أخرى باحتشام لحل هذه المعضلة الإنسانية، حيث أعادت فرنسا سبعة أطفال في يناير وأعادت بريطانيا طفلا واحدا في سبتمبر.
وقال عبدالله سليمان علي الباحث السوري المختص في شؤون الجماعات الجهادية “سيكون مخيم الهول الرحم الذي سيولد أجيالا جديدة من المتطرفين”.
وتحول مخيم الهول إلى أشبه بجحيم لقاطنيه، مع توالي عمليات التصفية والاغتيالات التي طالت الشهر الماضي نحو 20 رجلا وامرأة، بينهم عنصر حراسة قتل برصاص مسدس كاتم للصوت ومدني عثر عليه مقطوع الرأس.
ويعتقد المسؤولون الأكراد الذين يديرون شؤون المخيم أن مسلحي داعش هم من يقفون خلف عمليات القتل لمعاقبة من يعتبرونهم “جواسيس”، وتحذير أي شخص يرتد عن خطهم المتطرف.
وتعكس عمليات الاغتيال المتصاعدة قوة التنظيم الجهادي داخل الهول الذي بات يعرف بأنه أخطر مخيم في العالم. وأدى تصاعد العنف إلى زيادة الدعوات للدول لاستعادة مواطنيها ولاسيما الأطفال الذين يعيشون في المخيم.
ومر ما يقرب عن عامين منذ سيطرة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة على آخر قطعة من الأراضي التي استولى عليها داعش، منهيا بذلك “دولة الخلافة” المزعومة التي غطت أجزاء كبيرة من العراق وسوريا.
وعلى الرغم من أن الهجمات في سوريا أقل مما كانت عليه في أواخر عام 2019، إلا أن الخلايا النائمة لداعش تواصل ضرب قوات الحكومة السورية وبدرجة أقل قوات سوريا الديمقراطية التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردي.
ويضم مخيم الهول 62 ألف شخص من أفراد عائلات مقاتلي داعش، أكثر من 80 في المئة منهم من النساء والأطفال. وغالبية سكان المخيم من العراقيين والسوريين، لكنه يضم حوالي 10 آلاف شخص من 57 دولة أخرى يقيمون في منطقة منفصلة آمنة تعرف باسم الملحق. ولا يزال الكثير منهم من أشد المؤيدين لداعش.
ولطالما عمت الفوضى المخيم، حيث يفرض المسلحون المتشددون الذين يعيشون بالمخيم إرادتهم على الآخرين ويسعون لمنعهم من التعاون مع السلطات الكردية التي تدير المخيم.
وقال المسؤول الكردي البارز، بدران سيا كورد، إن خلايا داعش في سوريا على اتصال بسكان المخيم وتدعمهم، مضيفا أن “كل من يحاول الكشف عن هذه الاتصالات أو يتوقف عن التعامل مع داعش يموت”.
وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية الأسبوع الماضي عن اعتقال مهرب ينتمي إلى داعش في منطقة الحدادية بالقرب من المخيم.
وقال سليمان علي “هناك عدة أسباب خلف زيادة الجرائم، من بينها محاولات عناصر داعش فرض أيديولوجيتهم في المخيم ضد المدنيين الرافضين لها”.
ووفقا لمركز معلومات “روجافا”، الذي يضم مجموعة ناشطين تتابع الأخبار في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، من بين 20 قتيلا في مخيم الهول في يناير، كان ما لا يقل عن خمسة من القتلى من النساء.
وقال المركز إن جميع الضحايا مواطنون سوريون أو عراقيون، بما في ذلك أحد أفراد قوة الشرطة المحلية، ومعظمهم قُتلوا في خيامهم ليلا.
ووفقا للمركز والمرصد السوري لحقوق الإنسان الذي مقره بريطانيا، تم إطلاق النار على معظم الضحايا في مؤخرة رؤوسهم من مسافة قريبة.
وقال المرصد إن مسلحا قتل في 9 يناير شرطيا في المخيم مستخدما مسدسا كاتما للصوت، ثم ألقى أثناء مطاردته لرجال شرطة آخرين قنبلة يدوية أصابت قائد الدورية بجروح خطيرة. وفي اليوم نفسه قُتل مسؤول في مجلس محلي يتعامل مع المدنيين السوريين في المخيم وأصيب ابنه بجروح خطيرة.
وفي حادثة أخرى، تم قطع رأس أحد سكان المخيم وهو عراقي الجنسية، ووجد رأسه على بعد مسافة من جسده، ويُعتقد أنه قُتل للاشتباه في تعاونه مع السلطات.
ولم يعرف السبب المباشر لارتفاع عدد القتلى. وفي نوفمبر بدأت السلطات الكردية برنامج عفو عن 25 ألف مواطن سوري في المخيم، وسمحت لهم بالمغادرة، ويخمن البعض أنه نظرا لأن أولئك الذين يحصلون على عفو يجب أن يسجلوا ويعملوا مع السلطات، فقد يكون البرنامج قد تسبب في قتلهم حتى يتم تحذير الآخرين. ويخشى العديد من السوريين مغادرة المخيم لأنهم قد يواجهون هجمات انتقامية في بلداتهم.
ولكن مهما كان السبب، فإن إراقة الدماء تشير إلى قوة داعش داخل المخيم. وقد حذرت السلطة الكردية المدنية المحلية المعروفة باسم الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في أواخر يناير من أن بعض الأطراف يحاولون إحياء داعش وأن السلطة لا تستطيع مواجهة هذه الأزمة بمفردها.
وأضافت أن أنصار التنظيم في المخيم ينفذون محاكمات ضد بعض سكان المخيم الذين يُشتبه في معارضتهم لهم ويقتلونهم، وكشفت السلطات عن وجود عدة خلايا داخل المخيم. وأضافت الإدارة أن “الاتصالات جارية بين المخيم وقادة داعش في الخارج الذين يوجهون عناصرهم في الداخل”.