كريتر نت – العرب
ردت الكاتبة الأميركية ناعومي وولف على مزاعم وقوع أخطاء في نسخة منقحة من كتابها الأخير “الفظائع: الجنس والرقابة وتجريم الحب”.
ونفت الكاتبة أنها أخطأت في قراءة سجلات الأرشيف وحالات إساءة معاملة الأطفال وممارسة الجنس البهيمية وخلطها بممارسة الجنس بالتراضي بين الرجال، والتي تدخل في باب المثلية والحريات الفردية.
وسُحب الكتاب، الذي يتضمن تفاصيل عن رجال سجنوا في بريطانيا في القرن التاسع عشر بتهمة اللواط، سنة 2019 بعد أن أشار المؤلف والمذيع البريطاني ماثيو سويت إلى خطأ في بعض التفاصيل التي أوردها الكتاب في برنامج إذاعي، وتم تدقيق هذه الأخطاء وإعادة نشر نسخة مصححة من الكتاب في نوفمبر الماضي.
لكن سويت قال في عطلة نهاية الأسبوع إن النسخة المعدلة من “الفظائع: الجنس والرقابة وتجريم الحب”، تحتوي على أخطاء واقعية تخلط بين الرجال المتهمين بالإساءة والمثليين.
ودعا الناشر فيراغو إلى شرح أسباب نشره للطبعة الجديدة التي من المفروض أنها منقحة. ولم يرد على طلبات التعليق حول القضية.
وأثار الجدل حول دقة الكتاب أسئلة حول المعاملة التاريخية للرجال المثليين في الوقت الذي تحتفل فيه بريطانيا بشهر تاريخ مجتمع الميم، وتسلط البرامج التلفزيونية الشهيرة مثل “إنها خطيئة” الضوء على رهاب المثلية في الماضي وعلى قضايا المثلية كحقوق فردية مكفولة.
الكتاب يعود إلى التاريخ البريطاني ويستشهد بمحاكمات على أسس الميول الجنسية بينما يراها آخرون جرائم اعتداء
وقالت وولف، التي صنعت اسمها من خلال إثارة الجدل بالكتاب النسوي “أسطورة الجمال” في أوائل التسعينات، لمؤسسة تومسون رويترز إن الانتقادات الموجهة إلى كتابها غير صحيحة.
واعتبرت الكاتبة أن الانتقادات التي يواجهها مؤلفها مبنية على سوء فهم لقانون اللواط في القرن التاسع عشر، وتعتقد أن هذا يعكس عدم قراءة منتقديها للكتاب. وذكرت أنها حددت مراجعها بدقّة مشددة على أن المثلية بجميع أشكالها كانت تعتبر جريمة في الماضي.
ويتضمن كتاب وولف العديد من الأمثلة لقضايا المحاكم في ذلك الوقت لتوضيح كيفية معاملة الرجال المثليين بموجب القانون.
وكتبت المؤلفة أن الأحكام الصادرة في المحكمة الجنائية المركزية في إنجلترا وويلز “أولد بيلي” بتهمة “محاولة” اللواط بدأت تمتد من سنة إلى 18 شهرا.
وتابعت “وأدين المراهقون في كثير من الأحيان: في الواقع، في تلك السنة، اتّهم توماس سيلفر البالغ من العمر 14 عاما بارتكاب جريمة غير طبيعية”.
ووفقا لويندسور وإيتون إكسبريس في 10 ديسمبر 1859، التي تم الإطلاع عليها من خلال أرشيف الجرائد البريطانية، واجه سيلفر اتهاما بالاعتداء على أمار سميث، وهو صبي صغير يبلغ من العمر 6 سنوات.
وقالت وولف، التي كانت مستشارة في حملة بيل كلينتون وآل غور الرئاسية في 1996، إن مجموعة القضايا كانت “أمثلة على الاضطهاد بتهمة اللواط، التي كانت جريمة تشمل الموافقة على ممارسة الجنس بين المثليين”.
لكن سويت قال إنه دقق في القضية أكثر “لأن الحقيقة مهمة، لأن التاريخ مهم، ولأن الأرشيف مهم أيضا”، مشددا على أهمية اعتماد الوثائق المتاحة بشكل صحيح في سرد أطوار تلك القضية.
وقال هاري كوكس، وهو أستاذ تاريخ في جامعة نوتنغهام، إن أكثر من 8 آلاف رجل أحيلوا على المحكمة بين عامي 1806 و1900 في إنجلترا وويلز بسبب ما كان يسمى آنذاك بالـ”جرائم غير الطبيعية”. لكنها لم تكن موثّقة بنفس القدر مما يبقي عدد الحالات التي كانت بالتراضي غير دقيق ويصعب تحديد ما حدث بالفعل في كل حالة.
لكن فيرن ريدل قالت إن هناك تداعيات أوسع على مجتمع الميم على مستوى يتجاوز كتاب وولف.
ويذكر أن ريدل هي مؤرخة متخصصة في الحياة الجنسية الفيكتورية ومؤلفة كتاب “الجنس: دروس من التاريخ” الذي سينشر في يوليو.
وذكرت أن الكتب المؤلفة حول هذه المواضيع مهمة لأنها وجهة الكثير من الباحثين حول هذه الجوانب من التاريخ.
ومجتمع الميم هو اختصار لمجتمع يجمع المثليين ومزدوجي الميول الجنسية والمتحولين جنسيًا من الجنسين. وهو مصطلح جامع يعبر عن الثقافات المشتركة والحركات الاجتماعية والسياسية والمنظمات الداعمة للأفراد ذوي الميول الجنسية والهوية والتعبير الجندري غير النمطي.
وفي العديد من البلدان يعني أن يكون الشخص امرأة مثلية أو رجلاً مثلياً أو ثنائي الميول الجنسية أو متحولاً إلى الجنس الآخر أو مزدوج نوع الجنس، مواجهة التمييز بصورة يومية.
ولذا حاولت وولف في كتابها أن تعود إلى جذور الإشكالات المتعلقة بهذه القضية، ولو أن استثمار المعلومات التاريخية يبقى مثيرا للجدل باستمرار بين من يرى ضرورة عدم محاكمة الماضي بمعايير الحاضر، وبين من يشكك في طريقة النظر إلى ذلك الماضي واستثماره.