كريتر نت – متابعات
ترافقت عودة خلايا تنظيم داعش للنشاط في العراق، مع تصعيد القوات العراقية للحرب ضدّه وتتالي الإعلان عن توجيه ضربات نوعية له جاء بعضها بشكل استباقي أشّر في نظر بعض خبراء الشؤون الأمنية إلى حدوث نقلة ملموسة في القدرات الاستخباراتية لتلك القوات. لم يتردّد البعض في ربطها بوجود مصطفى الكاظمي الرئيس السابق لجهاز المخابرات على رأس الحكومة قائدا عامّا للقوات المسلّحة.
وتمثّل أبرز إنجاز حقّقته القوات العراقية في مواجهة التنظيم المتشدّد بعد إعلانه مسؤوليته عن تنفيد تفجير انتحاري مزدوج في سوق ببغداد خلّف العشرات من الضحايا بين قتلى وجرحى، تصفية “نائب خليفة” داعش أبوياسر العيساوي في عملية وصفت بالدقيقة ولعبت فيها الاستخبارات دورا مهمّا من خلال تعقبها للعيساوي وتحديد مكانه وتوجيه ضربة قاتلة له في محافظة كركوك شمالي العاصمة بغداد قال التحالف الدولي بقيادة الولايات المتّحدة إنّه شارك في توجيهها.
الكاظمي جذب اهتمام وسائل الإعلام عندما أعلن شخصيا عن مقتل “نائب الخليفة”، في تأكيد على أن هذه العملية مختلفة
وفي عملية استباقية جديدة، أعلن الجيش العراقي اعتقال أفراد خلية تابعة لداعش في محافظة ديالى بينهم انتحاري خطط لتفجير نفسه في بغداد.
وقال المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول في بيان “إن قوات جهاز الأمن الوطني (المرتبط برئيس الوزراء)، تمكنت من تفكيك خلية لداعش في ديالى واعتقال أفرادها الأربعة وهم ‘مسؤول الخلية وجندي وناقل وانتحاري’”. وأضاف رسول أن “الانتحاري كان يروم تفجير نفسه في العاصمة بغداد”، مشيرا إلى أنّ العملية جاءت “نتيجة تكثيف الجهد الاستخباراتي”.
وبدأت القوات العراقية منذ 20 يناير الماضي عمليات عسكرية واسعة في البلاد لملاحقة مسلحي التنظيم عقب التفجير الانتحاري الذي حدث في سوق شعبي بساحة الطيران في بغداد.
وخلال الشهور الأخيرة، زادت وتيرة هجمات مسلحي تنظيم داعش، لاسيما في المنطقة المعروفة بـ”مثلث الموت” والواقعة بين محافظات كركوك وصلاح الدين وديالى. وفي نطاق العمليات الاستباقية ضد التنظيم أعلنت وزارة الداخلية العراقية، الثلاثاء، اعتقال خمسة من عناصره بينهم امرأة، وذلك خلال عمليات أمنية في كركوك.
وقالت وكالة الاستخبارات التابعة لوزارة الداخلية، في بيان إنّ “الإرهابيين المقبوض عليهم عملوا في صفوف تنظيم داعش تحت عناوين مختلفة، واشتركوا في شن عمليات ضد القوات الأمنية في حقول نفط علاس وعجيل في كركوك وصلاح الدين”.
ويرى متابعون للشأن العراقي أنّ إدارة الحرب ضدّ تنظيم داعش تفتح لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي مجالا للنجاح وتحقيق قدر من الشعبية في ظلّ تعقّد الملفات الأخرى الاقتصادية والاجتماعية وصعوبة تحقيق إنجاز يذكر فيها نظرا لقلّة الوسائل المتاحة وتراكم المشاكل المتعلّقة بها على مدى سنوات طويلة.
الجيش العراقي اعتقل أفراد خلية تابعة لداعش في محافظة ديالى بينهم انتحاري خطط لتفجير نفسه في بغداد
واستثمر الكاظمي عملية تصفية العيساوي، لاستعادة الزخم في الشارع بعد انتكاستين أمنيتين في بغداد وصلاح الدين. وتولى بنفسه الإعلان عن “القضاء على زعيم عصبة الشر، أو من يطلق على نفسه نائب الخليفة ووالي العراق في التنظيم، أبوياسر العيساوي، في عملية استخبارية نوعية”.
وقال الكاظمي إن “شعب العراق إذا وعد أوفى، وقد توعدنا عصابات داعش الإرهابية برد مزلزل، وجاء الرد من أبطالنا”، في إشارة إلى هجومين في بغداد وصلاح الدين استهدف الأول سوقا شعبية والثاني رتلا للحشد الشعبي ما تسبب في سقوط أكثر من 50 قتيلا والعشرات من الجرحى.
ومنذ وقوع الهجومين، أطلقت القوات العراقية حملة لتتبع عناصر ومضافات تنظيم داعش في ثلاث محافظات هي بغداد والأنبار وكركوك. وتعاملت وسائل الإعلام مع الأنباء الواردة من هذه الحملة ببرود أول الأمر، لأنها في شكلها العام لا تختلف عن العشرات من العمليات السابقة التي أطلقت سابقا لملاحقة فلول داعش، وأدت إلى اعتقال عناصر في التنظيم وتفكيك مضافات خاصة به، من دون نتائج كبرى.
لكن الكاظمي جذب اهتمام وسائل الإعلام عندما أعلن شخصيا عن مقتل “نائب الخليفة”، في تأكيد على أن هذه العملية مختلفة. ووزع مكتب الكاظمي صورا لجثة العيساوي، مؤكدا تطبيق عدة إجراءات للتأكد من هوية الشخصية المستهدفة.
وكشف أن مقتل العيساوي لم يكن إلا جزءا من سلسلة عمليات، شملت القضاء على “غسان نجم صالح أحمد العبيدي المكنى أبوملك، وهو مسؤول عصابات داعش في كركوك، و”أبوصادق، ويسمّى والي كردستان”، فضلا عن تصفية عدد من كبار أعضاء التنظيم وهم علي خلف حنو البياتي وشقيقه سالم خلف، وناظم محمد أحمد العلكاوي وراجي حسن خلف شحاذة اللهيبي وشقيقه ناجي.
العمليات الاستباقية مؤشر على حدوث نقلة في القدرات الاستخباراتية للقوات العراقية بقيادة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات
ومن جهته، أكد قائد جهاز مكافحة الإرهاب الجنرال عبدالوهاب الساعدي أن مقتل العيساوي ليس سوى بداية لعمليات مستمرة ستؤدي إلى درء خطر داعش بشكل تام. ووصف التحالف الدولي ضدّ داعش على لسان المتحدّث باسمه الكولونيل وين ماروتو مقتل العيساوي بأنّه “ضربة كبيرة” لجهود عودة التنظيم إلى البلاد.
ويقول مراقبون إن توقيت عملية تصفية العيساوي جاء مثاليا بالنسبة للكاظمي، الذي يواجه حملة تشكيك واسعة من قبل الميليشيات الشيعية الموالية لإيران في قدراته على قيادة البلاد وإدارة الدولة.
واستغلت هذه الميليشيات هجومي بغداد وصلاح الدين للتدليل على فشل الكاظمي في جميع الملفات. لكن توجيه هذه الضربات الكبيرة لتنظيم داعش يتضمن العديد من الرسائل للميليشيات الإيرانية في العراق، بحسب مراقبين.