كتب : وضاح اليمن الحريري
ستعلن خلال أيام كما نشر اعلاميا تشكيلة حكومة المناصفة بين الجنوب والشمال، حكومة مبنية على أساس اتفاق الرياض وآلية تسريعه، لا أكثر ولا أقل، اذن فهي حكومة لحل الأزمة القائمة بين حكومة الشرعية و المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي قبل أخيرا أن ينضوي تحت عبائتها وأن يكون مكونا من مكوناتها، وفي ظل ضغوط سعودية أساسا تصبح الحكومة قد ضمت كل المعارضين لأنصار الله، عدا حراس الجمهورية وان كان على الارجح أن يتم تمثيلهم عبر وزراء المؤتمر الشعبي العام.
الطبخة على وشك النضوج خلال أيام، لكن مشكلتها الرئيسية تكمن ليس في استمرار الحرب، لكن في ابداع طرق عمل جديدة لاعادة بعث العملية السياسية ونفخ الروح والحياة فيها بعد ان ظلت الساحة السياسية لسنوات فارغة، يلعب فيها المتحاربون فقط، مما تسبب في عدم فرملة التدهور الحاصل والوصول الى ما وصلنا اليه الان، لأن توقف العملية السياسية وتدهور حالة الحياة السياسية في البلد جرنا جرا نحو لحظة شلل تامة أبطالها هم أطراف الحرب.
وعلى ذلك بامكاننا ان نؤسس لمجموعة من الفرضيات، عن السبل التي ستسلكها الحكومة القادمة قريبا في طريقة ادارتها للبلد، في المناطق التي تحت سيطرتها، علما بأن التشكيلة الحزبية وكمكونات ستجعل من اسلوب فك وتركيب التحالفات مرة اثر مرة كلما حدثت ازمة سياسية داخلية هو أسلوب العمل في اطار مجلس الوزراء، في ذات الوقت الذي سيبدو فيه الرئيس كشاهد عدل ومحكم اكثر من كونه رئيس دولة فحكومته التي يرتبط فيها المؤتمر بالاصلاح بقائمة الرئيس تقريبا يشكل نصف الحكومة، الا ان الفك والتركيب وفق القوائم يصبح واردا وبشدة، رغم أن الرئيس ضمن لنفسه قائمة لا يستهان بها، في محاولة لاعادة هضم الانتقالي الذي مازال يقدم نفسه كضيف وحيد في الحكومة.
سنجد اذا ما ظهرت التشكيلة الجديدة بحسب الاقتسام، إنها امام مفترق طرق دائم يتكرر في وجهها فمع كل توجه في سياساتها ستنبري اللغة الخطابية التي ستحمل نفس الشركاء في الحكومة، فشل او تعطل الأداء، مع كل لحظة لتكرر مفترقات الطرق، فمثلا تنفيذ سياسات الحكومة في المناطق المحررة سيرتبط عضويا بمناطق النفوذ فحيثما يوجد الانتقالي ستطبق سياسة ما، تختلف عما ستطبق في المناطق التي تقع في نطاق نفوذ الاخرين، حيث سيكون السبب الاول في هذا الاختلاف هو طبيعة التشكيلة الحكومية ذاتها المبنية على قوائم المحاصصة و ( الكفاءات السياسية) التي لا تضمن اداء منسجما لفترة طويلة تسمح بتحقيق اهداف التحالف.
مثل اخر على فرضيات الأداء الحكومي المتناثر والمبعثر، سيرتبط بطبيعة قرارات التعيينات التي ستلحق بالوزارات من دون مرتبة الوزير والتي ستشهد قتالا حتى الاستماتة ومفاوضات حتى درجة العهر السياسي للهيمنة على المواقع المفصلية في الوزارات والمؤسسات ولكل مكون على حدة او مع حليف، ولاشك ان هذه الفرضيات ستجر حتما الى اجراءات اكثر تعقيدا لا يحتملها المواطن العادي، فشدة الخناق ستضعف حب الاعتناق والممالئة، لأننا سنقف على حكومة معظم وضعها على الارجح هو وضع ( شور وقول بالعامية) متأرجح يبين مقدار المناورات والمبايعات فيها.
يبدو ان حلا لبنانيا يقترب منا، اقصد ان حكومة المكونات لن تنجح ببساطة في خلق حالة مستديمة من الاستقرار على المستوى الوطني،بقدر ما يمكن ان تضعف ما هو ضعيف اصلا، وبالعودة لفقرة سابقة من هذا الموضوع، نرى أن هذه التشكيلة التي ستضعف من دور الرئيس وصلاحياته بحكم تناثرها وشتاتها هي ايضا ستكون ضعيفة ليس في اخراج شكلها السياسي وانما من ناحية وظيفية بحتة، أما البديل عن ذلك فهو عودة تحالف حرب 94 م التي ستوجه بدعم من التحالف الى احتواء الاخرين وامتصاصهم او من تبقى منهم.