كتب : صالح عبد الله مثنى
” اذكروا محاسن موتاكم “، بروح هذا الحديث النبوي الشريف ينبغي التعاطي مع حياة الفقيد عبد القادر باجمال في تقديري .
ورغم كل شيئ فالواقع انه كان يبدو كشعلة متقدة من النشاط منذ سنى دراسته الجامعية في القاهرة ، لاحظه حينها احد القادة السياسيين اليمنيين وقال عنه ، ينتضر هذا الشاب مستقبل عظيم ، بعد الانتهاء من دراسته الجامعية عاد الى الوطن ، ودخل حياته العملية بحيوية ودينامية متميزه وبحماس لافت للنظر ، ، كان يحاضر في الجامعة ويقدم برنامجاً تثقيفياً بتلفزين عدن ، يبدع ويشارك في الكثير من النقاشات والنشاطات الحزبية والجماهيرية ، مما جعله يحضى باعجاب قيادة الحزب والدولة ، دعاه الرفيق صالح مصلح قاسم حين كان وزيراً للدفاع لألقاء محاضرة امام قادة القوات المسلحة ، وقدمه بالقول ” اقدم لكم الرفيق عبد القادر باجمال ، الرجل الذي لاامل سماع كلامه ابداً ” وفعلاً كان كذلك ، يتحدث في اي شيئ بطريقه جذابه لاتمل سماعها ، وكانه يحكي فصل في رواية يعكس فيها ملاكاته الادبيه التي كان يحوز عليها ، ومع الوقت اخذ يترقى الى المناصب القيادية في الحزب والدولة تباعاً وبسلاسه ، من كادراً قيادي في سكرتارية اللجنة المركزية الى نائب وزير الى عضو لجنه مركزيه حتى اصبح وزيراً للنفط والطاقة ، اتذكر حينها كنت سفيراً للدولة لدى المملكة المتحدة ، نظم بالتنسيق مع السفارة مؤتمراً دولياًفي لندن لترويج الاستثمار والتنقيب عن النفط ، حضرته عشرات الشركات النفطية حول العالم من ضمنها سته شركات من الاخوات السبع الكبرى في مجال التنقيب عن النفط ، كانوا يلاحقونا اينما نجلس اثناء يومي المؤتمر ويسألونا هل ستمنحونا شبوه ، حضرموت ، وفي احدالمرات قلت لممثلي تلك الشركات من امريكا ، يقولون انكم متحمسين فقط لحجز مناطق النفط في اليمن ثم لا تستثمروها ، اخرجوا النفط اولا في مارب حيث انتم ونحن سنمنحكم اي اماكن تريدونها عندنا ، ايد الاخ الوزير كلامي ، وشكل ذلك المؤتمر فاتحة عهد جديد للتنقيب عن النفط ، وتزايد اقبال تلك الشركات على التنقيب في اليمن الديمقراطية .
وحين انظم الى المؤتمر الشعبي في وقت لاحق العام واصل صعوده السياسي فاصبح اميناً عاماً له ، و رئيساً للوزراء ، في اول اجتماع للحكومة تحدث عنه الرئيس علي عبد الله صالح قائلاً، اقدم لكم الاخ عبد القادر باجمال الذي يستطيع ان يحول الكشك الى سوبر ماركت ، وحين اراد باجمال ان يحول ذلك من معنى ساخر قصده الرئيس الى واقع ، واخذ يخطط لبناء حكومة دوله بالفعل كالتي خبرها في عدن ، لم يسمحوا له بنفس الطريقه التي اعاقوا بها محاولات سلفه الرئيس حيدر العطاس ، سعوا لتطبيعه على سلوكهم ، وجعله مجرد ديكوراً كغيره فقط، وغطاءً لتمرير سياساتهم البائسة ، كاللذين يأكلون الثوم بافواه الاخرين .
عندما ادرك لاحقاً انهم يوغلوا في استثماره واستهلاكه لفتره زمنيه وحسب ، اخذ يتملك قدراً من الشجاعة ، سألته ذات مره وانا اقابله في مكتبه ، كيف هي علاقاتك مع الجماعه مشيراً له بيدي الى صورة الرئيس ” اجاب بلا تحفظ وبصوت عال “مثلما قال باسندوه ، يعصروك زي الليمه ثم يرموك ” رغم انه كان يعرف ان المكتب مجهز باحدث الات التصنت ، وفي واقعه اخرى قيل انها حدثت بمقيل الرئيس ،كان الحديث يدور حول تدابير الاعلان عن جرعة جديده لرفع الاسعار بماكانوا يسمونها بالاصلاحات الاقتصادية ، قال الرئيس هذا هوا الرافظ وهو يشير الى باجمال ، رد عليه “تريدها تقع على راسي ، خليها تقع علينا كلنا ، اصدر مرسوم رئاسي وانا ساوقع عليه بجانبك .
انا شخصياً ممتن له كثيراً لانه تجاوب معي في تمويل واعتماد مشاريع لمحافظة الضالع ، اقترح عليا الاخ حسين علي ان استخدم علاقتي بوزير الاشغال الكرشمي لاعتمادطريق جحاف فذهبنا وطرحت عليه اكثر من ذلك ، استكمال طريق الشعيب التي توقفت بعد بدأها ، واعتماد طريق جحاف وطريق شرق الضالع ، وافق ولكنه قال ، وفروا لنا العمله الصعبة من اصحابكم المغتربين مقابل ان ندفع لهم قيمتها بالعمله المحليه ، لم يكن ذلك ممكناً فامكانيات المغتربين محدوده ، ذهبنا للاخ باجمال ، كان حينها نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للتخطيط وطلبنا مساعدته ، وعلى الفور اعلمنا ان البنك الدولي سيعتمد قرضاً للحكومة بستين مليون دولار ومنها سنغطي تلك المشاريع ، حررلنا رسالة لوزير الاشغال ، واتخذت الاجراءات لتنفيذ تلك الطرقات ، وفي مرّة اخرى ذهبت اليه مع بعض الاخوه وطلبت منه اعتماد كلية للتربية لمحافظة الضالع ، وافق ، ووجه وكلاء الوزاره الذين كانوا مقيلين حينها معنا في بيته على اعتماد الكلية من قرض البنك الاسلامي ، لكنه طلب ان نوفر مخططات انشائية ومعمارية للكلية ، ابلغنا ذلك للسلطات المحليه بمديرية الضالع ومتابعة بناء الكلية ، لم يكن يترددفي مساعدت المحافظات الجنوبيه كلما طلب منه وكانت هناك الامكانية لتنفيذها .
على روحه السلام ، وتعازينا لابنه عمرو ولكل افراد اسرته الكريمة ، وانا لله وانا اليه راجعون .