كتب : محمد الثريا
غالبا ما اتسمت النخبة السياسية الشمالية بامتلاكها عقلية ودهاء سياسيا يفوق كثيرا ماتمتلكه نظيرتها الجنوبية بأشواط وخصوصا فيما يتعلق بكيفية التعاطي مع الحليف الخارجي وأزمات الداخل .
فقط فاذا ما راجعنا تاريخ المنعرجات السياسية بالشمال منذ صعود صالح وحتى حرب 94م ودور العنصر الخارجي خلال تلك الفترة .
حينها ستجد بالفعل قدرة ومكرا سياسيا غير عادي في تطويع الحليف الخارجي واستهلاكه لصالح الحدث السياسي الداخلي بحيث يصب في الاخير لمصلحة النخبة الشمالية المتحكمة .
في الحقيقة هم يتفردون سياسيا عن نظيرهم الجنوبي المتأخر بميزتين هامة : فن اللعب على المتناقضات وقدرة تبادل الادوار بإنسيابية عالية (وهما الميزتان الأهم لمن أراد ممارسة الابتزاز السياسي وانتزاع مكاسب دون خسارة الحليف).
وبصراحة تأتي الخشية اليوم في أننا وكما يبدو أمام نفس المشهد وهو يتكرر ..!
فمنذ 2011م وحتى 2020م أي عمر الأزمة الحالية ونحن ندور في حلقة مفرغة ومعنا دول التحالف ( شمال متلون وصراع غامض) !!.
ففي الوقت الذي سلم فيه الجنوبي العفوي قراره مبكرا لرغبة الخارج لايزال اللاعب الشمالي مجهول الولاء والطاعة ( سياسة عمياء)، ومن الصعب حتى الان معرفة أين ستضع نخب الشمال قرار اللحظة الاخيرة كما يبدو وتحسم موقفها الحقيقي من الصراع الحالي عدا أنه بالتأكيد وكالعادة سيكون لصالح إعادة انتاج سلطتها وبقاء نفوذها .
بالأمس شمال الأسلاف ابتلع الحليف المصري على جرعتين : صباحية جمهورية ومسائية إمامية قبل ان تنتهي القصة آنذاك بنخبة زيدية إمامية تحمل صبغة الثورة وعهد الجمهورية .
واليوم نرى الاحفاد يكررون ذات الوصفة ولكن على ثلاث جرعات هذه المرة جميعها تحت مبرر الولاء لليمن : جرعة بنكهة الولاء للإيراني وأخرى بنكهة الولاء للسعودية وهادي وثالثة تحمل النكهة التركية وفي النهاية قد تغادر النكهات الثلاث وتخرج نفس النخبة الشمالية الانتهازية وحدها منتصرة .
لامشكلة في ان يخسر الحليف الاقليمي والداعم الدولي فبالاخير تلك ليست أرضه .
المشكلة فقط عندما يظل الجنوبيون دائما هم الخاسر الاكبر عبر تاريخ الازمات السياسية .
أرهقنا بلدنا ومزقنا نسيجنا وعمقنا جراحتنا بغوغائية بلهاء لامثيل لها فيما الاخرون عرفوا كيفية تجنب ذلك، فمتى نستوعب الدرس ونشتغل سياسة صح؟