كريتر نت – متابعات
أعلنت الحكومة اليمنية تخصيص أكثر من 6 مليار لمواجهة الوباء، لم يصل ريالاً واحداً منها لمركز العزل الصحي الحكومي الوحيد في تعز
مدير المستشفى الجمهوري: مركز العزل الصحي الخاص بعلاج المصابين بكورونا في تعز يعمل دون أي موازنة مالية، ولم يحصل على ريال واحد من الحكومة
هل استخدمت الحكومة الفيروس القاتل للترويج الوهمي لنفسها، أم استولى نافذون فيها على تلك المبالغ؟!
قال مدير عام مستشفى الجمهوري في مدينة تعز، نشوان الحسامي، إن مركز العزل الصحي لعلاج المصابين بفيروس كورونا، الذي أقيم داخل المستشفى الجمهوري، يعمل دون أي موازنة حكومية تمكنه من القيام بعمله، رغم أن المركز الحكومي الوحيد في محافظة تعز لعلاج المصابين بالفيروس العالمي القاتل.
وأضاف “الحسامي”، في مقابلة أجرتها معه “الشارع”: “الموازنة المعتمدة لمركز العزل الصحي صفر.. موازنة مستشفى الجمهوري هي سبعة مليون ريال شهرياً، ومنها نشتري الأدوية والمستلزمات الطبية والمحروقات وغير ذلك.. أما مركز العزل الصحي فلم يتم اعتماد موازنة حكومية تشغيلية له”.
وتابع: “تم تجهيز مركز العزل الصحي لعلاج المصابين بفيروس كورونا في جزء من هذا المستشفى، دون أن يتم تخصيص ميزانية مالية للقيام بهذا الأمر، أو رفع الموازنة التشغيلية الخاصة بالمستشفى، التي لاتزال سبعة مليون ريال فقط لا غير”! هذه هي الموازنة التي نعمل بها وليس هناك أي زيادة فيها، أو أي دعم مالي إضافي”.
وتؤكد المعلومات والمصادر الطبية المتطابقة أن مركز العزل الصحي لم يتلق أي مساعدات مالية أو طبية أو علاجات من الحكومة أو من غيرها. منظمة الصحة قدمت مساعدات بسيطة للمركز وهي عبارة عن مستلزمات عمل الكادر الطبي والصحي العامل في رعاية المصابين بالفيروس.
بالنسبة لعدد المصابين والمتوفين بفيروس كورونا في تعز، يقول “الحسامي”: “العدد الحقيقي والفعلي هو أكثر بكثير من المعلن عنه رسمياً، وأستطيع أن أقول لك إن عدد المصابين بالفيروس في تعز وحدها قد يصل إلى 100 ألف حالة إصابة، والموتى بآلاف.. جميع المصابين يصارعون المرض في البيوت ولا يأتي إلينا إلا القليل منهم”.
وأضاف: “أغلبية المرضى لا يعترفون بأنهم مصابون بفيروس كورونا؛ ولهذا ما نستقبله من المرضى هو أقل بكثير من عدد المصابين الفعليين بهذا الفيروس. المرضى يُصارعون الفيروس في بيوتهم، ويموتون فيها دون تقييدهم كضحايا للفيروس”.
ما الذي تقدموه للمصابين بالفيروس؟ يجيب “الحسامي”: “نقدم لهم خدمات طبيبة بسيطة، وفق المتاح لنا.. الأدوية، تقريباً لا نقدم لهم سوى القليل منها، بينما أغلبية العلاجات والأدوية يشتريها أهل المريض على حسابهم.. تكلفة العلاجات للمريض الواحد تتراوح ما بين 60 و 90 ألف ريال يومياً”.
ما الواجب الذي يُقَدَّم من قبلكم للمصابين بـ “كورونا” في مركز العزل الصحي لديكم، وهل يُعقل أن المركز يعمل بدون موازنة؟! يرد “الحسامي”: “بالنسبة للسؤال المتعلق بالموازنة، فنؤكد لكم أن المركز يعمل دون أي موازنة مالية، وبإمكانكم سؤال مدير مكتب الصحة بالمحافظة عن ذلك.. أما بالنسبة للواجب المفترض تقديمه للمرضى في المركز، فنحن، ومكتب الصحة، لا نُقَدِّم لهم شيئاً”.
يتوقف “الحسامي” لبرهة، ثم يضيف: “نحن نقدم الممكن، ولا نستطيع صناعة المستحيل”.
أين هو دعم منظمة الصحة العالمية، والمنظمات الدولية الأخرى؟ يرد “الحسامي”: “الصحة العالمية لم تقدم ريالاً واحداً للمستشفى الجمهوري، كمركز عزل صحي للمصابين بكورونا، وأنا مسؤول عن كلامي هذا”.
أين هو الدعم الذي أعلنت الحكومة تخصيصه لمواجهة جائحة كورونا، وقِيل إنه بالمليارات؟ يرد مدير المستشفى الجمهوري: “هذا السؤال يُوَجَّه إلى مدير مكتب الصحة وإلى وكيل محافظ تعز للشؤون الصحية”.
ما قاله نشوان الحسامي، مدير عام المستشفى العسكري في تعز، يفضح ادعاءات الحكومة التي أعلنت، بعد ظهور فيروس كورونا في اليمن، تخصيص مليارات لمواجهة تفشيه في المحافظات المحررة، بما في ذلك تعز. والشاهد أن المسؤولين الصحيين المباشرين عن علاج المصابين بالفيروس في تعز لم يستلموا حتى ريالاً واحداً من ذلك الدعم الحكومي، أو مبالغ الدعم الكبيرة التي أُعلنت عنها الحكومة فيما بعد!
في 6 مايو الفائت، عقدت لجنة الطوارئ لمواجهة وباء فيروس كورونا في محافظة تعز، مؤتمراً صحفياً، قالت فيه إن المحافظة “لم تتسلم أي دعم مالي من أي جهة كانت، وكل ما استلمته هو عشرين مليون ريال يمني من وزارة الصحة”.
عُقد ذلك المؤتمر الصحفي من قبل وكيل محافظة تعز للشؤون الصحية، نائب رئيس لجنة الطوارئ، الدكتورة إيلان عبدالحق، ومدير عام مكتب الصحة والسكان في المحافظة، عضو لجنة الطوارئ، الدكتور راجح المليكي.
وفي المؤتمر الصحفي، قالت الدكتورة إيلان أن تسليم العشرين المليون التي صُرفت للمحافظة من قبل وزارة الصحة “إلى مكتب الصحة مباشرة في الفترة السابقة”. السؤال هو: أين ذهب ذلك المبلغ؟!
طبعاً مكاتب الصحة في مديريات المحافظة تنفي استلامها أي مبلغ مالي لمواجهة تفشي فيروس كورونا. كذلك، ينفي المسؤولون عن مركز العزل الصحي الخاص بعلاج المرضى بهذا الفيروس في المحافظة استلام أي مبلغ مالي بهذا الخصوص. وإذا كان مركز العزل الصحي الحكومي الوحيد في المحافظة لم يتسلم أي ريال من الحكومة كدعم لعمله، فلا يعقل أن يتم صرف ذلك المبلغ على مكاتب الصحة في مديريات المحافظة. والواقع أن مكاتب الصحة في المديريات لا تقوم بأي دور يذكر في مواجهة تفشي الفيروس.
من الواضح أن مسؤولي الصحة في تعز قاموا بسرقة العشرين المليون الريال التي صرفتها وزارة الصحة لمكافحة تفشي فيروس كورونا في تعز. هذا الأمر واضح جداً، ويفرض على الحكومة إقالة المسؤولين من مناصبهم وإحالتهم إلى التحقيق.
لصوص في أكثر من مستوى وظيفي حكومي
اللصوص حاضرون في الحكومة الشرعية في أكثر من مستوى وظيفي. فالعشرين المليون الريال التي استلمتها تعز، كانت جزءاً من مبلغ أكبر صرفته الحكومة لوزارة الصحة لتوزيعه على المحافظات المحررة لمواجهة فيروس كورونا. الحكومة صرفت 600 مليون ريال لوزارة الصحة لتوزيعها على المحافظات المحررة. ويبدو أن الوزارة صرفت للمحافظات نحو 220 مليون ريال فقط، وسرقت الجزء الأكبر من المبلغ: 380 مليون ريال. كان يفترض أن تحصل كل محافظة على نحو 54 مليون ونصف المليون ريال؛ (لأن المحافظات المحررة عددها 11 محافظة)، لكن تم صرف 20 مليون فقط لكل محافظة! يا لوقاحة اللصوص في حكومة الرئيس هادي! لم يتورعوا حتى عن استخدام وباء كورونا القاتل للسرقة! لم يراعوا صعوبة الوضع الإنساني لليمنيين، وخطورة الفيروس القاتل عليه!
أحاديث عن ملايين مليارات لم يستلم مركز العزل ريالاً واحداً منها!
نائب رئيس لجنة الطوارئ في المحافظة، الدكتورة إيلان، ومدير مكتب الصحة في المحافظة، المليكي، قالا، في المؤتمر الصحفي المشار إليه سابقاً أن تعز لم تستلم سوى العشرين المليون المذكورة، ولم تستلم أي مبالغ مالية أخرى من أي جهة، بما فيها الحكومة. بيد أن مسؤولي المحافظة استلموا، بعد 13 يوماً من ذلك المؤتمر الصحفي، 200 مليون ريال لمواجهة الفيروس. مركز العزل الصحي الحكومي الوحيد في المحافظة لم يستلم حتى ريالاً واحداً من هذا المبلغ!
رئيس لجنة الطوارئ، محافظة المحافظة، نبيل شمسان، قال، في كلمة وجهها لأهالي تعز، في 19 مايو الماضي: “في بداية هذا الأسبوع تم التعزيز بمبلغ (200) مليون ريال التي اعتمدها مجلس الوزراء للمحافظات، ومنها تعز والمخصصة للإصحاح البيئي، ولمواجهة فيروس كورونا..”. وقوله “تم التعزيز” تعني أن المبلغ انتقل بالفعل من حساب الحكومة إلى حساب محافظة تعز. وأشار إلى أن مجلس الوزراء أقر صرف 200 مليون ريال لكل من عدن وتعز ولحج وأبين والضالع، لمواجهة الأوبئة. طبعاً، لا أحد يعرف أين ذهبت الـ 200 مليون الريال.
في التفاصيل، قال نبيل شمسان: “حصة تعز من الدعم الحكومي [المقدم لمواجهة فيروس كورونا] بلغ 20 مليون ريال، وهذا هو المبلغ الوحيد الذي استلمته المحافظة من الحكومة، ومن المنظمات الدولية والدول المانحة، وهناك 50 مليون ريال جاري استلامها، وجميع المبالغ وغيرها تصل مباشرة إلى مكتب الصحة”. هذا يعني أن مسؤولي المحافظة استلموا، أيضاً، خمسين مليون ريال لمواجهة فيروس كورونا. وطبعاً فمركز العزل الصحي الحكومي الوحيد في تعز لعلاج المصابين بـ “كورونا” لم يتسلم ريالاً واحداً من الخمسين المليون الريال!
ويبدو أن مسؤولي المحافظة استلموا مبالغ مالية أخرى من الحكومة تحت بند مواجهة فيروس كورونا؛ لأن الحكومة قالت إنها أقرت، في اجتماع طارئ عقدته في 14 مارس الماضي، “تخصيص مليار ريال كموازنة طارئة لدعم قدرات القطاع الصحي وتمكينه من اتخاذ الإجراءات الاحترازية والوقائية كافة لحماية البلاد من وصول وباء كورونا”. لا يُعرف ما إذا كانت تعز استلمت حصتها من هذا المبلغ أم لا، لكن المؤكد أن المركز الحكومي الوحيد المخصص لعلاج المصابين بفيروس كورونا في تعز لم يستلم ريالاً واحداً من الحكومة أو السلطة في المحافظة.
وفي 12 أبريل الماضي، قال مجلس الوزراء أنه اعتمد، في اجتماع استثنائي تم عبر الاتصال المرئي، “تخصيص مبلغ 5 مليار ريال كدعم إضافي لدعم قدرات القطاع الصحي في مواجهة وباء كورونا”. لا أحد يعرف أين ذهب هذا المبلغ، وما إذا كانت تم صرفه بالفعل. هل استخدمت الحكومة الفيروس القاتل للترويج الوهمي لنفسها، أم استولى نافذون فيها على هذا المبلغ؟ هل تم صرف المبلغ لمسؤولي المحافظات المحررة وهؤلاء سرقوه؟ ما نحن متأكدون منه هو أن العاملين المباشرين في علاج المرضى بفيروس كورونا في المحافظات المحررة لم يصلهم حتى ريالاً واحداً من هذا المبلغ الكبير.