كتب : ياسر مقبلي معرار
وادي خير في محافظة لحج المعروف سابقا بوادي الطير قديما يمتاز بأراضٍي زراعية واسعة وكانت تسقى عبر عدد من الأعبار وقنوات الري القديمة التي مرت بمراحل متعددة من التطور حيث ارتبطت مصادر مياهها بتغير مسارات السيول وتدخلات السكان والسلطات على مر الزمن وتشير الروايات المتوارثة لدى كبار السن في لحج وما ورد في كتاب هدية الزمن وإفادات كل من الأستاذ عادل عرب والأستاذ سند البان والأستاذ جمال سالم، إلى أن الري في وادي خير لم يكن ثابتاً بل تنقل بين عدة مجاري طبيعية قبل أن يتوسع نحو مصادر أكبر مثل سيلة بله.
بدأ الري بوادي صغير يتفرع من نهاية عبر السحلولة في زايدة نزولاً من جهة كود العادل وقد شكل هذا المجرى أول مصدر لري أراضي وادي خير ولا تزال آثاره مرئية حتى اليوم ومع مرور الوقت انتقلت منظومة الري إلى الاعتماد على الوادي الأعظم من الجهة العليا لزايدة في المكان الذي قامت فيه تعاونية الوادي الأعظم سابقاً وكانت المياه تتوزع حينها باتجاه أراضي الجاريب والأغوار التابعة لسالم قايد وصالح الحاج ثم إلى أرض عزي معرار وأرض عرب وهو مسار موثق بوضوح في كتاب هدية الزمن.
لاحقاً عاد الري ليستفيد من الوادي الأعظم من نقطة أخرى هي رأس عبر المشلا في قرية الشقعة باتجاه زايدة ويبرز أثر هذا المجرى عند أرض الحاج ثابت معرار ويمكن رؤيته عند الاتجاه نحو كود العبادل على الجهة اليمنى من الطريق العام واستخدمت هذه المرحلة لسنوات قبل أن تتوسع مصادر الري لاحقاً.
في مرحلة لاحقة توسعت منظومة الري لتستقبل مياه سيلة بله التي كانت تغذي أيضاً أراضي وادي خير ومسار سيلة بله القديم يبدأ من قرية بئر ناصر الشقعة ثم ينحدر من خلف طين عيال هارب ويعبر وسط أراضي كود العبادل ليظهر مجدداً شرق نقطة الحسيني قرب بئر المجذوب خلف مصنع الطوب لمن يسلك الطريق الشرقي ثم تتابع انحدارها حتى تصب في الساحل خلال مواسم السيول.
تشير الروايات إلى أن هناك تدخل في فترة من الفترات بشق مجرى جديد لسيلة بله وربطها مباشرة بوادي تبن لتعزيز الاستفادة الزراعية من مياه السيول ما انعكس إيجاباً على أراضي تبن ووادي خير معاً.وتمتد السيلة غرباً باتجاه منطقة كوكبان وقد تصل في سنوات الأمطار الغزيرة إلى البحر عبر أمحريز فوق العلم وهو مشهد ظل حاضراً في ذاكرة سكان المنطقة.
يظهر من هذا التسلسل التاريخي أن وادي خير لم يكن معتمداً على مصدر واحد للمياه بل عاش مراحل متعاقبة من طرق الري بدءاً من مجاري صغيرة مشتقة من عبر السحلولة، مروراً بمسارات الوادي الأعظم المتعددة، وانتهاء بسيلة بله بمسارها القديم والجديد. ويعكس هذا التنوع قدرة سكان المنطقة على تكييف منظومة الري مع تغير الطبيعة وحرصهم الدائم على توجيه المياه لخدمة النشاط الزراعي الذي شكل مصدر الحياة الرئيسي في الوادي عبر أجياله المتعاقبة.















