كريتر نت / بقلم- سالم فرتوت
تسمرت المرأة, ذات الأربعين عاما,مذهولة عندما وقعت عيناها على أطفالها الثلاثة وبيد كل واحد منهم تفاحة عرضها لفمه,اربكها الحدث,فصدر منها ما يشبه الشهقة !مستنكرة فعلة أبنائها,وتواطئ بائع التفاح,الذي وقفوا عند عربته المستطيلة .
كان ثلاثة الأولاد مشغولين كل بتفاحته التي سطا عليها,والفرحة تنضح بوجوههم!بينما علا وجه أمهم الضيق.
لقد فعلها الأشقياء الصغار إذا.كان أكبرهم في السابعة والاصغر في الثالثة,هكذا دون اتفاق مسبق بينهم,هجموا على تفاح الرجل,لينتزع كل منهم تفاحة كاملة يتمتع بمذاقها.استنكرت المرأة ذلك ,قائلة :(لماذا سمحت لهم ,يارجل,بأكل تفاحك؟!هذا نحن موعودون به في الجنة)! لكنه كان سعيدا بفعلتهم,فاخيرا باع في ذلك الأصيل ثلاث تفاحات من بضاعته الكاسدة .تعلل بأن الصغار لم يدعوا له فرصة لزجرهم..ففي لحظة واحدة عانقت أفواههم تلك الثمرة,التي لعلهم ذاقوا نتفا منهم.وكانت بالنسبة لهم أمنية.أمنية تحققت اليوم! آه لو رأيتهم ,وهم يناولونها
أفواههم بنهم وبهجة..فإن هذه الثمرة ,المدعوة تفاح,والتي لم تدخل منزلهم..قد آن لهم أن يذوقوا منها مايكفي لإشباع حاجتهم إليها كالآخرين .إنهم إذا عرضوا الفكرة على أمهم ,التي أصروا على مرافقتها في زيارتها لشقيقتها, حيث الطريق إلى منزلها يمر بأسواق المدينة.فستحول دون ظفرهم بذلك.ففعلوا فعلتهم ليضعوها أمام الأمر الواقع.قال لها بائع التفاح:(اسمعي,يامرأة ,أنا رجل أطلب الله.سلمي قيمة التفاح وإلا فستعودين إلى زوجك وحيدة).لم ينل تهديده من بهجتهم.فلماذا لاتدخل تلك الفاكهة بيتهم,وتدخل غيرها ؟لماذا لم يظفر الواحد منهم بتفاحة كاملة.ليبقوا هنا حتى الصبح,قريبا من هذه العربة المحمولة على أربع عجلات مثل عجلات الدراجة الهوائية,ليمدوا أنفسهم بالتفاحه تلو الأخرى متى شاؤوا.آه ليت أبوهم كان بائع تفاح.قالت المرأة الاستياء ملء وجهها:(افرض أنه ليس معي فلوس.)رد عليها بوقاحة:(سيبقون عندي إلى أن تسلمي قيمة التفاح).ووزعت نظرات على فلذات كبدها لا تدري ان كانت حنانا أو سخطا,ثم رفعت يدها إلى غطاء رأسها,لتخرج منه مئة ريال.سلمتها للرجل وهي تقول:(خذها!كنت أريد أن اشتري بها سكرا لهم)_(باقي عشرون ريالا).
_(ليس لدي إلا هذه المئة).
وهنا تدخل رجل ,وسلم عنها.والأطفال قد أتوا على تفاحاتهم,وهرعوا باتجاه تلك الضاحية الخلفية حيث يسكن الفقراء,ليعلموا اصحابهم بالحدث السعيد المتمثل بأول تفاحة في حياة كل واحد منهم.