كريتر نت / متابعات
أعلنت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في السعودية عن تطبيق قرار ضوابط الحماية من التعديات السلوكية في العمل، بهدف تحسين بيئة العمل وتطويرها، وجعلها جاذبة للباحثين والباحثات عن عمل، وحفظ حقوق العاملين والعاملات من جميع أشكال الاستغلال أو التهديد أو التحرش.
وحازت المرأة على اهتمام كبير في رؤية السعودية 2030 ومرحلة الانتقال من عصر النفط إلى عصر الخدمات والسياحة والاقتصاد الرقمي، وهي خطوات اقتصادية نجاحها يحتاج إلى روافد اجتماعية وإصلاحات تراعي خصوصية المجتمع وفي نفس الوقت تتعامل معه بعقلية أكثر انفتاحا وتفهما.
وقالت هيئة حقوق الإنسان السعودية إنه يجب على الجهات المعنية في القطاعين الحكومي والأهلي وضع التدابير اللازمة للوقاية من التحرش ومكافحته في إطار بيئة العمل ومساءلة أي من منسوبيها تأديبيا في حالة مخالفته.
وأوضحت الهيئة في بيان صحافي صدر عنها الثلاثاء أن المساءلة التأديبية لواقعة التحرش داخل بيئة العمل، لا تمنع المجني عليه من التقدم بشكوى أمام الجهات المختصة نظاما.
وأضافت أنه على الجهات في القطاعين الحكومي والأهلي اتخاذ التدابير التي تتضمن ”آلية لتلقي الشكاوى داخل الجهة، واتخاذ الإجراءات اللازمة للتأكد من صحة الشكاوى وجديتها وبما يحافظ على سريتها، إضافة إلى نشر تلك التدابير وتعريف منسوبيها بها”.
ويأتي هذا الإجراء ضمن الخطوات الداعمة لحضور المرأة في المجتمع، أولا تقديرا لما وصلت إليه من مستوى تعليمي وثقافي هائل، رغم الصعوبات المجتمعية التي كانت تواجهها، وثانيا لأن المرأة نصف المجتمع السعودي من حيث عدد السكان (42.52 بالمئة حسب إحصائيات 2017)، ونصفه من حيث عدد الدارسين المسجلين في الجامعات السعودية (51.8 بالمئة)، وهي نصف المجتمع الأكثر طموحا، وفق مؤشر السعادة لدى شباب السعودية.
ويحرر قانون التحرش المرأة من الكثير من القيود، ما يعني عوائد هامة للمجتمع والدولة، نظرا لما توفره المرأة من اليد العاملة المهدرة والقوة المنتجة الضائعة لأسباب اجتماعية وتوظيفات دينية انتهت صلاحيتها.
وعبر هذا القانون الذي يفرض على الجهات المعنية في القطاعين الحكومي والأهلي وضع التدابير اللازمة للوقاية من التحرش ومكافحته في إطار بيئة العمل، ومساءلة أي من منسوبيها تأديبيا في حالة مخالفته، تدخل المرأة السعودية سوق العمل بكل ثقة.
ويعتبر التحرش ظاهرة عامة في مختلف دول العالم، ولا فرق بين مجتمع وآخر في انتشارها وتداعياتها، لكن الفرق يكمن في القوانين والأنظمة التي تعمل على ردعها وتقليصها إلى أكبر قدر ممكن. وتعد أماكن العمل في السعودية بيئة خصبة لانتشار ظاهرة التحرش وتجبر فيها النساء على التكيف مع هذه الظاهرة خوفا من ردود الفعل السلبية للمحيطين بها سواء في العمل أو داخل الأسرة والتي قد تضطرها إلى ترك العمل.
وكشفت دراسة أنجزت في 2013 أن السعودية تحتل المركز الثالث من بين 24 دولة في قضايا التحرش الجنسي في مواقع العمل، مشيرة إلى أن 16 بالمئة من النساء العاملات في السعودية تعرضن للتحرش الجنسي من قبل المسؤولين في العمل.
وفي مايو 2018 وافق مجلس الشورى في السعودية على مشروع نظام مكافحة جريمة التحرش، الذي أعدته وزارة الداخلية بناء على أمر من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، ويدعو إلى ضرورة سن قانون يجرم التحرش ويحدد العقوبات اللازمة التي تمنع بشكل قاطع مثل هذه الأفعال، في خطوة اعتبرها المجتمع السعودي رائدة للحد من جرائم التحرش والحيلولة دون وقوعها.
وأقر وزير العمل والتنمية الاجتماعية المهندس أحمد بن سليمان الراجحي في 3 أكتوبر الجاري ضوابط الحماية من التعديات السلوكية في بيئة العمل، التي تهدف إلى صيانة خصوصية الفرد وكرامته وحريته الشخصية، ودخلت حيز التنفيذ في 20 أكتوبر.
وأوضح المتحدث الرسمي للوزارة خالد أبا الخيل أن القرار يهدف إلى تحسين بيئة العمل وتطويرها وجعلها جاذبة للباحثين والباحثات عن عمل، وحفظ حقوق جميع العاملين والعاملات.
وبيّن أنه تم الرجوع في إصدار هذه الضوابط إلى نظام العمل واللائحة التنفيذية لنظام العمل وقرار مجلس الوزراء لمكافحة جريمة التحرش وبعض الاتفاقيات الدولية والممارسات العالمية بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل، كما تم عرضها وتنقيحها من خلال عدة ورش عمل مع مختصين من مختلف الجهات في القطاع الخاص، وكذلك تم طرحها في مسودة معا للقرار لأخذ الآراء عليها.
وأضاف موضحا أن “القرار تطرّق إلى تعريف ضوابط الحماية من التعديات السلوكية ونطاقها، وتدابير الوقاية والحماية العامة التي يجب أن تتخذها المنشأة، وما هي التدابير اللازمة لتمكين لجنة التحقيق في التعديات السلوكية التي يجب أن تتخذها المنشأة من أجل تعزيز حماية العاملين”.
وبين أبا الخيل أن المقصود بالتعدي السلوكي “الإيذاء”، هو جميع ممارسات الإساءة من طرف على طرف آخر، ومن ذلك جميع أشكال الاستغلال أو التهديد أو التحرش أو الابتزاز أو الإغراء أو التشاجر أو الشتم أو التحقير أو الإيحاء بما يخدش الحياء أو تعمد الخلوة مع الجنس الآخر أو أي شكل من أشكال التمييز جسديا أو لفظيا، أو غير ذلك، سواء بسبب الجنس أو نوع الجنس أو بغير ذلك، وتهدف أو تؤدي أو يحتمل أن تؤدي إلى إلحاق ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي بالطرف الآخر.
وطالب متابعون بأن يطبق نظام التحرش على النساء والرجال دون تمييز، منبهين إلى أن القانون جاء جامعا ولم يستثن النساء دون الرجال.
نظام مكافحة جريمة التحرش في السعودية
يهدف نظام مكافحة التحرش الذي أقرته السعودية إلى مكافحة جريمة التحرش وتطبيق العقوبة على مرتكبيها وحماية المجني عليه، وذلك صيانة لخصوصية الفرد وكرامته وحريته الشخصية، التي كفلتها أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة، ومن أبرز مواده:
المادة الأولى: يقصد بجريمة التحرش، لغرض تطبيق أحكام هذا النظام، كل قول أو فعل أو إشارة ذات مدلول جنسي، تصدر من شخص تجاه أي شخص آخر، تمس جسده أو عرضه، أو تخدش حياءه، بأي وسيلة كانت، بما في ذلك وسائل التقنية الحديثة.
المادة الثالثة: من النظام على أنه لا يحول تنازل المجني عليه أو عدم تقديم شكوى دون حق الجهات المختصة نظاما في اتخاذ ما تراه محققا للمصلحة العامة وذلك وفقا لأحكام نظام الإجراءات الجزائية والأنظمة الأخرى ذات الصلة، ولكل من اطلع على حالة تحرش إبلاغ الجهات المختصة لاتخاذ ما تراه مناسبا.
المادة الخامسة: يجب على الجهات المعنية في القطاع الحكومي والقطاع الأهلي وضع التدابير اللازمة للوقاية من التحرش ومكافحته في إطار بيئة العمل في كل منها، على أن يشمل ذلك آلية تلقي الشكاوى داخل الجهة والإجراءات اللازمة للتأكد من صحة الشكاوى وجديتها وبما يحافظ على سريتها، ونشر تلك التدابير وتعريف منسوبيها بها. ويجب على الجهات المعنية في القطاع الحكومي والقطاع الأهلي مساءلة أي من منسوبيها -تأديبيا- في حالة مخالفته أيا من الأحكام المنصوص عليها في هذا النظام، وذلك وفقا للإجراءات المتبعة. ولا تخل المساءلة التأديبية التي تتم وفقا لهذه المادة بحق المجني عليه في التقدم بشكوى أمام الجهات المختصة.