محمد علي محسن
قالت العرب : عِش رجبًا ترَ عجبًا ” والحمد لله عشت زمنًا ، رأيت فيه عجب العجاب . فبعد تجربة حياة أيقنت أن العبرة بالنتائج ، وأن القنفزة تؤدي بصاحبها إلى الوقوع . كما والصوت الكبير غالبًا ما يأتي من الطبل الفارغ .
الشطط الزائد والعناد والمناكفات مثل السباب والشتائم والكلام القاذع ، فجميعها مفردات يلهج بها الجهلة وغير المؤهلين أو ناضجين .
في المحصلة هي دلالة على أن أصحابها دعاة باطل وفجور ، فمن يمتلك الحق والأخلاق ليس بحاجة للسان بذيء .
والحياة علمتني ان الإفراط في المدح لا يشيد وطنًا أو يقيم دولة أو يحفظ سلطانًا ، فمن يبتذل في اطرائك توقع منه ذمك متى أنتهت المصلحة .
ورأيت عجبًا ، من زايدوا كثيرا بشعارات ثورية وتقدمية وقومية ووحدوية ، كان مآلهم السقوط في وهاد رجعية ، قبلية ، مناطقية ، جهوية ، مذهبية .
وتعلَّمت أن الشعارات والغايات الوطنية الكبيرة لا يحملها إلَّا العُظماء ، ومن يعتقد أن الجاهل والآخرق والمتعصب والعنصري يمكنهم حمل مباديء ثورية عادلة ، فهؤلاء يعيشون في كوكب اخر ، أو أنهم سذجا وبلهاء ، بل وطيبين زيادة عن اللزوم .
نعم ، رأيت أصواتًا هادرة بتحرير المرأة ، وبخفض المرتب الضئيل ، وتحمَّست زمنًا لتوحيد صنعاء بعدن ، افرطت حد الابتذال .
والان هي هي الأصوات ما زالت ثائرة ، لكنها تخوض غمار معارك باهتة ضيقة ، وهي في الواقع مجرد رجع صدى لشعارات لا ثورية ولا تقدمية ولا قومية ولا وحدوية ولا إنسانية .
وجوه نقيضة تمامًا لتلك الوجوه ، أصواتًا لا تماثل تلك الأصوات ، اسماء حاضرة وكاثرة بمقياس الكم واللحظة والوعد والكلام ، اسماء غائبة فارغة خالية من أي قيمة أو نفع أو مضمون .