لينا أبوبكر
الكاتبة والشاعرة فلسطينية
لم يولد المسيح عليه السلام في ٢٥-١٢.
لماذا يحتفل الغرب إذن بعيد ميلاد مزيف؟
لماذا يحتفل العالم؟
سؤال أرقني طويلا.. حتى قبل أن أقرر ارتداء الحجاب..
عشتُ ما يقارب الربع قرن في بريطانيا.
ولم أزل أمارس الحياة في عاصمتها التي عشت فيها عمرا كاملا لم أعرف كيف أعيشه في مدينة غيرها.
ولكن هل سيمنعني هذا من الوقوف مع الحقيقة: لماذا نحتفل جميعا بالكريسماس؟
كنت أكرهُ نفسي لما كان يسألني أطفالي:
– المسيحيون يعلمون أن المسيح لم يولد في هذا الشهر ، ولكنهم يحتفلون به لأنه عيد روماني موروث، يخلد تقاليد أجدادهم،فلماذا تحتفلين أنت به!!
كان الأمر يتطلب أن أعيد النظر بصدق مشاعري تجاه أصدقائي وأصدقاء أبنائي من أهل الكتاب!
اتفقنا على الرحلة!
أخذنا ندرس أنا وابني الإنجيل، وحين قررنا اقتناء نسخة منه باللغة الإنجليزية، وصل إلينا الإنجيل قبل أن نصل نحن إليه، ولكن كيف؟
عثرنا على إنجيل عتيق، في غرفة فندق منسية، خلال رحلة ترانزيت بين غربتين،..ومن هنا بدأت رحلتنا معه ومع كل الحكايات والأسئلة!
تخصص ابني بدراسة الفلسفة والأديان ، وبدأ يحاور أستاذته المسيحيين في المدرسة حول التناقضات التي لا دخل للإنجيل بها، وحول العقائد الفكرية التي يتبناها الغرب المسيحي في حين أنها تناقض الديانة المسيحية..
وأخذه عقله وعقلي إلى ما هو أبعد من ذلك….حتى وصلتني مكالمة هاتفية من أستاذه ، أستاذ الديانة المسيحية في المدرسة.
كنت أعلم أن الرحلة ستأخذنا إلى ممرات خطرة.. وكان الاتفاق بيننا أن نكون قادرين على تحمل تبعات الرحلة طالما أننا أخذنا على عاتقنا خوضها بشجاعة وصراحة أمام الذات و أمام الله تعالى.
فنحن أيضا وجدنا الكثير من الاسرائيليات التي تم إقحامها على الدين الإسلامي.
كنا ندرس لكي نكتشف، فالحقيقة لا تُوَرّثُ.
الأستاذ اقترح لقاء عبر الفيديو ..وبعد التحايا والسلام، ومعرفة أصولنا كفلسطينيين قادمين من مهد المسيح عليه السلام:
-ابنك يسألني أسئلة صعبة.
_هل هي ممنوعة أو خارج سياق المعرفة والدراسة والاحترام ؟
-لا أبدا، ولكن فيها نوع من المحاكمة.
-هذا ما تعلمه ابني في درس الفلسفة: الشك والمساءلة ،وهو يسألني دائما عن الدين الإسلامي ويحاكم الجاهلية والزيف و الظلم الذي يتعرض له الإسلام بسبب معتقدات خاطئة ودخيلة، فأين المشكلة؟؟.
-ابنك غلَبني ، لأنه استطاع دراسة كتابي وإثارة أسئلة لا أستطيع أنا أن أسألها.
-طيب ما المطلوب مني؟ هل أطلب منه ألا يسأل، أن لا يتعلم، أم أطلب من الحكومة تغيير منهاج الفلسفة والإطاحة بنيتشه وديكارت وأرسطو!
-بالعكس.. الآن أفهم جيدا عقل ابنك…ولكن أعتذر لأنه ليس لدي ما أجيب به عن أسئلته سوى أن الإنجيل يقول هذا، وأنا أُدَرّس ما جاء في الإنجيل. قولي لابنك أنني أعتز به .. وأن مستوى السؤال ينم عن مستوى الفكر.
انتهت المكالمة مع أستاذ راق ومهذب، قررنا أنا وابني عدم البحث عن إجابات في الأماكن المحدودة.
الأسئلة الكبيرة تتجاوز أية اعتبارات، ويجب أن يتم طرحها ضمن ما يتناسب معها.
حينها فقط قررت أن أدافع عن المسيح:
من ينتهك أرض المسيح هم من حرفوا المسيحية ، وحموا قتلة الأنبياء ، وها هم يرون الكنائس تدمر وتنتهك قدسيتها ، ويسكتون ، فلا تتحرك لهم قصبة ، طيب لماذا ؟
لن يهمهم المسيح طالما أنهم يرددون كالببغاءات أن القتلة لهم الحق بالدفاع عن جرائمهم؟
ويلاه، أي خبل هذا؟
أين المسيحيون من هذه الوصاية الإجرامية والإرهابية على دينهم ومقدساتهم؟
ثم يطلب منا ورثة الغزاة أن نحتفي بالمسيح في يوم يحدده قتلته(كما يؤمن المسيحيون) فأين هي كرامة الحق؟
هل هكذا نعبر عن تحضرنا و عن التسامح بين الأديان: حين نتواطأ مع الغزاة والقتلة؟
من أراد الدفاع عن المسيح ، وحق المسيحيين بطقوسهم وشعائرهم، لا يهرع للتعبير عن هذا الحق بإضاءة شجرة .. بل بمحاكمة القتلة!
الدين الإسلامي يطمئن أتباع المسيح عليه السلام ، بأن الله تعالى رفعه وكرمه بالخلاص ، وبعودة يعم فيها السلام.
ولكن إن كنا نحب المسيحيين ولا ننافق، فلنطالب إذن بمحاكمة من يؤمن المسيحيون بأنهم قتلوا مسيحهم!
إضاءة الشجرة والتهنئة بعيد نرثه من غزاتنا لا يعبر عن أي محبة للمسيح.. إنه تواطؤ مع الجريمة ونفاق للغزاة.
ولأنني علمتُ ابني حب المسيح عليه السلام.. والمسيحيين فهم أهل كتاب…
فإننا نعد العدة انتظارا لعودة عيسى ابن مريم إلى فلسطين.
وأنا ذاهبة لأصلي..
سأدق على الأبواب..
وسأفتحها الأبواب ..
وستقرع أجراس العودة:
عودة المسيح.
من صفحة الكاتبة على الفيسبوك