كريتر نت – متابعات
من المنتظر أن يمرر البرلمان المصري خلال دورة انعقاده الحالية جملة من مشاريع القوانين التي تمس شريحة واسعة من المواطنين، ويرى مراقبون أن هذا التوجه لا يخلو من حسابات سياسية في علاقة بتوقيته الذي يأتي قبيل إجراء الانتخابات الرئاسية.
وعاد البرلمان المصري إلى الانعقاد مجددا بعد انتهاء إجازته وسط جدول يعج بتشريعات ذات ارتباط مباشر بالأوضاع المعيشية للمواطنين، يشكل أولوية سياسية مع بدء إجراءات انتخابات الرئاسة وسط ظروف اقتصادية ضاغطة على قطاعات كبيرة من المصريين الذين يأملون في تحسين أوضاعهم قريبا.
وتنتظر قطاعات كبيرة من المصريين أن يمرر البرلمان، خلال جلساته الأولى التي تنعقد الأحد المقبل بعد انتخاب رؤساء اللجان، مشروع قانون مقدما من الحكومة بزيادة علاوة غلاء المعيشة الاستثنائية للموظفين والعاملين في قطاع الأعمال الحكومي وأصحاب المعاشات، لصرفها خلال شهر نوفمبر المقبل، إلى جانب رفع حد الإعفاء الضريبي لتخفيف عبء ضريبة الدخل على الموظفين لمجاراة ارتفاعات تكلفة المعيشة.
تأتي عودة البرلمان هذه المرة مصحوبة بمتاعب عديدة من جانب قطاعات شعبية تنتظر قوانين تصب في صالحها ضمن إجراءات تهيئة الأجواء الداخلية لعقد الانتخابات في ديسمبر المقبل، لأن البرلمان هو أداة أو متنفس يمنحها أملا في المستقبل، ويسهم في خلق بيئة تساعد على تحسين صورة المشهد الانتخابي.
ويحجم كثيرون عن الاهتمام بتفاصيل العملية الانتخابية وضمانات نزاهتها وشفافيتها، وقد لا يعرف أغلبهم موعد الانتخابات وأسماء المرشحين المنافسين للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، فكل ما يشغلهم تخفيف معاناتهم مع زيادة الأعباء الملقاة عليهم وعدم قدرة الحكومة على السيطرة على الأسواق وانفلاتها بشكل كبير.
فريدة النقاش: إقرار قوانين تخفف المتاعب وتسهم في زيادة الموارد المالية
وقالت النائب بمجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) فريدة النقاش “من المؤكد أن النواب قادمون من مواقع ومناطق يتعرضون فيها لشكاوى يومية من صعوبة الحياة ويدركون حجم الأزمات التي يعاني منها الكثير من المواطنين، ما يجعل القوانين والأدوات البرلمانية المرتبطة بتحسين ظروفهم على رأس أولوياتهم”.
وأضافت النقاش في تصريح لـ”العرب” أن اتجاه البرلمان بغرفتيه (مجلسي النواب والشيوخ)، من الوارد أن يكون لصالح إقرار قوانين تخفف المتاعب وتسهم في زيادة الموارد المالية، منها تعديل قوانين الضرائب وإقرار المنح والعلاوات الاستثنائية.
وأكدت أن نواب البرلمان يدركون أن فترتهم الانتخابية سوف تنتهي في غضون عام ونصف العام، وأغلبهم يريدون الحفاظ على القاعدة الشعبية من خلال أدائهم في الدورات التي تسبق عملية الانتخابات، ومن المتوقع أن يكون الحراك نحو تشديد الرقابة على الأسواق والإحجام عن إصدار تشريعات تزيد حدة الغضب ضدهم، لكن الأهم وجود إرادة حكومية لتمرير هذه التوجهات وهو أمر يتماشى مع أجواء انتخابات الرئاسة.
ويواجه البرلمان المصري الذي يسيطر على أغلبيته حزب مستقبل وطن، المعروف بأنه الظهير السياسي للحكومة، انتقادات لاذعة بسبب عدم مراعاة الصعوبات المعيشية للمواطنين وعدم التعبير عن رغباتهم، حيث يجدون أنفسهم أمام زيادة مستمرة في أسعار السلع والخدمات ويتأثرون بتراجع معدلات الاقتصاد دون تدخل فاعل من النواب، وكان ذلك سببا في تراجع شعبيته وعدم التعويل عليه لسد تطلعات المواطنين.
ويتوقع متابعون أن يكون للبرلمان حضور مؤثر الأيام المقبلة مع إحالة مخرجات الحوار الوطني إليه لإقرار التشريعات المرتبطة بتوصياته، وحال تمريرها فإن ذلك يسهم في استعادة قدر من الثقة المفقودة مع توالي الانتقادات الموجهة إليه، ويرسل إشارات إيجابية قبل انتخابات الرئاسة بأن ما يدور في الشارع من تململ جراء الأوضاع المعيشية يحظى باهتمام مؤسسات الدولة المختلفة وتسعى للتخفيف عنهم.
أحمد بلال: أجندة البرلمان تتضمن إدخال تعديلات على قانون المعاشات
وأكد النائب أحمد بلال، عضو مجلس النواب عن حزب التجمع (يساري)، أن القوانين التي تخفف عن المواطنين كان يمكن تمريرها من دور الانعقاد الأول، إلا أن رغبة الأغلبية البرلمانية في مساندة الحكومة في جميع توجهاتها عرقلت صدور العديد منها، لكن البرلمان الآن في طريقه نحو إقرارها خلال الانعقاد الجديد.
وأشار بلال في تصريح لـ”العرب” إلى أن أجندة البرلمان تتضمن إدخال تعديلات على قانون التأمينات والمعاشات، والذي يخاطب الملايين من المواطنين الذين يعانون من أوضاع اقتصادية صعبة، وسوف تشمل التعديلات زيادة في معدلات ما يحصلون عليه شهريا من أموال، بجانب تنقية ثغرات تتسبب في عدم حصول البعض على أموالهم، وهو قانون كان من المفترض تمريره من دور الانعقاد الأول.
ولفت إلى أن قانون الإدارة المحلية، وهو أحد مخرجات الحوار الوطني، سيكون على رأس الأولويات وأن المستهدف إجراء انتخابات المجالس المحلية بعد استمرار حالة الفراغ لأكثر من أحد عشر عاما لتعزيز الرقابة على الأجهزة المحلية، من خلال المجالس الشعبية التي تسبب عدم وجودها في إهدار المليارات من الجنيهات جراء اتساع نسب الفساد وعدم تحسين صورة الحكومة لدى المواطنين، الذين يرون في الموظف المعرقل لمصالحهم صورة الدولة التي تعاني من البيروقراطية والترهل.
من المقرر أن يناقش البرلمان عددا من القوانين التي تلامس مباشرة رغبات المواطنين، وأبرزها إدخال تعديلات على قانون التصالح في مخالفات البناء، والعودة إلى قانون البناء الموحد مع بعض التعديلات بما يسهم في عودة حركة البناء والتشييد الأهلي في العديد من المدن والقرى، ومناقشة قانون حقوق المسنين المقدم من الحكومة ويستهدف حماية حقوقهم الصحية والاقتصادية والاجتماعية والترفيهية.
وتشكل القطاعات التي يخاطبها البرلمان عبر هذه النوعية من القوانين أهمية قصوى بالنسبة للحكومة التي ترتكن إلى هؤلاء البسطاء في مسألة دعمها شعبيا، وأن فئات الموظفين وأصحاب المعاشات والقاطنين في أماكن نائية أكثر ثقة في مؤسسات الدولة وإن تعرضت لمشكلات اقتصادية وخسارتهم في غير صالح الاستحقاق الرئاسي.
ولا تخلو دورة الانعقاد الجديدة من تمرير قوانين تؤشر على وجود تقدم في عملية الإصلاح السياسي الذي تروج له الحكومة، وحسب النائب أحمد بلال في تصريحه لـ”العرب”، فقانون الأحزاب السياسية والإجراءات الجنائية، بينها قانون الحبس الاحتياطي، ستكون ضمن اهتمامات البرلمان، متوقعا أن
يتم الإسراع في مناقشة مخرجات الحوار الوطني في هذه الدورة مع إحالة التوصيات تباعا إلى مجلس النواب.