كريتر نت – متابعات
يترقب العالم انطلاق فعاليات أول نسخة من مونديال السيدات لكرة القدم بمشاركة 32 منتخبا، والتي ستستضيفها أستراليا ونيوزيلندا من 20 يوليو الحالي إلى 20 أغسطس المقبل. وتطمح سيدات المغرب إلى ترك بصمة تاريخية في أول مشاركة عربية في البطولة العالمية.
وتتوقع لاعبة كرة القدم اليافعة رباب توغة أن تنجح سيدات المغرب “مثلما نجح الرجال” في مونديال قطر، عندما يخضن أول مشاركة عربية في مونديال السيدات لكرة القدم الصيف الحالي، في خضم طفرة اللعبة بين الفتيات في المملكة. وكانت توغة (14 عاما) بصدد خوض تمارين إعدادية رفقة نحو 12 من رفيقاتها على ملعب مدرسة “أفاداس” لكرة القدم بضواحي الدار البيضاء، حيث كنّ يصغين بانتباه لمدربهن محمد جيدي. وتعرب المراهقة عن سعادتها بعد انتهاء المران، قائلة “أتخلص من الطاقة السلبية عندما ألعب الكرة وأشعر بأنني في أحسن حال، هذه الرياضة تعطيني ثقة بالنفس”.
وكرة القدم ليست مجرد هواية بالنسبة إلى توغة، إذ تطمح إلى أن تصبح لاعبة دولية “خصوصا بعد إنجاز لبؤات الأطلس” اللواتي تمكنّ من التأهل للمشاركة في بطولة كأس العالم بأستراليا ونيوزيلندا بين 20 يوليو و20 أغسطس. وجاء ذلك بعدما حققت سيدات المغرب المفاجأة في بطولة كأس أمم أفريقيا الأخيرة التي أقيمت بالمملكة في يوليو 2022 عندما بلغن النهائي وخسرن أمام جنوب أفريقيا (1 – 2) في مباراة تابعها نحو 50 ألف متفرج بالرباط. وتعبِّر ملاك المسواري (15 عاما)، زميلة توغة، عن إعجابها بسيدات المنتخب “اللواتي لا يدخرن جهدا لتمثيل المغرب أحسن تمثيل. نحن فخورات بهن”، مؤكدة أن ممارسة كرة القدم هي “متنفسها الوحيد”.
أملٌ كبير
يتغذّى الأمل في إنجاز مشرف بمونديال السيدات بالإنجاز التاريخي لمنتخب الرجال في قطر نهاية العام الماضي، عندما بات أول منتخب أفريقي وعربي يبلغ المربع الذهبي في تاريخ بطولة كأس العالم. وإذ لم يكن عدد المسجّلات في نادي “أفاداس” يتجاوز نحو عشر لاعبات فقط العام الماضي، أصبحن اليوم أكثر من خمسين لاعبة في مدرسة النادي الذي يستهدف خصوصا الأسر المتواضعة. ويوضح المدرب جيدي (63 عاما) أن “الإنجازات التي حققها منتخبا الرجال والسيدات حفّزت الفتيات للتدرّب على الكرة”.
ويضرب مثالا على “هذا التأثير المؤكد، بحالة فتاة كانت مسجّلة في فرع الكرة المستطيلة (الركبي) بالنادي، وأخريات كنّ يلعبن كرة السلة أو ألعاب القوى (…) فضّلن التحوّل إلى كرة القدم، ويرين مستقبلهن فيها”. ولا يزال وقع ملحمة “أسود الأطلس” في قطر كبيرا في المغرب، ومبعث أمل في تكراره. ذلك أن “منتخب الرجال لم يعتبر أبدا أن بلوغ نصف نهائي بطولة كأس العالم أمر صعب، لقد حدّدوا فقط هدفا وصمّموا على تحقيقه”، حسب ما ترى اللاعبة اليافعة هدى خلطي (16 عاما) التي لا تخفي إعجابها بحارسة مرمى منتخب السيدات خديجة الرميشي.
وتستطرد زميلتها توغة بالقول إنه “كان من الممكن أن تمر مشاركة منتخب السيدات (المرتقبة) في بطولة كأس العالم مرور الكرام، لولا الإنجاز الذي حققه أسود الأطلس، لأن المغرب لم يسبق له أن بلغ مستوى مماثلا”. وتضيف أن “هذا النجاح يغذّي ثقتنا في لاعبات المنتخب” اللواتي سيواجهن ألمانيا حاملة اللقب مرتين وكوريا الجنوبية وكولومبيا، على أمل التأهل إلى الدور الثاني.
العقليات تغيّرت
تؤكد قائدة المنتخب المغربي غزلان الشباك بدورها، في حوار أجرته أخيرا مع موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أن “منتخب الرجال أظهر لنا أّنه لا شيء مستحيلا إذا قاتلنا وبقينا محافظين على تركيزنا”. وتضيف أن “المشجعين المغاربة لديهم شغف غير معقول بكرة القدم، تماما مثلنا نحن اللاعبات واللاعبون، لذلك سنبذل كل ما في وسعنا لإسعادهم”. وإلى جانب الحماسة التي ولّدتها مشاركة “أسود الأطلس” في مونديال قطر، تعود الشعبية التي باتت تحظى بها الكرة النسوية أيضا إلى الإستراتيجية التي وضعت في العام 2020 لتطويرها.
وتوضح رئيسة الرابطة الوطنية لكرة القدم النسوية خديجة إلا أن “الجامعة (الاتحاد) استثمرت في الكرة النسوية، وتغيّرت العقليات، اليوم هناك اهتمام وتطور ملموسان”. وتشرف الرابطة منذ العام 2021 على بطولة احترافية من قسمين، وتلزم أعضاءها وهم 42 ناديا في المجموع بتوفير فرق للفئات العمرية الصغرى لأقل من 15 و17 عاما. وتتكفل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بنحو 70 في المئة من مصاريف كل ناد، خصوصا أجور اللاعبات التي يجب ألا تقلّ عمّا يقارب 360 دولارا شهريا في القسم الأول، و250 دولارا في القسم الثاني، علما أن متوسط معدّل الأجور الشهري في المغرب يقارب 395 دولارا.
البطولة الأولى شهدت هيمنة واضحة للمنتخب الأميركي الذي برهن منذ البداية على أحقيته في إحراز اللقب
وتضيف إلا، وهي لاعبة محترفة سابقا، أن “النجاح يعتمد على سياسة رياضية فعالة ودعم مالي، كلما كان هناك استثمار كانت النتائج أفضل”. ويسعى المغرب اعتبارا من العام المقبل للإسراع في التكوين لبلوغ هدف تهيئة 90 ألف لاعبة و10 آلاف من المؤطّرات والمؤطّرين. وبعد 61 عاما من انطلاق فعاليات أول بطولة لكأس العالم للرجال، تحقق حلم الجنس اللطيف بإقامة أول بطولة كأس عالم للسيدات بعدما ابتكر البرازيلي جواو هافيلانج رئيس الاتحاد الدولي للعبة سابقا فكرة إقامة البطولة التي أصبحت الأبرز والأقوى في عالم كرة القدم النسائية.
ورغم الفارق الهائل في التاريخ والذي تجاوز الستة عقود، نجح مونديال السيدات في ترك بصمة رائعة على مدار ثلاثة عقود ليصبح من البطولات التي تحظى باهتمام عالمي بالغ مع إقامتها كل أربع سنوات.
وعلى مدار أكثر من ربع قرن، تطور عدد المنتخبات المشاركة في البطولة من 12 إلى 16 منتخبا ثم إلى 24، حيث كانت البطولة السابعة التي استضافتها كندا في 2015 أول نسخة تشهد زيادة عدد المنتخبات المشاركة في النهائيات إلى 24 منتخبا مع تحسن مستوى كرة القدم النسائية في العديد من أنحاء العالم. واستضافت الصين البطولة الأولى عام 1991 بمشاركة 12 منتخبا من مختلف القارات.
وشهدت البطولة الأولى هيمنة واضحة للمنتخب الأميركي الذي برهن منذ البداية على أحقيته في إحراز اللقب من خلال خط هجومه القوي والمتميز بقيادة ميشيل آكرز وكارين غينينغز وأبريل هينريتشز.