كريتر نت – متابعات
تناقلت تقارير إعلامية على مدى الأسابيع القليلة الماضية أخبارا تفيد بأن طهران تستعد لبناء مصنع مشترك لإنتاج الطائرات دون طيار في روسيا.
وتتوقع المخابرات الغربية أن يكون المصنع جزءا من صفقة دفاعية بقيمة مليار دولار وقعتها موسكو وطهران مؤخرا.
ونفى الطرفان في المقابل وجود هذا المشروع، وصرح المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف بأن لروسيا “برامجها الخاصة لتطوير الأسلحة”.
لكن يُعرف عن روسيا وإيران استخدامهما المكثف للماسكيروفكا (الخداع العسكري). ويُذكر على سبيل المثال كذب الادعاءات السابقة بعدم اعتماد القوات الروسية للطائرات المسيرة الإيرانية التي تُعتمد اليوم لترويع المدنيين الأوكرانيين.
ومن المتوقع أن يعزز تطوير منشأة مشتركة لإنتاج الطائرات المسيرة العلاقات الدفاعية الروسية – الإيرانية بشكل أكبر مما قد يؤدي إلى شراكة كاملة يؤكدها التعاون العسكري المتعمق.
واعتمدت القوات المسلحة الروسية منذ خريف العام الماضي الطائرات الإيرانية لتدمير البنية التحتية الحيوية في أوكرانيا. وانتشرت تقارير في الآونة الأخيرة تفيد بنفاد المخزونات الروسية من الطائرات دون طيار الإيرانية. لكن الكتلة المعادية للغرب تدرس على ما يبدو المزيد من البدائل طويلة المدى لإبقاء الغرب في مأزق الحرب المستمرة. ويمثّل مصنع مشترك للطائرات دون طيار أحد أكثر الخيارات الممكنة في هذا النهج.
افتتاح منشأة إيرانية للطائرات المسيرة في جوار حلف شمال الأطلسي “الناتو” ستكون له تداعيات إستراتيجية هائلة
وسيمنح مثل هذا السيناريو لروسيا وصولا أسهل إلى التدفق المستمر للطائرات الإيرانية دون طيار، مما سيضاعف الضغط على أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية والأفراد العسكريين.
وستكون لافتتاح منشأة إيرانية للطائرات المسيرة في جوار الناتو القريب أيضا تداعيات إستراتيجية هائلة، مثل جلب المجمعات العسكرية لخصم إستراتيجي رئيسي إلى أعتاب الحلف. وسيشكل هذا التطور خطرا كبيرا على الأمن المستقبلي لجناح الناتو الشرقي مع تداعيات طويلة المدى، إضافة إلى تعزيز التعاون العسكري المتنامي بالفعل بين طهران وموسكو.
وسيصبح مصنع الطائرات دون طيار أحدث إضافة إلى شبكة إنتاج طهران العالمية، والتي تشمل منشآت في طاجيكستان وسوريا وفنزويلا.
وتشير معلومات استخباراتية مفتوحة المصدر إلى أن المنشأة ستقع على الأرجح في بلدة يلابوغا الواقعة شرق موسكو. ويضاعف المصنع قوة روسيا مع استمرار حربها ضد أوكرانيا خلال الأشهر المقبلة، حيث تبلغ قدرته الإنتاجية المخططة حوالي 6 آلاف طائرة إيرانية سنويا. كما سيوفر دفعة إضافية للهجوم المحتمل في الربيع.
وسيكون بناء مصنع إنتاج أكثر استدامة من عمليات النقل المتكررة في منطقة شديدة الخطورة والصعوبة لوجستيا.
المصنع قد ينتج في البداية طائرتَي شاهد – 136 وشاهد – 131 المستخدمة بالفعل في أوكرانيا
ويمكن أن توفر المنشأة لروسيا مزايا إستراتيجية رئيسية، مثل سهولة الوصول إلى قطع الغيار والدعم والصيانة. وما يلفت النظر أن موقع يلابوغا المقترح لمرفق الإنتاج يقع بالقرب من نهر كاما، وهو ما يخلق للمجمعات العسكرية الإيرانية اتجاها مثيرا للاهتمام، حيث تقع بعض منشآتها لإنتاج الصواريخ الأكثر أهمية (بما فيها تلك الموجودة في بارشين وبانياس) بالقرب من مصدر للمياه. ويمكن أن تصبح منشأة الإنتاج المخطط لها كذلك موقعا جديدا محتملا لإنتاج الصواريخ الإيرانية.
وقد ينتج المصنع في البداية طائرتَي شاهد – 136 وشاهد – 131 المستخدمة بالفعل في أوكرانيا. لكن خط الإنتاج يمكن أن يتضمن نسخا متجددة ومعدلة من هذه الطائرات، لتكون ذات سرعة أعلى ومدى أطول.
وتشير بعض المصادر إلى أن الإيرانيين انطلقوا بالفعل في هذه الخطط من خلال تعديل صواريخ شاهد – 131 التقليدية، لتشمل رؤوسا حربية أكثر تدميرا. ويمكن أن تحول هذه الخطط الطائرات دون طيار الإيرانية إلى تهديد أوسع على جناح الناتو الشرقي، الذي لم يعد يقتصر على أوكرانيا.
ومن المتوقع أن تمنح المنشأة طهران شبكة موسعة من المصدّرين، حيث تتمتع روسيا بالعديد من قنوات التوريد رغم العقوبات الغربية.
وسهلت بعض شركات الظل في جنوب القوقاز (أرمينيا، على سبيل المثال) والصين منذ بداية الحرب الالتفاف على العقوبات المفروضة على الكرملين. وزودت هذه القنوات وفقا للمخابرات الأميركية قاعدة تكنولوجيا الدفاع الروسية الصناعية بأشباه الموصلات ومكونات الأنظمة الحيوية.
يجب على الغرب لهذا السبب أن يدرك أن هذه الدول ستصبح متواطئة بشكل غير مباشر في برنامج تطوير الطائرات دون طيار الإيراني، في حالة ثبوت الاتفاقية مع موسكو.
كما يعني هذا أن طهران ستتمتع بسهولة الوصول إلى بعض أنظمة الغرب الأكثر تطورا في أوكرانيا. ويمكن أن يصبح هذا تهديدا مقلقا يتحدى مباشرة تفوق الحلف التكنولوجي، ومعرفته الفنية العسكرية، وحقوق الملكية الفكرية.