كريتر نت – متابعات
قادت المواقف المتشددة التي اتخذتها أحزاب يسارية في تونس من الحوار الوطني إلى حدوث تصدع جديد شهده هذه المرة حزب الديمقراطيين الوطنيين الموحد (الوطد اختصارا).
وفي خطوة بدت لافتة في توقيتها حيث جاءت قبل أقل من شهرين من استفتاء شعبي على مسودة دستور جديد للبلاد، أعلن الوطد الموحد عن فصل قياديه ونائبه الوحيد في البرلمان المنحل منجي الرحوي إثر مشاركته في أولى جلسات الحوار الوطني التي التأمت السبت.
وقال الحزب في بيانه “المكتب السياسي وطبقا لما يخوله له النظام الداخلي للحزب وفي إطار الاضطلاع بمسؤولياته في حفظ وحدة الحزب وضمان استقلالية موقفه السياسي عن كل اختراق خارجي قرر فصل منجي الرحوي وسحب عضويته نهائيا من حزب الوطد الموحد”.
وكان الوطد الموحد قد أعلن سابقا رفضه المشاركة في أعمال لجان الحوار الوطني، واعتبر في بيانه مشاركة الرحوي الممثل الوحيد للحزب في البرلمان المنحل “محاولة يائسة لفرض موقفه الفردي كأمر واقع”.
وانطلقت في تونس صباح السبت أولى جلسات “الحوار الوطني” الذي دعا إليه الرئيس قيس سعيد تمهيدا لتنظيم استفتاء على دستور جديد في الخامس والعشرين من يوليو المقبل، بهدف الخروج من الأزمة السياسية في البلاد وإرساء قواعد سياسية جديدة بعد انتقادات حادة طالت الدستور الساري المفعول حاليا وهو دستور 2014 الذي كرس نظام الحكم البرلماني.
ويشارك في جلسة الحوار الأولى ممثلون عن منظمات غير حكومية، و4 أحزاب هي حركة الشعب، حزب التيار الشعبي، حركة تونس إلى الأمام وحركة النضال الوطني.
ورفض الاتحاد العام التونسي للشغل المشاركة في الحوار بصيغته الحالية، وقاطعته أحزاب أخرى منها “المسار” و”آفاق تونس” و”التيار الديمقراطي” و”الوطنيين الديمقراطيين الموحد”.
وإثر انتهاء أولى جلسات الحوار خرج العميد الصادق بلعيد أستاذ القانون الدستوري والذي يرأس الهيئة الوطنية من أجل جمهورية جديدة التي أنشأها الرئيس سعيد لصوغ مسودة الدستور الجديد، ليصرح بأن الباب مازال مفتوحا للحاق الاتحاد بهذا الحوار.
ومن شأن طرد الرحوي من حزب الوطد الموحد أن يزيد من تعميق الانقسامات داخل التيار اليساري الذي يعاني أصلا من حالة تشرذم في السنوات الأخيرة بعد تفكك الجبهة الشعبية.
وقال المؤرخ عبدالجليل بوقرة إنه “كان من الأسلم تجميد عضوية الرحوي عوض طرده حتى يحافظ حزب الوطد الموحد على مصداقيته من جهة، ولا يخسر من جهة أخرى أحد أبرز قيادييه”.
وتابع بوقرة في تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك الأحد أن “اليسار التونسي يعيش حالة من العزلة والتشرذم وعزوف الكفاءات والنزيف مستمر، لقد أثبت تاريخ اليسار في تونس أن سياسة الطرد هي بداية موت التنظيم”.
ويُعتبر الرحوي أحد أبرز قيادات حزب الوطد الموحد، وعُرف بمواقفه المناهضة لسيطرة تيار الإسلام السياسي على مفاصل الدولة بعد نجاح حركة النهضة في الوصول إلى السلطة سواء من البرلمان أو خارجه، ووافق على المشاركة في الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس سعيد.
وكان الرئيس سعيد قد جمد أعمال البرلمان وأطاح بالحكومة التي يقودها الإسلاميون في الخامس والعشرين من يوليو 2021 قبل أن يمر في مارس الماضي إلى حل البرلمان المجمد إثر تحديه له بعقد جلسة افتراضية صوت فيها على إلغاء الإجراءات الاستثنائية.
وبعد ذلك، دعا الرئيس سعيد إلى حوار وطني وأنشأ هيئة سيقودها بلعيد بهدف وضع مسودة دستور جديدة يبدو أنها ستؤسس لعودة تونس لنظام الحكم الرئاسي وذلك بالاستناد إلى نتائج استشارة إلكترونية شارك فيها مئات الآلاف من التونسيين في وقت سابق.