هبه التبعي
26/آذار/2015 تاريخ اليوم الأسود الذي دخل فيه اليمن مجرجراً معه جراح وحرب مدمرة لم تنتهي فصولها بعد .. في هذا اليوم تصاعد الصراع السياسي بين الأطراف اليمنية للتمزق اليمن الواحدة إلى شطرين أحدهما محتل من قبل المليشيات الانقلابية الحوثية وعاصمته صنعاء ، بينما عدن العاصمة المؤقتة للمناطق المحررة بقيادة الحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دوليا.
خسائر بشرية كبيرة وجراحات لم تندمل بعد واعاقات مستدامة وألم مستمر خلفه الانقلاب المشئوم في اليمن.
الحرب خطف الآمان..
انفجرت ينابيع الحرب ببلاد يعاني أساسا من نقص حاد في الخدمات السياسية وكذا يعاني من أزمة إقتصادية متفاقمة ، وحكم مركزي ضعيف ، ونظام صحي وتعليمي متهالك ومعطل ، ليسلب الآمان المتبقي للمواطن اليمني ، حيث ينام على أصوات المدافع والقنابل الموحشة ليصحا على صوت انفجار يخطف في الغالب اخ حميم او صديق قريب ، هذا إن حالفه الحظ ولم يكن هو احد الضحايا.
زرع الحرب الرعب في قلوب المواطنين حتى في المناطق المحررة من المليشيات الحوثية المستمرة في إرسال قذائف الموت القاتلة على الأحياء السكنية وصاص قناصاتها الشنيعة المترقبة للمواطنين الابرياء بالاحياء والطرق مما جعل المواطن اليمني يترقب الموت بأي لحظة.
أزهق الحرب أرواح أكثر من 10 ألاف يمني وسلب صحة أكثر من 60 ألف مواطن وما زال النزاع المسلح والإشتباكات والقذائف العشوائية مستمرة.
جرائم الحرب..
تستخدم المليشيات الحوثية عدة طرق تصنف بجرائم حرب وفي أعلى القائمة الألغام الأرضية المضادة للافراد المحظورة عالميا والتي أودت بحياة العديد من المارة الأبرياء وطايرت أعضاء العديد منهم لتجعلهم حبيسي المنازل والكرسي المتحرك بدون أي ذنب ناهيك عن ما تشكله هذه الألغام من تهديد للأبرياء حتى بعد انتهاء الصراع بوقت طويل وتحول دون عودة المواطنين إلى ديارهم.
المضايقات الحوثية..
تعمدت المليشيات الحوثية على استخدام الرعب لإركاع خصومها فقامت بخطف الأطفال وارسال قذائف الموت والصواريخ الباليستية على الأحياء السكنية خصوصا على مدينة تعز التي تعتبر ثالث اكبر مدينة في اليمن واكبر تجمع سكاني بشري، ناهيك عن المضايقات للنشطاء والصحفيين والحقوقيين وأبناء الطوائف كالطائفة البهائية وكل المعارضين لسياستهم.
كما هاجمت المليشيات الحوثية وأغلقت العديد من مقرات القنوات الفضائية سواء المحلية أو مكاتب القنوات والوكالات الأجنبية وأغلقت الصحف ودمرت الصحافة بشكل عام ان صح التعبير.
تدهور الوضع الصحي..
منذ ما قبل الحرب واليمن تعاني من تدهور في وضعها الصحي ، وافتقارها للمرافق الصحية المؤهلة ، وتدني الخبرة الطبية يصاحبه عجز في توفير الأجهزة الطبية المتطورة والعقاقير والأدوية اللأزمة، ولا شك فلن ترحل الحرب دون ان تترك طابعها المخيف على هذا الوضع الصحي الهش بالأصل.
تدهورت عدد من المرافق الصحية والمستشفيات التي كانت اساسا تعاني من مشاكل في البنية التحتية في حين توقفت 55% من المرافق الصحية عن العمل ،و 289 مرفقا دمر بالكامل من بينها 200 وحدة صحية ، تم نقل المرضى من مكان إلى أخر لإنقاذ أرواح بأجساد عليلة أثر الأمراض المزمنة مثل: الفشل الكلوي والسرطان نموذجا عن ذلك : مركز الآمل في النقطة الرابع الذي كان يعتبر الآمل الوحيد لمرضى السرطان في تعز والذي بني على يد فاعلين الخير في الداخل والخارج استهدفته المليشيات الحوثية التي تفوق السرطان خطرا بالقصف العنيف مدمرة جميع معداته فأضطر ان ينقل إلى مكان آخر مكافحا لإنقاذ المرضى.
المرافق الصحية والمستشفيات المتبقية لم تعد قادرة على استيعاب الجرحى والمصابين كما استغلت المليشيات الحوثية بعض المستشفيات وجعلتها مرافق خاصة لاستقبال جرحاها مثل مستشفى السبعين للأمومة والطفولة ومستشفى الكويت الجامعي في محافظة صنعاء وهذا ما أثر بدورة على الكوادر الصحية التي اضطرت إلى النزوح من مكان الحدث إلى الدول الأخرى بعدما أصبحت المشافي مدمرة وبالتالي تفاقم الوضع الصحي وأزداد سوءا جراء النزوح للكوادر الطبية ايضا.
يتنافس 5658 حالة مصابة بفشل كلوي مع مليون مصاب بالسرطان بالإضافة الى 60 ألف مصاب جراء الحرب على المستشفيات والمرافق الصحية للحصول على الخدمات الصحية المتبقية عله يخفف عنهم الآلام.
1200من مرضى الفشل الكلوى كانوا ضحايا الوضع الصحي المتدهور خلال 5 سنوات 200 الف شخص من الجرحى الذين يعجزون عن السفر لتلقي العلاج المتطور في الخارج رغم حاجتهم الماسة إليه وبطريقة أخرى تضرر المواطن البعيد عن الحرب نوعا ما كالساكنين بالأرياف او النازحين إليها أو المدن التي لم يطل الصراع فيها حيث أصيبوا بالأمراض والأوبئة والفيروسات الناتجة عن مخلفات الحرب وتراكم النفايات والتي خلفت خسائر بشرية ودهورت صحة العديد منهم ، حيث أن 2887 شخص أصيب بالدفتيريا والتي تسمى (الخانوق) وتوفى منهم 167 شخص و2500 شخص يموت بالكوليرا حيث يصاب بها 1,2 مليون شخص و972 شخص يموت بحمى الضنك وأصيب بها 24 الف شخص ، ونصف مليون أصيب بالملاريا في حين توفى فيها المئات.
خسائر بشرية هائلة تدفعها اليمن جراء الحرب ويوصفها (خيرت كابالاري ) المدير الإقليمي في منظمة اليونيسيف للشرق الاوسط أن اليمن (جحيم حي) وقال ايضا: يموت طفل كل عشر دقائق من الأمراض كان يمكن معالجتها وبسهولة.
الحديث يطول ويطول .. ولنا لقاء معك غدا بإذن الله في مثل هذا الوقت مع ما تبقى من .. جحيم حي.. واقع الحرب المؤلم في اليمن
الوضع الاقتصادي يشهد انكماشا تراكميا كبيرا في الناتج المحلي الإجمالي للـ 4 الاعوام من 2015 – 2018 حيث تخسر اليمن 54,7 مليار دولار جراء الحرب مما رفع نسبة الفقر في البلاد إلى 90% مقارنة ب 49% بعام 2014 وهذا ما اعجز الحكومة عن توفير رواتب للموظفين ، وانقطع الدخل وتوقف العمل حيث فقد حوالي 3 مليون مواطن عمله ومصدر دخله ،800شركة للمقاولات تتوقف بسبب الأوضاع الأمنية والاقتصادية المتدهورة، حيث ارتفعت الأسعار بشكل كبير مما رفع نسبة البطالة في اليمن إلى 75 % ، بإضافة إلى استمرار الصراع والجوع في الشريط الساحلي الغربي الأكثر فقرا في البلاد وحيث الكثافة السكانية مرتفعة جدا وزيادة عدد القتلى من الرجال وزيادة عدد النساء الكافلة للأسر حيث يقدر عدد اليتامى 79 الف طفل يمني يتيم.
تعتبر الأمم المتحدة أن اليمن يشكل أكبر أزمنة إنسانية في العالم حيث يواجهه 14 مليون شخص خطر الموت جوعا جراء تفشي الأمراض الفتاكة وازدادت الأوضاع المعيشية سوءا وعجزت الأسر عن توفير ابسط الاحتياجات الأساسية التي تمكنهم من العيش ما أسفر عن موت أكثر من 85 ألف طفل من الجوع ، 14 الف طفل يعاني من سوء التغذية الحادة وخصوصا دون السن الخامسة.
اضطرت بعض الأسر إلى دفع أطفالها للجبهات في المناطق الواقعة تحت سيطرت المليشيات الحوثية التي تسعى جاهدة لتجنيدهم حيث ان أكثر من 6700 طفل يقتل في الجبهات وما يقارب من 4000 طفل مصاب ، في حين لجأ الآباء ونظرا للوضع الصعب إلى تزويج بناتهم القاصرات الآتي لم يبلغن سن 15 حيث يقدر نسبة زواج القاصرات في فتره الحرب 40% .
وصرح المسؤول عن العمليات الإنسانية في الامم المتحدة (شيفن اوبراين ) أن 80% من السكان أي حوالي 24 مليون شخص بحاجة الى مساعدة غذائية او حماية من بينهم 14,3 مليون بشكل عاجل ، وحوالي 6 مليون يفتقرون إلى المياه والصرف الصحي والرعاية الصحية .
ألحقت الحرب الدمار والموت باليمن من جميع الجوانب فلم تكتفي بسفك الأرواح والتدمير الصحي والمعيشي بل حرمتهم ايضا من الحصول على التعليم سوى جراء توقف المدارس والمرافق التعليمية او تدميرها او بسبب سوء الوضع الاقتصادي حيث اضطر العديد من الأطفال لمغادرة المدارس والالتحاق بالأعمال وهناك حوالي مليوني طفل لم يستطع الالتحاق بالتعليم اساسا.
اذا تجولت في شوارع اليمن وتحديدا شوارع تعز ستلاحظ اكتظاظها بالسيارات والباصات المركونة سوا جراء تدمرها بالقذائف الساقطة عليها عشوائيا او تعمديا والتي كانت تعتبر مصدر دخل اسر كاملة، او جراء ضعف الدخل والإرتفاع الكبير في اسعار الوقود.
اما أحياؤها سترى سكانها يتزاحمون حاملين صفائح زيت الطعام الصفراء الفارغة منتظرين دورهم للحصول على المياه المقدمة من أحد المنظمات الإنسانية المركونة على مداخل الاحياء وطابور آخر أحرقت الشمس جلودهم جراء انتظارهم لساعات طوال للسلال الغذائية المرسولة اليهم من المنظمات الدولية الإنسانية لإغاثتهم وإطعامهم من الجوع.
الحوثي والوضع الإنساني..
أدركت الامم المتحدة الوضع الكارثي الذي حل باليمن ولم تستطع ان توضع الحد بحل سياسي آمن للحرب التي أكلت أوزار البلاد ، أرسلت المنظمات الإنسانية لإنقاذ الوضع الإنساني وللحد من انتشار المجاعة بسلال غذائية للأسر الفقيرة والتي هي تقريبا جميع سكان اليمن إلا ان عدو الإنسانية المتمثل بمليشات الحوثي صادرت الكثير من المواد الغذائية والإمدادات الطبية ومنعتها من الوصول إلى السكان المحتاجين وقامت ببيعها في الأسواق.
مليشيات الحوثي الانقلابية انقلبت وقلبت اليمن رأسا على عقب ، ارتكبت أبشع جرائم الحرب بحق المواطنين ولم يستخدم عليها دوليا سوى الادانات دهورت الأوضاع ودمرت البلاد من كل الجوانب حتى المرأة والطفل لم يسلموا من جرائمهم هذا وهم من تستثنيهم كل قوانين الحرب في العالم ، مارسوا العنف مع النساء وعاملوهن بطريقة لا يرضى بها اي دين او عرف استهدفتهم في اكثر من مكان مثل اماكن تجمع الأعراس او السجن المركزي مرخرا وغيرها من تجمعات النساء.
في الأخير يتساءل المواطن اليمني إلى أين يريد ان يصل الحوثي بهذا التعسف والجرم الشنيع بحق المواطنين ،.. فنقول لك بلساننا شعب اليمن “ياحوثي لابد أن تحصد ما زرعت من أعمالك الاجرامية ولو بعد حين”.
المصدر : نافذة اليمن