سالم فرتوت
تعلق مصيرهم تلك الليلة من ليالي سني السبعينيات بها.كانوا فرحين! ففي ذلك اليوم وقع رئيسهم اتفاقية الوحدة اليمنية الأولى .
كانوا خمسة شباب مراهقين يدرسون في إعدادية مدينة جعار،ويسكنون في قسمها الداخلي . وشأن فئات أخرى كان يتعين على طلاب القسم الداخلي حراسة المدينة.
وتلك الليلة كانت نوبة دوريتهم ،لفوا المدينة الصغيرة شارعا شارعا، لم يدعوا زقاقا إلا مروا به، في ضاحيتها الخلفية، سلاحهم بندق تشيكي عتيق.معلق على كتف رئيس الدورية
وعندما انتصف الليل وبينما هم يسيرون في شارع جمال الذي تنتهي عنده المدينة غربا،وقعت أعينهم على (اتان) يتخلل لونها الأبيض لون رمادي كانت تقتات من مقلب قمامة يقع في طرف الشارع شمالا
كانت المدينة مستسلمة لنوم عميق لم يزعجه صحوهم.فجأة هتف رئيس المجموعة الطويل باحتفاء:(حمار )! وفرح الجميع وسبقهم إليها،وهو يغني:(باحبيبي إيه إيه أجمل من ليل واتنين زينا عاشقين).ومن فرحته بالأتان جرى ليسبق رهطه إليها. ولكي يتخفف من البندقية التي في عهدته انتزعها من على كاهله وعلقها بعنق الأتان الذي رفعه للأعلى بحنو ك مستهام وهو يقول :(هذه شبكتك ياحبيبتي).وانتظر رفاقه دورهم وهم يتضاحكون ويقول كل واحد منهم:(انا بعده)،وقبل أن يوغل الرفاق في الخلاف حدث مالم يكن بالحسبان،ففجأة ترفس الأتان عاشقها الأول في بطنه حتى فقد نفسه! وترفع قائمتيهاالخلفيتين مهددة متوعدة قبل أن تجري بأقصى ماتستطيع من سرعة،ولسان حالها يقول:(لايعاشرالحمار إلا حمار!)وينتيه الرفيق ( ك) قبلهم إلى أن مصيرهم جميعاً تعلق برقبة تلك الحمار! فيجرون بعدها لكن الأتان كانت فص ملح وذاب)-على حد بعض التعبيرات-
تلفتوا يمينا ويسارا، وبدأوا ينتقدون رئيسهم ،قال (ن) البدين:(علقت مصيرنا برقبة حماره ،ياحمار) .وقال ص، وهو فتى ربعة نحيل:(خلاص ضعنا )!وخاطب م البدوي أمه البعيدة عنه:(ها وابت جعموم ماابنش رعيه لاع واهابوي واأماه نا اعرفش أنش لعيفه )-ضعيفة-و(ز) اليافعي عبر عن خوفه بقوله :(وعوه وعوه حسني ماشي اسكي سير).
وقال واو التعزي :(ماأروع هذا المصير الذي تعلقتم به، يارفاق)!
(ياجماعة، انتشروا! على أن نلتقي في نفس المكان).هتف بهم رئيس الدورية، وانتشروا يبحثون في المدينة، ومايلبثون ان يلتقوا بعيون متوجسة خوفا. وقال رئييسهم :(ايش هذي الحمار جنية)؟ ورد عليه ( ق) :(مش تقول لنا الجن خرافة عجيز ).
ومضت ساعات وهم يجوبون المدينة بحثا عن البندقية التي هربت بها تلك الأتان،ثم قرروا اليحث عنها في ضاحيتها الخلفية المسماه(حافة قدر الله)، مضوا إلى أطرافها ولمحوا حماراتشبه أتانهم مربوطة إلى وتد بالقرب من ببيت قشي ،عاينها الرئيس فإذا بها ليست التي علقوا مصيرهم بها .تلك ضالة كعاهرة !
اتجهوا شرقا، وغربا ،وجنوبا ،عادوا واتجهوا شمالاً، وإذا بالحمار تغادر حقل ذرة يقع خارج الضاحية وقد شبعت فنهقت ،فانقضوا عليها جميعا،لكمها رئيس الدورية في وجهها العابس وهو يقول:(تفدي المدعس حقي ياحمار)!وكادت ان تعضه ،أمسك احدهم برقبتها ،وخلع (ع )قميصه وقيدها من قائمتيها الخلفيتين فاستسلمت لهم على مضض،ثم ركلها( ع )ركلة موجعة بمؤخرتها، وفك قميصه من عقدته بقائمتها اليمنى ،وعندما هم بفكه من اليسرى رفسته في وجهه عند العين فورمت عينه !وولت هاربة ولسان حالها يقول:(ماحديعلق مصيره بحمار)!
16 أبريل 2020