كريتر نت / كتب – عهد الخريسان
في الدول الواعية يعرفون قيمة شهدائهم وجرحاهم الذين نزفت دماءهم وقدمت تضحياتهم قرابين للشرف والكرامة والخلاص ، يقدرونهم لإنهم سيمفونية الحرية ونشيد الأمل و رمز الخلاص ودافع التغيير والبناء ،لإنهم مصابيح أضاءت الدجى للشعب بأكمله وأنتصرت لإرادته و سطرت بتلك دماء عهد الأمل الجديد لأمة أصرت أن تبقى كما تريد هي لا كما يراد لها البقاء .
لكن في بلدنا وبلأخص في حوطتنا المنسية نجد واقع مغاير فأبنائها يستشهدون وجرحاها يتألمون وقصص عذاباتهم لا تنتهي فهذا قعيد أصابه الشلل والاخر تعفن جسمه و الثالث أضحى يتمنى الموت و يدرك أن يد عزرائيل أشد حنوا من أيادي مسؤوليهم الذين لولاهم لما جلسوا على كراسيهم و إنتفخت كروشهم و امتلئت أوداجهم !!!
الحوطة المنسية تخرج كل يوم قصة من قصص أحزانها المدفونة بين ركام الاهمال والتجاهل !!.
رمزي علي جعبل عليون 32 عام يروي قصته ومعاناته ويصف الامه التي بدات في صباح يوم تسللت فيه قوات حوثية عبر الأجزاء الغربية من مدينة الحوطة أبان حرب 2015 ليتصدى لها مع رفاقه ويدحروهم بعد أن أستشهد عدد من الشباب بينما أصيب هو بطلقة من قناص كان يعتلي احد البنايات الحكومية أصابته في العمود الفقري مما أدى الى إصابته بشلل في الأطراف السفلية تلقى بعدها العلاج في الاردن وعاد بتوصيات طبية تستلزم فاتورة طبية لم يستطيع توفيرها دائما ، علاجات ومستلزمات ضرورية بدونها ينقطع الدم عن أطرافه والجرح الصغير يكبر ويكبر الى حد التعفن وتصبح أطرافه مهددة بالبتر بعد الشلل ، وهنا صرخة تطلقها الحوطة المنسية عن إبنها الجريح وعن أمثاله ونداء الى التحالف والشرعية لتفتح ملف جرحاها وجرحها النازف ، فهل إفتتاح مكتب الشهداء والجرحى فيها هو منتهى الأمر وهل الرقم العسكري والراتب الهزيل هو أكثر ما يريح ضمائركم ؟! أين المسؤولية القانونية والاخلاقية تجاه من قدم روحه ومصيره لتنعموا بمثل ما تنعمون به اليوم !!
هذا الجريح ما هو الا نموذج للسقوط الإنساني ومثال على إنحدار القيم والحس الوطني فلم تشفع كل مناشداته في لفت أنظار المسؤولين الى حقيقة معاناته فهو لم يطلب منكم أموال ولا مناصب ولم يطلب سياحة أو رفاهية بل طلب أن توقفوا جرحاته التي تعفنت وأصبحت تنهش في جسده بعد أن لاذ بمكتب الجرحى الذي وقف عاجزا أمام حالته بسبب أن مهامه فقط إدارية تتمثل في الرصد والتوثيق ولا امكانيات لديهم للسفره وعلاجه ، ثم السلطة المحلية بالمحافظة التي احالته الى مستشفى ابن خلدون العام الذي عجز عن التعامل مع حالته الصحية ونصح بنقله الى الخارج لتلقي العلاج اللازم ليدخل في دوامة التقارير واللجان التي لن تنتظرها جراحه .