كتب – د. عيدروس النقيب
لست بحاجة إلى تكرار ما قلته وقاله الكثيرون من قبلي ومن بعدي عشرات المرات، تعبيراً عن الثناء والامتنان للأشقاء في التحالف العربي، لمساهمتهم في صد العدوان الانقلابي في العام 2015، ودعم المقاومة الجنوبية حتى تحرير مناطق الجنوب من هذا العدوان ومن الجماعات الإرهابية والمساهمة في بناء قوات جنوبية مؤهلة للتصدي للتحديات الماثلة أمام الشعب الجنوبي ، ولا عن أهمية وقيمة الانتصار الجنوبي في سياق ما جرى التعارف عليه بعاصفة الحزم وأهدافها التي لم يتحقق منها إلا هذا الانتصار، وشيئٌ مما تبقى من انتصار قبائل مأرب في منع سيطرة الانقلابيين على محافظتهم في العام 2015م.
لست بحاجة إلى كل هذا لأن تكراره لا يعدو أن يكون تحصيلا لما هو حاصل..
ما نحتاجه اليوم هو التوقف الجاد أمام معضلة الفشل الذريع لآهداف ومقاصد التصدي للمشروع الإيراني عبر عمليات التحالف العربي، وذلك من خلال الرد على الأسئلة التالية:
– ماذا جنى المنتصرون مقابل انتصارهم؟
– وماذا خسر المهزومون والمتحاذلون جراء هزائمهم وتخاذلهم؟
إن مراجعة صغيرة وسريعة لحساب الخسارة والفائدة تقول لنا أن المنتصرين لم يحصدوا من انتصارهم هذا سوى سرقةهذا الانتصار من قبل طفيليات الشرعية بمقابل عقاب جماعي جرى فرضه على الشعب الجنوبي متمثلٍ في الحرب المباشرة وحرب الخدمات وسياسات التجويع، المفروضة على هذا الشعب المتورط في صناعة النصر، وأن صناع الهزائم ومنتجي الخيبات يحظون بالتقدير والاحترام وحسن الضيافة والإغداق عليهم في ما لا يحتاجون من الخدمات المجانية مقابل تسليمهم محافظات بكاملها للجماعة الانقلابية.
أيها الأشقاء في التحالف العربي:
لا تدفعوا الجنوبيين إلى الندم على اللحظة التي وقفوا فيها في صفكم وقدموا أرواح ودماء أبنائهم من أجل نصرتكم! فالجنوبيون لم يقفوا هذا الموقف من أجل أن يحصل الواحد منهم على سلة أو حتى ألف سلة غذائية، وإنما من أجل العزة والعيش الكريم والحياة الآمنة المستقرة، وكل هذه ليست مطالبَ تعجيزيةً.
أيها الأشقاء الكرام!
لا تدفعوا ملايين الجنوبيين إلى تصديق ما يقوله متنفذو الشرعية المقيمون في دياركم وما تكرره وسائل إعلامهم، بأن دولتي التحالف العربي إنما دخلتا اليمن من أجل تدميرها وتقاسم مواردها وتحويلها إلى كيانٍ معوقٍ عاجزٍ عن إدارة أرضه والتصرف بثرواته وخدمة أبنائه.
وكي لا يقال أنني أتجنى على أحد أدعوكم إلى قراءة كتابات مثقفيهم، الذين يتلقون المكافآت من داخل الرياض، وإلى متابعة قنواهم الفضائية التي يديرها أصحابها من الرياض، حتى وإن كانت تبث من اسطنبول أو سواها.
أيها الأشقاء!
نحن لا نطلب منكم معاقبة من خذلوكم وتاجروا بدعمكم وصاروا مليونيرات ومليارديرات بفضل هذا الدعم، ولا إلى إخراجهم من دياركم وهم يدعمون المنظمات الإرهابية ويديرون عملياتها ويمولونها، ولا إلى الكف عن الإنفاق عليهم، ولا إلى معاقبة من سلم فرضة نهم ومحافظتي البيضاء والجوف، ومديريات محافظة مأرب للحوثيين، واكتفى بمديريتين في هذه المحافظة .
كل هذا لا نطلبه منكم، كما لا نطلب منكم بناء محطات الكهرباء وخزانات الوقود والمستشفيات وصيانة شبكة الصرف الصحي ودفع مرتبات العاملين والمقتاعدين.
ما نطبه منكم هو أحد أمرين:
إما أن تجبروا ضيوفكم على القيام بواجبهم تجاه الشعب في الجنوب، ورفع معاناة أبنائه والكف عن شن الحروب المختلفة ضده باعتباركم تستضيفونهم وتمولون أنشطتهم، وتشرفون على تنفيذ ما يوقعونه من تعهدات ومواثيق .
وإما إطلاق أيدي الجنوبن ليديروا أمورهم ويستخدموا ثرواتهم االمنهوبه للإنفاق على حاجاتهم الضرورية وأهمها الماء والغذاء والدواء والوقود والكهرباء والخدمات البلدية,.
وأخيراً أيها الأشقاء تحالف الجنوبيين معكم ليس شيكا على بياض ولا هو هبة مجانية منهم لأحد، أو صفقة تمت عن طريق الاستغفال والاستغباء، بل إنه تحالف قائم على المصالح والحقوق المشتركة والواجبات المشتركة، فارجوكم أوقفوا السلال الغذائية وشكرا لكم فيما يخصها، لكن دعوا الجنوبيين يتصرفون بمواردهم بما يخدم مصالح شعبهم طالما عجز ضيوفكم عن القيام بأبسط واجباتهم، التي يقولون أن الدستور يلزمهم بها.