تقرير / كريتر
يتصاعد التوتر بين أوكرانيا وروسيا منذ احتجاز حرس الحدود الروسي لثلاث سفن أوكرانية في مضيق كيرتش الذي يفصل بحر آزوف والبحر الأسود، في 25 تشرين الثاني/نوفمبر.
الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو فرض الأحكام العرفية في بلاده، متحدثا عن احتمال نشوب حرب شاملة مع روسيا. ومن جهته حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كييف من مغبة تحرك “متهور”.
وهذه المواجهة الأولى بين موسكو وكييف منذ أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم إلى أراضيها في 2014، واندلاع نزاع مسلح في غرب أوكرانيا بين القوات الأوكرانية والانفصاليين الموالين لروسيا، الذي خلف أكثر من 10 آلاف قتيل وحوالى 1.7 مليون نازح.
وطالب الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو الخميس الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، نشر سفن حربية في بحر آزوف دعما لبلاده في مواجهة روسيا، على خلفية توترات شديدة مع موسكو إثر احتجاز القوات الروسية ثلاث سفن أوكرانية في بحر آزوف.
دعا الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو الخميس الدول الأعضاء بحلف شمال الأطلسي، وخصوصا ألمانيا، إلى نشر سفن حربية في بحر آزوف دعما لبلاده في الأزمة مع روسيا.
وفيما عبر الاتحاد الأوروبي الأربعاء عن “قلقه الشديد” حيال “الزيادة الخطيرة” للتوترات بين روسيا وأوكرانيا في بحر آزوف، غير أنه لا يعتزم اتخاذ إجراءات عقابية للرد على العملية العسكرية الروسية ضد ثلاث سفن أوكرانية.
وفي بيان أصدرته وزيرة خارجية الاتحاد فيديريكا موغيريني بعد ثلاثة أيام من المناقشات، قالت حكومات الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد “نشعر بالاستياء حيال هذا الاستخدام للقوة من جانب روسيا، وهو أمر غير مقبول في سياق من العسكرة المتزايدة في المنطقة”.
وحذرت الدول الـ28 في بيانها من أن “الاتحاد الأوروبي سيواصل مراقبة الوضع عن كثب، وهو مصمم على التصرف بشكل مناسب وبالتنسيق الوثيق مع شركائه الدوليين”. داعيا موسكو إلى “ضمان مرور حر وبلا عوائق عبر مضيق كيرتش من وإلى بحر آزوف، وفقا للقانون الدولي”.
كما دعت الدول الـ28 جميع الأطراف إلى “أقصى درجات ضبط النفس”، قائلة “في هذا السياق، نحض روسيا بشدة على الإفراج بدون قيد أو شرط وبلا تأخير عن السفن التي تم احتجازها وعن طاقمها ومعداتها”.
بوروشنكو: بوتين يريد احتلال بحر آزوف
من جهته، صرح بوروشنكو لصحيفة “بيلد” الألمانية “ألمانيا واحدة من أقرب حلفائنا، ونأمل أن تكون هناك دول في حلف شمال الأطلسي جاهزة حاليا لإرسال سفن إلى بحر آزوف لمساعدة أوكرانيا وضمان الأمن هناك”. معتبرا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “لا يريد شيئا سوى احتلال بحر (آزوف). اللغة الوحيدة التي يفهمها هي وحدة العالم الغربي”.
وقال بوروشنكو “لا يمكننا قبول هذه السياسة العدوانية لروسيا. أولا شبه جزيرة القرم، ثم شرق أوكرانيا، والآن يريد (بوتين) بحر آزوف”. مضيفا “بوتين يريد عودة الإمبراطورية الروسية القديمة. القرم، الدونباس، يريد البلاد بكاملها (أوكرانيا)”.
في المقابل، أكد بوتين الأربعاء أن قوات بلاده “قامت بواجبها العسكري” بعد احتجاز السفن الأوكرانية الثلاث. وفي أول تصريحات موسعة له منذ المواجهة في البحر الأحد، قال بوتين إن ما حدث كان من تدبير كييف ووصفه بأنه “استفزاز”.
والأربعاء دخل قانون الطوارئ في المناطق الحدودية بين أوكرانيا وروسيا حيز التنفيذ، بعد توقيع الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو عليه، فيما أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن خفر السواحل الروس أدوا “واجبهم العسكري” حين اعترضوا ثلاث سفن حربية أوكرانية في بحر أزوف الأحد الماضي.
وتم وضع 15 بحارا أوكرانيا من أصل 24 تم احتجازهم، الثلاثاء قيد الحجز الاحتياطي المؤقت حتى 25 كانون الثاني/يناير بتهمة عبور الحدود الروسية بشكل غير شرعي، وسيمثل الآخرون أمام القضاء الأربعاء. ويواجه البحارة الأوكرانيون عقوبة الحبس لمدة قد تصل إلى ست سنوات بتهمة عبور الحدود الروسية بصورة غير شرعية وعدم الالتزام بأوامر خفر السواحل الروس .
خمس حقائق عن النزاع الأوكراني الروسي حول بحر آزوف
توترت العلاقات بين أوكرانيا وروسيا على خلفية رفض خفر السواحل الروسي عبور سفن تابعة للبحرية الأوكرانية في مضيق كيرتش قبالة شبه جزيرة القرم. وقامت القوات الروسية على إثر ذلك باحتجاز ثلاث سفن أوكرانية. خمس حقائق عن النزاع.
ماذا حصل؟
البحرية الروسية قامت الأحد الماضي في مضيق كيرتش بمنع ثلاث سفن حربية أوكرانية من العبور عبر بحر آزوف. وهذا المضيق يقع بين اليابسة الروسية في الشرق وشبه جزيرة القرم في الغرب التي ضمتها روسيا في 2014. وتفيد الرواية الرسمية الأوكرانية أن السفن كانت متوجهة من أوديسا في البحر الأسود إلى ماريوبول في بحر آزوف. وقالت قيادة البحرية الأوكرانية إن الجانب الروسي تم إبلاغه بالرحلة.
وهذه الرواية تنظر إليها موسكو من زاوية أخرى، إذ اعتبرت أن السفن الأوكرانية دخلت المياه الإقليمية الروسية بصفة غير قانونية، كما يفيد جهاز الاستخبارات الداخلية الروسية الذي هو أيضا مسؤول عن حماية الحدود. وصدرت التعليمات للسفن الأوكرانية كي تتوقف، إلا أنها لم تستجب.
وفي خضم هذا الخلاف صدمت سفينة خفر السواحل الروسي سفينة أوكرانية وألحقت بها أضرارا جسيمة. وبعدها لجأت القوات الروسية إلى مصادرة السفن الأوكرانية واحتجازها بسبب خرق الحدود. وذكرت البحرية الأوكرانية أن ستة جنود بحرية أوكرانيين أصيبوا بجروح.
لماذا يكتسي مضيق كيرتش أهمية كبيرة؟
طريق كيرتش هو الرابط الوحيد بين البحرين، وعبرها فقط يمكن الوصول إلى الميناءين الأوكرانيين المهمين ماريوبول وبيرديانسك. ويُعتبر الطريق البحري ذو أهمية قصوى بالنسبة إلى ماريوبول في شرق أوكرانيا بمصنعيه لإنتاج المعادن. ومنذ ضم شبه جزيرة القرم، في 2014، تراقب روسيا المضيق البحري من الجانبين، ما يصعب حركة المرور بالنسبة إلى السفن الأوكرانية.
وظهرت انعكاسات المراقبة الروسية بعد إنجاز جسر القرم في مايو 2018. فالقنطرة تربط اليابسة الروسية بشبه الجزيرة القرم. وتفرض سلطات الأمن الروسية إجراءات تفتيش على السفن الأوكرانية قد تستمر أحيانا أياما. كما أن الحرب في منطقة دونباس تتسبب في متاعب إضافية للموانئ الأوكرانية.
نزاع حول القانون البحري
وعلى إثر هذا التصعيد تتبادل أوكرانيا وروسيا الاتهامات بسبب خرق القانون البحري الدولي. ويستند الجانبان في موقفهما إلى اتفاقية القانون البحري الدولية المبرمة في 1982 والتي انضم إليها البلدان في 1990. وفي الوقت الذي تشدد فيه أوكرانيا على أساس هذه الاتفاقية على حرية التنقل في طريق كيرتش وكذلك في بحر آزوف، يحاول الجانب الروسي وضع حدود إقليمية. كما يوجد بين البلدين اتفاق ثنائي حول الاستخدام الحر لطريق كيرتش وبحر آزوف. وهذا الاتفاق تستند إليه أيضا كييف، كما أن موسكو لم تلغ العمل به أبدا.